داء خطير يفتك بطلابنا

حضرموت اليوم / سيئون / خاص

ها هو شهر مايو يهل علينا، وهو الشهر الأخير من العام الدراسي.. في هذا الشهر تستعد المدارس ويستعد المعلمون، يستعد الطلاب وتستعد الأسر، وتستنفر استنفاراً تاماً لاستقبال الامتحانات النهائية التي تعد بمثابة حصاد عام كامل يجنيه الطالب، فمن زرع خيراً فسيحصد خيراً، ومن زرع غير ذلك فلن يحصد إلا ما زرع .

 

ثم تأتي بعدها امتحانات إنهاء المرحلة الأساسية والثانوية والتي يعتبرها الكثير من الطلاب والآباء امتحانات تقرير المصير، وهي هنا تعتبر بمثابة حصاد مرحلة دراسية كاملة..

 

وما نود الحديث عنه في هذه السطور ليس عن الاستعداد للامتحانات ودور الطالب والمعلم والأسرة في التهيئة والاستعداد لها، ولكننا سنتحدث عن داء خطير ومرض عضال انتشر بين أبنائنا وطلابنا، داء أخطر من (أنفلونزا الخنازير)، إذا لم نتداركه ونضع له العلاجات اللازمة فسيدمر أجيالنا ويجعلها أجيالاً هزيلة وضعيفة .. إنه داء الغش في الامتحانات النهائية، سواء في امتحانات إنهاء المرحلة الأساسية أو الثانوية، وهنا نسجل بعض الملاحظات :

 

* أولاً : أن الغش سلوك تربوي غير حميد، ومخالف لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ينهانا عن الغش، ويحذرنا منه، والكل يحفظ حديث (من غشنا فليس منا)، ويعرف المناسبة التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فالأولى علينا أن نربي طلابنا وأبناءنا وتلاميذنا على نبذ الغش وكراهيته، فالطالب الذي يعتمد على الغش في دراسته سيتعود عليه في حياته العملية، وسنخرج بذلك مهندساً غشاشاً، وطبيباً غشاشاً، ومعلماً غشاشاً، وقاضياً غشاشاً .

 

* ثانياً : أن ظاهرة الغش دخيلة على مجتمعنا وخاصة في وادي حضرموت، الذي لم يشهد من سابق حالات غش كالتي نسمع عنها اليوم، من دخول أناس إلى قاعة الامتحان لمساعدة ذويهم وتغشيشهم، وتجول الطلاب الممتحنين في قاعة الامتحان من موقع إلى آخر بحثاً عن إجابة لهذا السؤال أو ذاك، أو أنه في بعض المدارس النائية يتم حل الامتحانات على السبورة ... وغيرها من المشاهد الغريبة .

 

* ثالثاً : أن بعض المراقبين في قاعة الامتحان بل وبعض مدراء المراكز الامتحانية هم السبب الأول في عملية الغش، فهم الذين يستطيعون أن يمنعوا عملية الغش، ولكن ما نراه ونسمعه اليوم أن المراقبين في قاعات الامتحانات هم الذين يسمحون للطلاب بالغش، بل ويساعدونهم على ذلك (فحاميها حراميها) فالمربي والمعلم المناط به منع عملية الغش إذا به هو من يشجع الطلاب على ذلك، وفي أحسن الأحوال يغض الطرف عن ذلك .

 

* رابعاً : هناك مفاهيم خاطئة اختلطت في عقول المعلمين، فالبعض يرى أنه يجب أن نسمح لطلابنا أن يغشوا؛ لأنه في بعض المحافظات الأخرى يسمحون لطلابهم بالغش، وهذا المعلم للأسف يعتقد أنه يقدم خدمة جليلة لطلابه عندما يترك لهم الحبل على الغارب، بل إن الطلاب ينظرون للمراقب والمعلم الذي يتركهم يغشون أو يساعدهم عليه أنه معلم ضعيف الشخصية ويتناولونه بالنقد والسخرية والاستهزاء بعد خروجهم من قاعة الامتحان، بل أن هذه الخدمة التي يعتقد أنه يقدمها لهم سيلعنه طلابه يوماً ما عندما يجلسون على مقاعد الجامعة ورؤوسهم خالية من المعلومات لأنهم جاؤوا إليها عن طريق الغش .

 

* خامساً : أن تفشي هذه الظاهرة السيئة ولّدت اطمئناناً لدى كثير من الطلاب، لذا تراهم لا يذاكرون ولا يجتهدون ولا يتعبون أنفسهم؛ لأنهم متأكدين بأن الغش سينقذهم من الفشل والرسوب .. كما شكلت هذه الظاهرة إحباطاً لدى الطلاب المتفوقين الجادين الذين يسهرون الليالي في المذاكرة، فتجدهم يقولون : إننا نتعب أنفسنا ونسهر الليالي ثم يأتي طلاب آخرون ويتفوقون علينا بالغش ويحققون نسباً عالية أعلى من نسبنا، وفي الأخير ينافسوننا على مقاعد الجامعات وربما يسبقوننا .

 

* سادساً : هذه الظاهرة بل إن شئت أن تسميها (آفة) تحتاج إلى معالجة جادة وجذرية، تحتاج إلى دراسة الأسباب التي أدت إلى تفشيها ثم توضع الحلول والمعالجات الكفيلة، وهذا لا يأتي إلا بتحرك الجهات المسئولة في إدارات التربية والتعليم، والشعور بخطر هذه الآفة واتباع مبدأ الثواب والعقاب ..

 

فهل نأمل في إقامة ثورة عارمة ضد الغش هذا العام ؟

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص