من فعل هذا بمدرستنا يا مدير

عندما تُغذى عقول الأطفال بالكراهية والنزعة العدوانية ، فصدق أو لا تصدق ما يكون .. ضمن سلسلة الاعتداءات التي مورست بشكل ممنهج على المدارس بحجة النضال السلمي .. حصل بثانوية مدودة مالا يقبله العقل .. نريد أن ََيحكم القاريء بعقله لا بعواطفه : في نهاية فبراير الماضي أغلقت هذه الثانوية كبقية المدارس تجنباً للفوضى المتوقع حدوثها ، وبعدما انتهت فعاليات الحراك ، جاءت إدارة المدرسة لتفتح المدرسة ولتبدأ الدراسة بها ، فوجدت إطارات مشتعلة بالنار أمام المدرسة وأحجار تمنع فتح البوابة ، لكن الإدارة تمكنت من فتح المدرسة ، ولما بدأت الدراسة بها ، فإذا بالحجارة { الرزوم} تنهال من خارج المدرسة على صفوف المدرسة والمعلمين بها من قبل بعض طلاب المدرسة وآخرين ، الأمر الذي جعل مدير المدرسة يوقف الدراسة ويجمع الطلاب ويخبرهم بأن الدراسة استمرت بالمدارس الأخرى ، وسألهم ألا يكفيكم أربعة أيام ؟.. ولكن لسان حال الطلاب رد { نريد أسبوعاً آخر}، وفي ظل عدم مبالاة الأهالي بما يدور داخل تلك الثانوية ودورهم السلبي ، وتجنباً من الاصطدام مع الطلاب ، اضطرت إدارة المدرسة إلى تعليق الدراسة مرة ثانية حتى إشعار آخر، وكرد اعتبار لحرمة المدرسة ومكانة المعلم ، قرر المجلس المدرسي فصل عدد من الطلاب بعدما ثبت بأنهم قاموا برمي صفوف المدرسة بالحجارة والدراسة تسير بها ، وأنه من غير المنطق أن ُيقابل المعلم طالباً في الصف وهو الذي كان يرميه بالحجارة

يقال أن الحراك بالمنطقة بريء من هذه الأفعال ، براءة الذئب من دم أبن يعقوب .. لذا أبدى حرصه على الطلاب وأظهر غيرته على التعليم !!{ الله أكبر}!!، ونظم وقفة احتجاجية مستنكراً توقف الدراسة بتلك الثانوية وقرارات المجلس المدرسي ، وربما اعتبرها تعسفية ضد أبنائه الذين يناضلون بطريقة سلمية بحتة ضد الاحتلال !!،{ ولسان حاله يردد مستغرباً { من فعل هذا بمدرستنا يامدير}، فرد عليهم لسان حال العقل والمنطق قائلاً لهم: { فعله الذي غرس في الطلاب ثقافة الكراهية ونزعة العدوانية هذه ، لو كنتم تدركون!!!}،

ورغم استمرار الدراسة بمدارس مناطق وادي حضرموت ومدنه ، إلاّ أن مناضلي هذه المنطقة أبوا ألاّ أن توقّف الدراسة بهذه الثانوية أسابيع ، ولما ُفتحت المدرسة.. فإذا بأبوابها ُكسّرت .. و مكاتب المدرسة بعثرت .. وأدراج طاولات المعلمين أُنزلت .. وفي فناء المدرسة ُرميت.. ومراحيض حماماتها هُشِّمت .. ومواسير المياه بطريقة وحشية ُقلعت.. فأي ذنب هذه المدرسة هُدمت .. فهل من أجل الاحتلال ُبنيت ؟!! .

و بعد فوات الأوان جاء الأهالي عشاءً يبكون .. وعلى الفوضة هم متلكئون .. وكأنهم على التعليم هم غيورون.. ومن توقف الدراسة هم منزعجون .. اجتمعوا بإدارة المدرسة لمناقشة هذا الوضع المخزي والمعيب!!، وأثبتت إدارة المدرسة حسن نيتها وخفضت العقوبة على الطلاب المفصولين ، إلى اعتذار أولياء أمورهم ، ولكن بعض من أولياء الأمور أخذتهم العزة والإثم ، ولم يقبلوا بالاعتذار وربما اعتبروه خيانة للنضال السلمي المشرف الذي يقوم به أبناؤهم ، وأثناء ذلك الاجتماع تجرّى أحد طلاب المدرسة المناضلين واقتحم مكان الاجتماع وخاطب المجتمعين دون حياء ودون مراعاة واحترامِ لمعلميه ولأبسط الآداب التربوية و قال بعنترية: { عاد هذا المدير بغينا با نحاكمه} لله دركم على هذا النضال السلمي المشرّف !!!.

- أي نضال سلمي يعتدي من خلاله الطلاب على مدارسهم ومعلميهم بشكل مبرمج ، دون أن يحرك العقلاء وقادة المناضلين السلميين ساكناً .

- عندما تُغذى بالعدوانية العقول .. توقع غير المعقول ؟! .. في إحدى المدارس الأساسية ، وعندما لم يدخل الطلاب الصفوف قام كالعادة أحد المعلمين بأخذ العصا كي يدخل الطلاب الصفوف ، عندها هدد بعض الطلاب للصفوف الكبرى ذلك المعلم وقالوا له: أنت في الكشف: سنحرق بسطتك لأنهم يعلمون أنه ُيحسِنْ معيشته من خلال هذه البسطة ما بعد الدراسة ، فرد عليهم المعلم أنتم الآن متهمون في أي شيء سيحصل لي .. بل وصل الأمر أكثر من هذا ، عندما ُكتب على الجدران الخارجية لإحدى ثانويات مديرية سيئون هذا الشعار، الذي يحرّض الطلاب على المعلمين، ويثير ضد من يعلمهم ثقافة الكراهية والهمجية، ويصف المعلمين بكلمات تقشعر منها الأبدان ، وتتنافى مع قيم وتاريخ حضرموت ، الشعار المخزي يقول{ ثورة ثورة ياطلاب* لا تخافوا من الكلاب } الله أكبر.. أهكذا يعامل الطلاب معلميهم ؟!.. أكاد المعلم أن يكون رسولاً أم قتيلا !!.. أهكذا ُيبنى جيل متحضر من أجل استعادة دولة الجنوب المدنية ؟!.. أم أن الهدف هو استعادة دولة الجنوب ولو بثقافة غير الجنوب !!.

- منطقة مدودة بها شخصيات اجتماعية معروفة بفضلها منذ القدم ، ولكن ربما لو تحركت لإبداء رأيها حول ما يحصل ..ربما لصُنفت هذه الشخصيات ولأوذيت كغيرها!!.

- أولياء الأمور لم تتحرك لهم طرفة عين عندما ُكسّرت المدرسة، ورُميت صفوفها بالحجارة والمعلمين بها، وانزعجوا فقط عندما جمدت إدارة تلك الثانوية الدراسة وعاقبت الطلاب المتسببين .. لا ندري لعلهم يعتقدون أن أفعال أبنائهم العدوانية تلك، شكل من أشكال النضال السلمي يفتخرون به !! .

- من المستفيد أيضاً عندما ُتكسر المدرسة بهذه الطريقة الهمجية غير الحضارية وكأن المحتلين بداخلها .. وهل بنيت هذه الثانوية من أجل المحتلين ؟! وهل تكسيرها سيتضرر منه ذلك المحتل ، أم إنها إساءة لأهل المنطقة الطيبين ؟! .

- لماذا لا يتكلم مناضلو اليوم بموضوعية حول هذه الأمور؟ ، بل يحرصون على تصنيف كل من ينتقد هذه التصرفات، التي لا تشرف من يغذيها في نفوس الأطفال .. ألا يعلموا أن هذه النزعة العدوانية بعيدة كل البعد عن النضال السلمي ومعنى الحرية ، بل وتتنافى مع قيم وثقافة أبناء الجنوب وتسيء إلى القضية الجنوبية - إن كانوا يدركون -، وللأسف بدم بارد يرد بعض مناصري الحراك أو عقلائه قائلين: { هذه الأفعال بريء منها الحراك، وربما رفع بعضهم عقيرته وقال: { هؤلاء أناس مندسون في الحراك }، إذا كان الأمر كذلك نقول: لماذا لا تتبرأ قيادة الحراك علناً من هؤلاء المندسين المسيئون لهم ، وتعلن أيضاً براءتها من مثل هذه التصرفات الصبيانية ؟؟.. إن كانت صبيانية في نظرهم !! .

- ما الفائدة إذن عندما تحرق الإطارات جانب المدارس وهي مغلقة داخل هذه المنطقة البسيطة.. ولماذا لا ُينقل هذا النضال إلى المدينة ضد كبار المحتلين الذين ينعمون بالسلام والأمان ؟..

- أليس من الملفت للنظر والمضحك أيضاً أن لا ُتمس مدارس بعينها ، والغريب أنها قريبة جداً من تلك المنطقة ، ولم يتجرأ أحدٌ حتى على الاقتراب منها وإخراج أعلام الاحتلال التي عليها ، رغم أن الدراسة مستمرة بها دون توقف حتى أيام الاعتصامات ، لاندري لماذا هل لأن الهمجية ستُقابل ببالـ ...... والبادِ أظلم ؟!!

- ما الحكمة من سكوت الجهات الرسمية عن هذه التصرفات التي تطعن في حرمة المدارس والمعلم ؟ ، ومن المسؤل عن المعلم والمدارس ؟!

- إن العقول والله تحيرت.. بعض مناضلي ونشطاء الحراك أقوالهم لا تناسب فعل شبابهم .. بماذا نفسر كلام أحد نا شطي الحراك عبر "الفيس بوك" وهو الأستاذ رياض عباس الحامد: حين عرف بشجاعة نضال وسلمية الحراك قائلاً مخاطباً شباب وطلاب الحراك: لا تعتدوا على من لم يعتد عليكم .. ولا تأخذوا إلاّ من وجدتم متاعكم عنده .. وهكذا يجب أن نكون .. وهكذا يجب أن تكون ثورتنا .. للحق قامت .. وبديننا وأخلاقنا وثقافتنا وهويتنا نستحق أن نكون هكذا أهـ ..لله درك على كلام .. ولكن للأسف لسان حال شباب وطلاب ومناضلي الحراك يرد ويقول { قد أسمعت لو ناديت حياً ** ولكن لا حياة لمن تنادي } والسؤال الأهم : من غرس هذه العدوانية في هؤلاء الشباب ؟؟!!!.

أسمعوا وعوا وبالمنطق تكلموا .. وبالعقول لا بالعواطف حللوا فأنتم الحكم .. قد يبرر البعض بأن العصيان المدرسي بدأ به شباب ثورة التغيير.. نعم بدأ به شباب الثورة قبل ما يقارب السنتين تحت شعار{ لا دراسة ولا تدريس حتى يرحل الرئيس}، وكالعادة تبدأ حركة الثورات من المدرسة ، ونحن عايشنا ذلك الأمر بداية ثورة 14، ولكن هناك فرقاً بين أن تحصل هفوات من الشباب أو الطلاب .. وبين أن تكون هذه النزعة العدوانية منهجاً يسير عليه مناضلو اليوم ضد كل من يخالف ولو كان جنوبياً أو مربياً ، ولا تفرق هذه العدوانية بين المحتل و حرمة المعلم والمدرسة، كأنها مبدأ من مبادئ النضال وجب غرسها في عقول جيل اليوم !!! ...

بقلم : الأستاذ : سعيد بن زيلع

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص