سبعة أسابيع تمضي من عمر العام الدراسي، وأبواب المدارس في حضرموت ما تزال موصدة في وجه أبنائنا، بينما الفصول خاوية إلا من عددٍ قليل من المعلمين الذين حضروا بدافع الضمير، وسط غياب أي تحرك جاد من السلطة المحلية لمعالجة الأزمة بصورة عقلانية تحفظ كرامة المعلم ومستقبل الطالب معًا.
إنها أزمة تتجاوز حدود الرواتب والمطالب، لتكشف عن خللٍ عميق في إدراك قيمة التعليم ودور المعلم في بناء الإنسان والمجتمع. فحين يتوقف التعليم، تتوقف الحياة في عقول أبنائنا، وتتراكم الخسائر جيلاً بعد جيل، ويصبح ضياع الوقت هو ضياع المستقبل بأسره.
اليوم، أبناؤنا يعيشون فراغًا تربويًا قاتلًا، وبدل أن يكونوا في مقاعد الدراسة يتلقون العلم، يعيشون في حالة من اللامبالاة والضياع، بينما نرى المسؤولين يتبادلون الاتهامات ويتهربون من واجبهم الوطني والإنساني تجاه هذه القضية المصيرية.
لقد أصبح المعلم اليمني في حضرموت رمزًا للمعاناة والصبر، يقف بين واجبه المهني وحقوقه المهدورة، بين ضميره الذي يدعوه للعودة إلى طلابه، وواقعه الذي يفرض عليه أن يطالب بما يكفيه للعيش بكرامة. ومع ذلك، لا نرى سوى تجاهلٍ رسميٍ مؤلم، وكأن التعليم ليس أولوية ولا المعلم ركيزة الأمة.
إننا نحمل السلطة المحلية في حضرموت كامل المسؤولية عن استمرار هذا الوضع المأساوي، كما نحمل السلطة المركزية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة مسؤولية صمتها وتباطئها في معالجة هذه الكارثة. فالقضية ليست قضية محافظة بعينها، بل قضية وطن بأكمله يتآكل من الداخل حين يُهمل التعليم ويُهان المعلّم.
وإزاء هذا الواقع، فإننا ندعو العقلاء في المجتمع الحضرمي إلى التحرك العاجل والجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حلول منصفة تحفظ حق الجميع، فـالتمترس والعناد من أي طرف لن ينتج إلا مزيدًا من الخسائر، ولن يدفع ثمنها سوى أبناؤنا ومستقبلهم.
لقد آن الأوان أن نرتفع جميعًا إلى مستوى المسؤولية، وأن ندرك أن التعليم ليس ساحة صراع بل قضية وطن ومصير جيل. فحين يُطفأ نور التعليم، يُظلم طريق الوطن بأسره.
وحضرموت، التي كانت يومًا منارة علمٍ واستقرار، تستحق أن تبقى كذلك، لا أن تُذكر في سجلات التراجع والإهمال.