تحل اليوم الجمعة الذكرى الـخامسة والاربعون للاستقلال الوطني المجيد لجنوبنا الحبيب من نير الاستعمار البريطاني البغيض والذي دام 129 عاماً كان جنوبنا فيها يخضع لقوة الحديد والنار حتى استجمع قوته متوكلاً على ربه العزيز القهار فكانت ثورة الرابع عشر من اكتوبر 1963م الظافرة من جبال ردفان الشماء وفي نضال ثوري باسل لقن خلاله ابطالنا البواسل المستعمر الغاشم واعوانه الضربات تلو الضربات غير مترددين ولا هيابين في تقديم التضحيات لينال الشعب حقه في الكرامة وحكم وطنه بنفسه وفق قيمه وثوابته التي استلهم منها معاني الكفاح الاسطوري حتى قهر الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس واجبرها على ان تخرج صاغرة من جنوبنا الكبير بهمم ابنائه وعزائمهم الفولاذية وملاحمهم البطولية .
يا ابناء جنوبنا وعموم يمننا الحبيب:
ان تضحيات غاليات قدمها شعبنا في جنوب الوطن بمؤازرة اخوانه في الشمال حتى اندحرت بريطانيا تجر اذيال الهزيمة،لم يتردد ابناء الوطن الميامين في تقديم دمائهم وارواحهم ليحيا الجنوب حراً كريماً عزيزاً في عدل وتنمية ورخاء ينعم بخيراته ،وقد كان الوفاء لتلك التضحيات الجسام يقتضي ان يجد الجنوب المتحرر ثمرة ذلك في واقع حياته اليومية ،ولكن انتقاص كبير ومصادرة للحلم قاهرة حدثت بعد الاستقلال على ايدي بعض ابناء الجنوب تحت مسمى الجمهورية الوليدة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) فبعد عامين من محاولات التطوير وفي 22 يونيو 1969 بالتحديد شهد الجنوب بداية حكم قمعي تسلطي تحت لافتة دكتاتورية الطبقة العاملة وحلفائها الفلاحين وفي الواقع كان حكم نخبة من المثقفين والسياسيين الذين اعتنقوا فكراً دخيلاً على جنوبنا بل ووطننا العربي والاسلامي هو فكر الشيوعية الماركسية التي ابيح تحت ستارها الجنوب لقيادة سياسية ايدلوجية ادمنت في ما بينها الصراعات المسلحة حتى كان اخرها في 13 يناير 1986 ليمضي الجنوب بعده بسنوات وبعد سقوط النظام الشيوعي وهروباً من تفاقم الصراعات بين قادته السياسيين الى الوحدة الحلم المؤجل.
ايها المنصفون في الوطن وخارجه:
كم كانت فرحتنا في الجنوب عظيمة بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية،حلم داعب مخيلات اجيالنا جيل تلو جيل حتى تحقق الحلم صباح 22مايو1990م ليدخل الجنوب عهد جديد بعيد عن صراع الرفاق وبعيد عن المواطنة غير المتساوية وبعيدا عن الظلم الواقع على فئة من الناس لانتمائها الطبقي او امكانياتها المالية مع محاربة للاستثمار المحلي فضلاً عن الاجنبي كدعامة للقوة الاقتصادية تمت الاستعاضة عنها بديون الصديق الاممي حينها الاتحاد السوفيتي.
لقد نعمنا بالخير الوحدوي الذي شابه بعض الظلم العكسي الذي كانت ضحاياه مختلفة هذه المرة ولكن عم في محافظات الجنوب شر الفساد المالي والاداري وخصوصاً في مجال الاسكان والعقار وفي مجال القضاء وبدأ الناس يضجوا من جديد و يئنوا ثم كانت الحرب في صيف 1994م والتي كان السبب فيها القادة السياسيون في الشمال والجنوب الذي فهم الرئيس المنتصر ونظامه النجاح في حسم الحرب لصالح الحفاظ على الوحدة انه اباحة الجنوب له ولزبائنه ينهبه ويستبد به ،وهذا ما كان تحديداً فوقع الظلم هذه المرة اكثر شمولاً وبصورة جعلت الكثير من ابناء الجنوب يرون في الوحدة سر البلاء ومكمن الداء وانه لا دواء غير انهاء الوحدة وعودة الوضع الى ما كان عليه قبلها. ومع تفاقم الغضب من الاوضاع المتردية على معظم الاصعدة التي تمس الحياة اليومية للمواطن كانت المعارضة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك تحاول عبر كافة الوسائل المتاحة اصلاح ما يمكن اصلاحه فمرة تحالف الحزب الحاكم ومرة تخالفه ومرة تنافسه في الانتخابات التي تزور ارادة الشعب فيها لتكون النتيجة ظلماً وعدواناً لصالح المتنفذين الفاسدين مرة اخرى فخرجت المظاهرات المطالبة بإحقاق الحق وابطال الباطل في جنوب الوطن بأكثر من لافتة فأحزاب اللقاء المشترك اعلنت النضال السلمي لنيل الحقوق والحريات وجعلت البوابة الرئيسية الاصلاح السياسي وفي مقدمته انصاف ابناء الجنوب وكذلك خرج بعض القادة في الجنوب بمسمى الحراك الجنوبي السلمي فتعامل معها علي عبدالله صالح ونظامه بكل عنجهية وصلف وغرور،مما فاقم ما في النفوس تجاه الوحدة وزاده كماً وكيفاً وكان اكثر المتضررين من هذا البطش الحراك السلمي الجنوبي بفصائله المتعددة المختلفة ،ولكن هناك الآلاف التي لا تزال تمتلك الثقة في ان ما حل بالجنوب بعد حرب 1994م سيتم الخلاص منه ليس بانهاء الوحدة ولكن بنظام رشيد يقوم على اساس اصلاح مسار الوحدة والشراكة بين ابناء الوطن في السلطة والثروة و الانتخاب الحر والنزيه والمواطنة المتساوية في الواقع لا في النصوص البراقة فحسب،نظام لامركزي يعطي كل المواطنين الحق في ان يحيوا بكرامة على ارضهم متمتعين حقاً بنصيبهم العادل من ثروات الوطن الكبير ،نظام يضمن لهم تحقيق تطلعاتهم في العدالة والتنمية دون تأجيل جديد لحلمهم ان يتحقق والى الأبد.
يا أبناء الجنوب العزيز الكرام:
يتزامن احتفال شعبنا بذكرى الاستقلال المجيد مع اقتراب انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل كمخرج لليمن بأجمعه من مصائبه وتعاسته التي جناها بفعل حكام لم يكن الهم الوطني هم احدهم بقدر ما هو همه الشخصي وهم حزبه وعشيرته وقبيلته ومنطقته ،لذا فإننا ندعو كل العقلاء من كل الوان الطيف السياسي عامة وفي الجنوب خاصة للمشاركة بفاعلية في هذا المؤتمر الذي نعقد عليه آمالاً كبيرة في ان تحقق ثمرته كل التطلعات المنشودة في الكرامة والعدل والمواطنة المتساوية والحكم اللامركزي الرشيد ودولة المؤسسات والقانون وفي ذات الوقت التنمية الحقيقية الشاملة ولهذا فانه من الاهمية بمكان ان يكون للرئيس عبدربه منصور هادي قرار تاريخي وحاسم يمهد ويهيئ لإنجاح هذا المؤتمر الحواري الهام بإقالة بقايا العائلة وتوحيد الجيش والامن وانصاف اسر الشهداء والجرحى من ابناء الحراك السلمي الجنوبي وثورة الشباب الشعبية السلمية بإحالة المعتدين عليهم الى المحاكمة واعطائهم حقوقهم الكاملة اسوة بشهداء الوطن وانه بدون هذا القرار بالذات لامعنى للحوار لان نتائجه ستكون مهددة ممن يمسكون بالجيش والامن من اسرة المخلوع واعوانه .
ايها الوطنيون الصادقون في جنوب اليمن وشماله :
لقد آن لكل القوى الوطنية الصادقة ان ترتص مع الجنوب لحل قضيته العادلة حلاً يرضي ابناء الجنوب ويعيد الحق الى نصابه و يحقق للجميع حلمهم القديم الجديد في اقامة العدل بين كل الناس دون تمييز لا قبلي ولا مناطقي ولا سياسي ولا اسري و تحقيق التنمية الشاملة في جميع المجالات و منحهم الحق في المشاركة في انتخاب ممثليهم في الهيئات التشريعية والمجالس المحلية بدون تزييف لإرادتهم ولا مضايقة لهم او منع في ممارسة هذا الحق من ايً كان بعيداً عن السلالية والمذهبية والمناطقية البغيضة .
نصر الله شعبنا وحقق له اماله وحفظ له امنه واستقراره ((ويسألونك متى هو قل عسى ان يكون قريبا))
الأستاذ / صلاح باتيس : رئيس مجلس شورى تحالف قبائل اليمن رئيس المجلس الثوري بحضرموت