حضرموت اليوم / بقلم المهندس : محمد أبوبكر حسان
هذا الموضوع عبارة عن محاضرة ألقاها المهندس محمد أبوبكر حسان في مركز أبن عبيد الله بمدينة سيئون تحدث فيها عن السيد / حسن بن عمر بن شيخان أحد الدعاة والفقهاء والمربين بمدينة سيئون وتناول بعض الجوانب من حياة هذا العلم البارز باعتباره أحد الذين تتلمذوا على يد السيد / بن شيخان
المربي السيد حسن عمر بن شيخان الحبشي (1334هـ - 1416هـ )
دواعي اختيار الموضوع :
عادة مركز ابن عبيدالله يطلب مني الموضوع ويحدده ويحدد وقته ولكن هذه المرة أنا طلبت أن القي موضوعاً وحددت الموضوع وحددت وقته لماذا ؟
أ- لأ أودي بعض الحق الذي علي لهذا المربي والعالم الجليل لأنني ترعرعت عنده منذ سن السابعة .
ب- أنه لاقى من الإهمال في حياته وبعد مماته فصبر في حياته وأرجو أن يؤجر بعد مماته .
فيقول ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )
فلا يقول الناس أن الوفاء قد ذهب من الناس .
ج- لعل أحداً يتأسى به فأسلوبه في التربية يستحق أن يدرس وينشر.
د- أما اختيار الوقت فسببه أنه توفي في عشرين رجب 1416هـ فأردت أن تكون هذه الذكرى له وان شاء الله كل عام أحد تلامذته يذكرنا بسيرته .
بن شيخان الإنسان :
هذا العلامة قل نظيره في الأزمان المتأخرة من حيث حبه للعلم واجتهاده فيه والمثابرة على تدريسه ، وتواضعه وطريقة تربيته وننظر إلى أطراف من حياته :-
1- كيف يقضي يومه :
يصلي الفجر في مسجد طه بسيئون ثم يجلس إلى الشروق يستمع لقراءة تفسير الجلالين ثم كتاب إحياء علوم الدين ، ويوم الجمعة صحيح البخاري ، وبعد الإشراق يجلس في الجانب البحري من المسجد مستنداً إلى جدار المنارة يدرس الأطفال وفق سلم تعليمي في السلوك والتربية واللغة كل في كتابه حيث أول ما يبدأ في تدريس الرسالة للسيد أحمد بن زين الحبشي وهو مختصر البداية الهداية للغزالي ثم كتب الفقه المختصرة مثل سفينة النجاة وأبي شجاع والزبدُ الذي دائماً ما يستشهد بها ويحبها ويسميها بنت أحمد ثم كتب النحو الاجرومية وشروحها الكواكب الدرية وملحه الأعراب ثم الفية ابن مالك ويستمر في التدريس حتى الثامنة صباحاً بعدها يعود إلى البيت ليأخذ قسطاً من الراحة ومراجعة الكتب ثم يعود ثانية إلى المسجد قبل الظهر ويجلس في مكتبة المسجد مع مجموعة من العلماء منهم الأديب الفقيه العالم والمؤرخ الشاعر صالح بن علي الحامد والفقيه العالم عبدالقادر بن سالم السقاف ( الروش ) والسيد محمد بن عبدالرحمن السقاف ( المسلمان ) وغيرهم وبعد صلاة الظهر يعود إلى البيت ليرجع ثانية إلى المسجد بعد صلاة العصر ويجلس في موقعه وتكون القراءة عنده أيضاً متنوعة ومفتوحة لطلبه العلم من الشباب في كتب السيرة والتاريخ والحديث .
أما بعد المغرب فينتقل إلى القبلة بجانب المنبر ليدرس المنهاج بحضور مجموعة من الشباب والشيوخ وهكذا باستمرار لفترة خمسين سنه دون كلل أو تعب لا يغيب عنها إلا لمرض أو سفر حتى قال فيه الأستاذ التربوي الشاعر علي بن محمد بن عبدالرحمن السقاف ناظر معارف الدولة الكثيرية قصيدة منها هذه الأبيات :
وصدى دروسك تردد عالياً بين السواري البيض والجدران
من نصف قرن صامداً متطـوعاً كالفارس المجهول في الميدان
لم تلق تقديرا يليق بذلك المجهود بــل قــوبــلــت بــالــنــكــران
وعـــطـاؤك الــمـبذول لـلأجيال دفــاقــاً كـمثــل الـوابل الهتان
لا ترتجي أجرا ولا مدحا سوى أجـر الإلــه الـواحد الـمـنــان
2- أسلوبه في التربية :
له أسلوب جذاب في كسب الطلاب الجدد وغرس حب العلم فيهم وتمسكهم بالسنن :
أ- له طريقة جميلة في كسب الأطفال الصغار إلى الحلقة فما أن ترى عينه طفلاً جديداً في الحلقة حتى يسأل عن أسمه ثم يمدحه ويمدح أهله ويجعله بجانبه ولا يفتر من الثناء عليه ويستمر يجلسه بجانبه عده أيام ثم يطلب منه أن يحضر كتاب الرسالة ويقرأ له سطرين منها يومياً حتى يتحرك الطفل في القراءة وهكذا مع كل طفل جديد.
ب- طريقته في غرس حب العلم في الطالب دائماً ما يردد على الطلاب أحاديث فضل العلماء منها ( أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ) ( معلم الناس الخير تستغفر له الملائكة وأهل السموات وأهل الأرض حتى الحيتان في البحر تستغفر لطالب العلم ) وبما أن طريقته أن من قرأ في كتابه يمكن أن يغادر فهو يحفز الطالب أن يبقى فتره أطول فيقول للذي يريد أن يغادر الحلقة أن فلان حضر القراءة حقك وأنت ما تريد تحضر قراءته با يفرح منك لو سمعت قراءته فتضطر تجلس لتسمع قراءه زميلك .
ج- أما طريقته لان يتمسك الطالب بالسنن وخاصة سنه السواك فدائماً ما يسأل عن السواك ويمدح من يحضره ثم يقول لم يراه مع سواكاً أنت من جماعة السواك أو جماعة التمباك فيقول أنا من جماعة السواك ويرفع سواكه .
الجلوس من بعد الفجر حتى الإشراق وصلاة ركعتين يكررها يوميا ويحث عليها ويقول: هي كحجة وعمرة تامة تامة تامة وعملياً درسه تدريب عملي عليها ويسهل ذلك فيقول المرأة ستعمل الفطور للأولاد تذكر الله وهي تعمل تحصل على الأجر .
• ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتركها أبداً .
• ركعتي الضحى صدقة البدن 360 مفصلاً .
• أن تكون بوضوء دائماً وهو سلاح المؤمن.
د- تصحيح النية : التربية على النية الصالحة هذه يؤكد عليها مراراً في الجلسة وسيشهد بأبيات الزبد :
وصحح النية قبل العملي وأتي بها مقرونة بالأول
ويبين كم يعطي المسلم من الأجر بالنية الحسنة دون أن يعمل مجهوداً كبيراً ، فيكون أكله عباده اذا نوى نيته قبل الأكل.
وأن نوى بأكله القوى لطاعة الله له ما قد نوى
ويقول : أنت تريد أن تخرج إلى السوق الصباح أنوى أنك ستصلي الظهر في المسجد خطواتك تكتب لك .
3- أسلوبه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
له أسلوب جميل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمرة دخل على مركز الشرطة فوجد الملازم قائد الشرطة المدنية للدولة الكثيريه لابساً خاتم ذهب فقال له لو تهديه لزوجتك أو أمك ستفرح به فرحاً شديداً .
وإذا رأى من يحمل علبه سجائر يقول له إذا كنت بغيت مع فلان وفلان بذكر رجالاً ممن عليهم سيماً من الصلاح فهؤلاء جميعاً لا يدخنون التمباك وان بغيت مع فلان وفلان يذكر أناس معروفون بالتقصير فهؤلاء يدخنون التمباك . فبعضهم يقلعون عن التدخين والبعض الآخر يقول لا أستطيع أن أمتنع فيقول له: أنذر إذ مزيت حبة سجاره أن تصوم يوماً أو تصلي ركعتين أو تتصدق بمبلغ من المال .
4- شغفه في اقتناء الكتب :
من مقولاته ( بع الدار واشتر الأذكار )
أي بع دارك واشتر بثمنه كتاب الأذكار للنووي .
مره كان ذاهباً لزيارة نبي الله هود من تريم وكان لا يملك إلا أجرة السيارة التي ستنقله من تريم إلى هود والعودة وفي تريم رأى كتاب التحفة لا بن حجر فأشتراه بأجرة السيارة وذهب ما شياً إلى هود .
5- حبه لطلبته :
كان شديد الحب لطلابه يسأل عنهم إذا غابوا ويزورهم إذا مرضوا ويدعوهم إلى بيته إذا تيسر له لتناول وجبه الغداء فترى الفرحة والبشر في وجهه ووجوه طلابه، وكان يعزهم فمرة دعوته مع الأستاذ سعيد دومان إلى حضور الحفل الختامي للمخيم في القطن حضره وهو في سن الثمانين أو أكثر والأستاذ سعيد دومان من أعز طلبته حيث كان يأتي أحياناً بالبر والقهوة من بيته لحلقة بعد الشروق الذي كان يحضرها قبل سفره إلى العراق.
6- السيد الأستاذ حسن شاعراً :
للأستاذ عدد من القصائد ولكن للأسف لم نجد تلك القصائد التي قالها ولكن توجد بعض أبيات من قصيدة قالها عام 1408هـ بمناسبة ختم المنهاج يقول فيها :
بشراكم أيها الطلاب بشراكم بشراكموا طيب المولى نواياكم
شُرفتموا باختيار العلم ( شنشنة) يهناكم المجد والتوفيق يهناكم
نلتم أموراً عظاماً باختياركمو مجالس العلم ما أحلى سجاياكم
حفظتموا أشرف الأوقات في بلد يٌنسب إلى العلم فيها جل آباكم
ثابرتموا في زمان ليس نجهله به العواصف لا تهدأ بدنياكم
حياكم الله حياكم بلا عدد فالشكر لله أذ وفَّا عطاياكم
حافظمتوا بإكرام الأصل كلكمو على الدروس وهذا فضل هولاكم
ليهنكم أيها الطلاب حرصكمو على المزيد من الخيرات حياكم
أعطاكم الله ما ترجون كلكمو وتبتغون فبعض الحظ وافاكم
منحة الله وافتكم على عجل فقابلوها بشكر حيث واساكم
7- محامياً :
أشتغل بالمحاماة فترة طويلة ، فسأله مرة السيد أحمد الهدار ( وكان موجوداً في بيت السيد عبدالقادر بن أحمد السقاف والذي كان يجله كثيرا ويحترمه ويقدمه في الدعاء بل واستغاث به مره لإنزال المطر في مولد قبة علوي ولم يستغث بالأموات وهذه هي السنة كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب مع العباس ).
قائلاً كيف تدافع عن القضايا ومنها الحق والباطل فقال أنا لا آخذ إلا التي فيها الحق وله عدة طرف في المحاماة منها أن أحد الناس أدعى أن عنده إرثا لامه التي ماتت منذ فتره فلما مثل عند القاضي طلب من المدعي إثبات أنها أمه حتى يرد على الدعوى والثانية أنه مَثُل مع خصمه عند القاضي وأدعى أرضاً تحت يد بن شيخان أنها له فسأله على غفلة قائلاً له ما الأرض التي تدعيها فقال له المدعي أرض بن شيخان فتركه حتى أكمل الدعوى بعد ذلك سأله القاضي الرد فقال لا أرد فقد أعترف المدعي أمامك أن الأرض أرضي
8- طريقته في الفتيا :
كان متشدداً في الفتيا فلا يفتي إلا بالأصح في المنهاج ويقول لا يفتي الواحد إلا إذا قرأ المسألة قبل مرور ثلاث أيام يتحرى خلالها المراجع ودائماً ما يختلف مع بعض طلبة العلم ممن يرون التيسير ومن تلك المسائل التي تتكرر في رمضان من قام ليلاً يتسحر وهو واعي لكنه لم يتلفظ بالنية فيقول أنه يعيد الصوم بينما يرى الآخرون أن استشعاره صيام يوم غدٍ وقيامه للسحور فهذه النية كافية.