حضرموت اليوم
قال الأستاذ / محمد قحطان عضو الهيئة العليا
للتجمع اليمني للإصلاح نحن ماضون في تطبيق الشورى
داخل الحزب أو قل الديمقراطية داخل الإصلاح
بشكل مرضي, غير أننا لا نعتقد أننا وصلنا إلى المثال المطلوب والعملية بما فيها
أنك كنت في تنظيم سري والقانون لا يسمح لك ثم في عام 90 القانون والدستور احترم
عقلنا وكرامتنا وأتاح لنا فرصة في الديمقراطية والتعددية فكان الانتقال تحتاج إلى
وقت ونحن انتقلنا عبر الطريق الصيني وليس الروسي
جاء ذلك في حوار أجرته الجمهورية نت ( أفكار
) وفي رده على سؤال حول مستقبل الحريات بعد وصول الإسلاميين للسلطة أعترض قحطان
على استخدام مصطلح إسلاميين في شعب كله مسلم واعتبر ذلك من الغلط ولا مجال للتميز
باسم الإسلام فالناصري الاشتراكي ماذا تعتبرهم ..كلهم مسلمون فالتميز بين مسلم
وإسلامي غير صحيح ونحن سمينا أنفسنا تجمعاً ولم نقل الجبهة الإسلامية لإنقاذ اليمن
وما أحمله يجب أن يكون مسئولية كل مسلم ويكون السؤال على النحو التالي “ما هي رؤية الإصلاح لمسألة الحريات” وأعتقد كل
هذا موجود في برنامجنا وفي أدبياتنا ونحن اليوم لم نعد نتحرك للشأن العام باسم
الإصلاح صار هناك تكتل داخل المجتمع اليمني اسمه اللقاء المشترك .
ـ وحول قضية المرأة قال عضو الهيئة العليا
للتجمع اليمني للإصلاح
لا يوجد عقدة في الإصلاح من المرأة, ونحن في
الإصلاح لسنا بدعاً من غيرنا, وأعتقد أن هناك عقدة في العالم الإسلامي فيما يتعلق
بالمرأة, وعلينا أن نتصدى لتفكيك هذه العقدة مثلاً هناك قراءة ذكورية سائدة
للأحكام المتعلقة بالمرأة وتحتاج إلى حسن إعادة القراءة في ظل الصراع الحضاري
القائم.
وفيما يتعلق بإمكانية أن ينزل الإصلاح
المرأة كمرشحة إلى مجلس النواب أجاب قحطان : ولم لا .. أعتقد أن الاجتهاد الغالب لدى الكثير من علماء
المسلمين أن ترشح المرأة لمجلس النواب لذات الأمر لأن ممارسة العمل النيابي هو شكل
من أشكال الحسبة وشكل من أشكال الاجتهاد وشكل من أشكال الوكالة وهي من الأمور التي
لا غبار في أن تتولى المرأة لها. ـ والله
هذا يحتاج إلى قرار من المؤسسات ولا أستطيع أن أتنبأ بما سوف يتجه إليه قرار
الإصلاح داخل المؤسسة إذا طرحت هذه القضية
نص الحوار : حاوره فهد
سلطان
^^.. يتفق الكثير من
الباحثين على أن الواقع الإسلامي يمر بأزمات خطيرة وفي نفس الوقت تتباين الحلول
بين من يراه إصلاحاً دينياً على غرار ما حدث في الغرب ومن يراه إصلاحاً سياسياً
صرفاً.. من وجهة نظرك ما الذي نحتاجه.؟
ـ لا توجد ثنائية متقابلة في الإسلام بين
الدين والسياسة. ونحن نحتاج إلى إصلاح والإصلاح يشمل كل المفردات, ومصطلح الإصلاح
الديني له ظلاله الخاص بالتجربة الغربية وهذا المصطلح سياسي.
^^.. هناك من يطرح ما
أشرت إليه في السؤال السابق فيما يخص الإصلاح الديني والبعض الآخر يؤكد على أن
المقصود بالإصلاح الديني هو فصل ما هو ديني عن ما هو سياسي وهذا الأخير يراه بعض
الإسلاميين ضرورياً؟
ـ الإصلاح في الغرب بدأ بعملية تحديد فضاء
الدين وتحديد فضاء الدولة استجابة مع التجربة الإسلامية والطلاب الذين ابتعثوا من
الغرب للدراسة في البلاد الإسلامية وتحديداً في الأندلس هم الذين وقفوا عند
هذه التجربة وأعادوا إلى ديار الغرب هذه
التجربة. وأنا أتكلم عن التجربة السكسونية فعادوا إلى بلادهم وكان أول ما فعلوا هو
تحديد الفضاءات فضاء السياسة وفضاء الدين واستفادوا من ما آلت إليه التجربة
الإسلامية في الأندلس تحديداً.وكانوا في الغرب يسمون رشيديين أو علمانيين نتيجة
أنهم عادوا بهذه الأفكار، والتجربة الإسلامية اليوم وضعها مختلف والعالم الإسلامي
اليوم يحتاج إلى إصلاح شامل بدون هذه المقابلة المتعاكسة بين الدين والسياسة
فنحتاج إلى إصلاح الفكر فيما يسمى منهج الاستدلال أو منهج الفهم لنصوص الوحي ونحتاج
إلى إصلاح في السياسة والاقتصاد.
^^.. في جانب إصلاح
الفكر الذي ذكرته هل نحن بحاجة إلى مراجعة ونقد لكثير من الأفكار القديمة والآراء
والمناهج أو ما يسميه البعض إعادة غربلة للتراث الإسلامي أو قراءة جديدة للتاريخ
الإسلامي والفكر الإسلامي إلى أي مما سبق نحتاج معايير ومناهج جديدة.؟
ـ كما قلت نحتاج إلى إصلاح شامل وللأسف أن
تاريخنا الإسلامي مدون نعم.. لكن لم تقدر له قراءة باستثناء قراءات أولية في مقدمة
ابن خلدون, لم تطور ونحتاج إلى كل الجوانب نحتاج إلى قراءة وإصلاح فكري وتجديد
وينطبق على العالم الإسلامي تقريباً فكرة التجديد في المسألة الفكرية إلى عجلة
تجديد.
^^.. ما هي معالم هذا
التجدي؟
ـ التجديد هو إعادة قراءة الواقع وإعادة
قراءة النص وإبداع فقه لإنزال النص على الواقع.
^^.. هناك من يرى أن
الفكر الديني المعاصر وقف عاجز أمام تحديات العصر فعاد إلى القرن السابع يلتمس
الحلول لمشاكله المعاصرة برأيك هل هذا مجد وهل هذه العودة كانت عامل نهوض أم ركود
وربما تجربة طالبان أكدت هذه المفهوم تماماً؟
ـ أخذ طالبان نموذجاً نحاكم عليه العالم
الإسلامي كله غير صحيح.
^^.. لكن الخطاب السني
على وجه العموم والسلفي على وجه الخصوص يؤكد ذلك ويرى أن القرن السابع هو النموذج
المناسب لكل زمان ومكان .؟
ـ هؤلاء فريق محدود في العالم الإسلامي ولا
يمثلون العقل العام للتيار الإسلامي. ومشكلة الأمة الإسلامية غير طالبان, وطالبان
هي مشكلة اختلط فيها السياسة بالأمن والجمود الفقهي تخلط هذه الجوانب مع بعضها ولا
تستطيع أن تقول إن طالبان مشكلة جمود فقهي فحسب بل هي مشاكل أخرى. وما يحتاجه
العالم الإسلامي هو نوع من التجديد في الفكر نحتاج إلى أن نتعلم فقه الاختلاف
ونحتاج إلى أن نقرأ السنن الكونية ونحتاج إعادة مفهوم فرائض الكفاية وهي التي يقوم
عليها الغرب اليوم . هناك مهن أساسية هي التي تشكل الدافع الأساسي في الغرب فنحتاج
إلى فقه جديد في هذا الجانب. فقه يوجب على المسلم أن يتعلم الطب كما يتعلم الصلاة.
^^.. هناك من يرى أن
التجديد لابد أن يطال أصول الفقه لأنها لم تعد تواكب العصر؟
ـ عندما نتأمل في أصول الفقه نجدد ونبدع
ونظيف كأي نهضة حضارية تعمل نوعاً من الإضافة والمتوقع عندما تنهض الأمة الإسلامية
أنها سوف تنهض بعد تراكم للرؤى التجديدية وهذه الرؤى التجديدية حتماً سوف تقوم على
إحياء القديم وإضافة إليه ومسح غبار الزمن عنه. والفكرة العامة أن دوافع الإنسان
وأوضاعه النفسية هي التي تحتاج عادةً إلى تجديد مثله مثل الفكر, والإنسان هو روح
وفكر ومادة فأنت بحاجة إلى تجديد الروح والهمة والرغبة ومنظومة القيم التي يتشربها
المرء تماماً مثل ما تحتاج إلى تجديد الفكر والوعي, وأعتقد أن هذا شيء طبيعي لأن
الله سبحانه وتعالى طالب المؤمنين بزيادة الإيمان فقال {يا أيها الذين أمنوا
آمنوا} نحتاج إلى إيمان بعد إيمان وتقوى على تقوانا القديمة وهكذا الإنسان لا يقف
عند نقطة واحدة يحتاج الإنسان إلى تجديد شامل وكامل لأفكاره رؤاه .
^^.. عملية التجديد التي
تقول عنها ليست سهلة وكثير من الذين حاولوا التجديد في الفكر الإسلامي اصطدموا
بواقع متخلف واستبداد سياسي واستبداد ديني والأشد كان الاستبداد الديني من قبل بعض
العلماء.؟
ـ لم يحصل استبداد ديني عندنا بالمفهوم الذي
حصل في أوروبا. لأن القرآن محفوظ بين يدي الناس ومهما ادعى الشخص أو أطلق من
عناوين عريضة لنفسه وعلى نفسه تظل قدرته محدودة لكن بكل تأكيد يظل الاستبداد
السياسي هو الداء العضال .
^^.. ألا ترى أن سيف
التكفير الذي يمارسه بعض العلماء ضد العلماء الآخرين والمفكرين والكتاب ألا يعد
جزء من الاستبداد الديني ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة.؟
ـ هناك تكفير نعم.
^^.. ألا يعد أشد أنواع
الاستبداد .؟
ـ يا أخي الكريم أن يوجد أفراد من الناس في
الوقت الحاضر لديهم نزق فكري ولديهم نزق في الرؤى وعوج نفسي يطلقون صفات الكفر على
هذا أو ذلك لا يعني أنها مشكلة عامة في الأمة الإسلامية. أما المشكلة العامة فهو
هذا الاستبداد السياسي الضارب الأطناب وأصاب الأمة في مفاصلها وفي مقاتلها.
^^.. أستاذ محمد حجة
التكفيريين هو احتكار الحقيقة والفهم ألا يعد هذا استبداداً ويقف عائقاً أمام أي
تجديد أو قراءة للنص؟
ـ كما قلت لك هؤلاء أفراد معدودون من الناس
لهم فكر غير سوي ولا يعني أنها صارت مشكلة عامة في الأمة الإسلامية.
^^.. في محور آخر هناك
سؤال مفاده إلى أي مدى تجسد مفهوم الشورى في اختيار الخلفاء الراشدين بعد العهد
النبوي؟
ـ أعتقد أن الصحابة حاولوا أن يجسدوا مفهوم
الشورى من خلال الآليات المتاحة التي كانت موجودة وكانت هناك التجربة العربية في عملية
الشورى على سبيل المثال دار الندوة في مكة يجتمع فيها كبار قريش وكان هناك سقيفة
بني ساعده يجتمع فيها الناس في يثرب للتشاور, وكان هناك لدى القبيلة العربية أن
تجتمع ويتكلم الأسن فيهم ثم الآخرين ثم بعد ذلك يخرجون برأي جامع والمبدأ “أمرهم
شورى بينهم” مبدأ مقر وتجسيد هذا المبدأ كان يتم من خلال الآليات التي تفتقت عنها
البيئة .
^^.. يعني ما حصل في
السقيفة كان تجسيداً لمبدأ الشورى بين المسلمين في اختيار الخليفة الأول؟
ـ طبعاً وأعتقد أنه كان في قمة الشورى.
^^.. توفرت فيه كل
الوسائل لتحقيق الشورى؟
ـ المتاحة في ذلك الوقت وبالتالي لم ينصرف
لذهن الصحابة, ما حصل للمفكرين الإسلاميين فيما بعد في أن تتفتق البيئة من حولهم
في طريقة يؤخذ رأي الناس جميعاً، لكن كانوا يتحدثون عن رأي العاصمة والناس لهم تبع
.
^^.. يوم السقيفة وبما
أنها مثلت حلاً إلا أنها جسدت مشكلة لا زالت آثارها قائمة حتى اليوم؟
ـ لم تجسد مشكلة فهم تناقشوا وتباحثوا.
^^.. (مقاطعاً) أليس
الخلاف بين الشيعة والسنة تأكيداً على المشكلة التي ترتبت على ذلك الحل أو الطريقة
التي تم حسم القضية فيها؟
ـ لكن في النهاية خرجوا ببيعة أبي بكر
الصديق ولم تكن هناك مشكلة وقضية السنة والشيعة مشكلتها أخرى ولم تكن نتيجة عن يوم
السقيفة ولا عن حرب صفين وهي مشكلة لاحقة وحرب صفين نتج عنه انقسام بين المسلمين
والخوارج.
^^.. عمر يصف ما حصل يوم
السقيفة بأنها كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها؟
ـ يعني أنا أقرأ مقولة عمر في سياقها لأنه
بلغ إليه أن أناساً يقولون ممكن أمسك بيد فلان و أبايعه والناس لازم يلحقون بي
وهذا ما فعله عمر فالناس لحقوا طبعاً هذا فهم غلط لأن عمر تصرف وكان داخل مجلس
الشورى ولم يكن في الشارع الأمر الآخر أن عمر اعتبر الجيل الذي جاء من بعدهم
واتساع أحوال الدولة الإسلامية كان يحتاج إلى طريقة أخرى للمشاورة ولم تعد تفيد
التلقائية التي كانت موجودة في البيئة العربية وكان يتم فرز الذين يجتمعون فرزاً
تلقائياً ولم يكن هناك نظم وتراكيب إدارية معنية ومعقدة تفرز هذا الوضع وإنما هي
نوع من التلقائية .فإذا أردنا المعنى الدقيق لكلمة فلتة فهي هذه أنها كانت
بتلقائية وقى الله بها شر الانقسام واليوم يحتاج الأمر إلى وضع مختلف ولذلك أثر عن
عمر أنه كان يفكر بقوله «وددت أن أطوف الأمصار فأسأل المسلمين واحداً واحداً عن من
يرتضونه خليفة من بعدي» فكان هناك عندهم هم في كيفية تجسيد الشورى لديهم.
^^.. في حوار أجرته معك
صحيفة البشائر ذكرت أنه تم وأد التجربة الوليدة الإسلامية وهي قضية الشورى الآن..
والدولة الأموية هي صاحبة هذه الفعلة فهل نحن بحاجة إلى تحديد شرعية هذه الدولة
خاصة إذا عملنا في الاعتبار الأشياء التي ترتب بعد ذلك وهل يقال إنها نقطة فاصلة
في الحياة السياسية الإسلامية؟
ـ أولاً عندما نريد أن نتحدث عن تقييم
تاريخي لا شك أن ولاية يزيد هي النقطة الفاصلة فيما بين حكم الشورى وحكم اللاشورى
أو حكم الجبر أو حكم العضوض على الأصح. لكن علينا أن ننظر للمعارضة التي نشأت ضد
الدولة الأموية هي معارضتان معارضة بصورة أساسية من الخوارج ومعارضة بل يستهان بها
من البيت الهاشمي ومعارضة العلويين والتي آلت فيما بعد إلى العباسيين لم تكن مسألة
الشورى هي موضوع لها, بل كان الأمويين في موضوع الشورى أفضل لأن الأمويين لم يدعوا
أن لهم حقاً إلهياً في الحكم ولكن بلغة العصر يرون أن شرعيتهم تقوم من قاعدة أنهم
أقدر الناس على إدارة الدولة يعني شرعية الإنجاز حسب التعبير الحديث, غير أن
العباسيين وعندما وصل أولهم إلى الحكم كانت أول خطبة خطبها بقوله “عاد الحق إلى
أهله ورجع السيف إلى غمده وجرت المياه في سواقيها وسلمت القوس إلى باريها” وكل هذه
عبارات وردت في هذا الخطاب ولأول مرة بدأ العباسيون يتحدثون عن الأولى بالخلافة هم
العصبة أبناء الأعمام وأنهم أحق حتى من أبناء بنات النبي عليه الصلاة والسلام
فاطمة رضي الله عنها وأصبحت السلطة والمعارضة لم يكونوا مع تجسيد مبدأ الشورى
والذي كان مع آراء الشورى هم الخوارج وهم الذين طرحوا نظرية صحيحة في الشورى ولكن
مشكلتهم أنهم لم يستطيعوا تكييف هذه النظرية مع مستوى وعي الأمة وتستطيع أن تقول
إن الخوارج قدموا الشورى في طبق غير مقبول وهذه مشكلة أيضاً وأنا لا ألوم الأمويين
فقط.
^^.. (مقاطعاً) ألا
تعتقد أن هذا التحول أعقبه تحول في الفكر والسياسة وحتى مفهوم العبادة?
ـ لا .لا.. موضوع العبادة وموضوع الاجتهاد
للإسلام موضوع آخر.. أحياناً تحصل مبالغة عند المؤرخين مثل قضية عقائد الإرجاء
وتأثيرها ولا أعتقد أن هذا صحيح وهناك نوع بسيط من الحقيقة وتاريخنا يحتاج إلى
تحليل ذي طابع اجتماعي واستطيع أن أقول إن الأستاذ برهان غليون وهو شخص متخصص في
علم الاجتماع السياسي له إشارات متفرقة في بعض كتبه وخاصة في كتابة الدين والدولة,
وأنا أتمنى أن يعاد كتابة التاريخ الأموي من هذا المنظور الأوضاع الاجتماعية وهي
التي تتحكم غالباً في صناعة الأوضاع السياسية وتحويلها إلى حقائق على أرض الواقع
وعموماً ما أريد أن أقوله هو كان التحول من نظام الشورى إلى الملك العضوض هو مسيرة
انتكاسة للعالم الإسلامي بكل تأكيد, ولكن لم يحصل إنكار للمبدأ في أي مرحلة من
المراحل لأنه مبدأ في القرآن, والذي حصل هو نوع من الالتفاف على آليات الشورى وعلى
اتساع مفهوم الشورى وحصل في مرحلة تاريخية تلكؤ عن لزوم قرار الشورى أو عدم لزومه
هل مسائل الشورى ملزمة أو لا؟، وهي كلها تعبر عن حالة من الانتكاسة في الممارسة
والتطبيق الإسلامي أما المثال الإسلامي
فتجسده نصوص.
^^.. في مبدأ الإلزام من
الشورى من عدمه هناك الكثير من العلماء من يرى أن الشورى للحاكم ليست ملزمة وهناك
فتوى لعلماء يمنيين كبار يرون نفس الرأي؟
ـ هذا اجتهاد على الأقل لبعض العلماء
القدامى.. وفي الوقت المعاصر لم يعد يقول بهذا الرأي أحد.
^^.. في نفس الموضوع
هناك من الإسلاميين من يرى أن الديمقراطية القادمة من الغرب ليست سوى بضاعة ردت
إلينا هل يصح مثل هذا الإدعاء؟
ـ لا نستطيع أن ندعي بأن الغرب طور الفكرة..
لكن تستطيع أن تقول بمفهوم ترتيب الفضاءات بين الدولة والسياسة, في التجربة
الأنجلو سكسونية تاريخياً هناك تأثرواضح بالتجربة الإسلامية، ومسألة الديمقراطية
والمؤسسية هي امتزاج الفكرة اليونانية بالفكرة الرومانية والتجربة اليونانية تكلموا
عن المثال الديمقراطي وطبعاً ظلت مثالاً وتطبيقاتها أحياناً كانت تنحرف حتى عن
جوهر الهدف في مراحل من التاريخ فمرحلة ديمقراطية الأحرار ثم ديمقراطية العبيد وفي
مرحلة كانت ديمقراطية كبار الملاك الطبقة الأرستقراطية فقط وتقلبت هكذا وتجربه
الكنيسة ووضعها المؤسسي وهي تجربة غربية محضة ولكنها انطلقت من مبادىء عقلانية وهي
مبادىء إنسانية توصل إليها الإنسان عن طريق تفكيره الفطري وما أودع الله فيه من
خير ومن نزعة نحو الخير وهي بحق انها كانت مبادىء إنسانية تنسجم مع مبادىء وقيم
الإسلام.
^^.. لكن هناك من
الجماعات من يراها تصطدم بقيم ومبادئ الإسلام ويرونها مخالفة شريعة ليس أقلها أنها
قادمة من الغرب؟
ـ الديمقراطية أحيانا يأتي آخرين يحملون
عليها آراءهم وأفكارهم ويقول لك بعد ذلك هذه لا تصلح ديمقراطية في هذا الاتجاه,
وفي مرحلة كانت المنظومة الاشتراكية قبل سقوط الإتحاد السوفيتي تحدثوا عن
الديمقراطية المركزية وكانوا يحملوها إما في أطار الصراع الطبقي أو الصيرورة أو
حتمية التحولات التي ظنوا أن تفضي إليها جدلية التاريخ, يأتي هذا مثل ما يحملها
اللبراليين أمور أخرى وأنا أفهم الديمقراطية كما يفهمها سعد الدين إبراهيم وأنا
أعتبره نموذج للعلماني العربي أو الليبرالي العربي.والديمقراطية هي آلية لاستخلاص
آراء الناس وآلية لكبح نوازع الاستبداد وآلية لمنع ظلم الملوك وأنا اليوم ليس بين
يدي من الوسائل والآليات التي يمكن أن أجسد بها المثال الإسلامي في الشورى أفضل من
وسائل وإجراءات الديمقراطية.
^^.. ظهرت اليوم بعض
الآراء والاجتهادات في تحديد مفهوم المواطنة والدولة المدنية وقضايا أخرى لكن ألا
ترى أن مفهوم المواطنة المعاصرة يتصادم تماماً مع المفهوم الذي جسده التراث
الإسلامي الذي يقسم الناس إلى طبقات وفئات ودرجة أولى ودرجة ثانية؟
ـ (يستغرب تماماً من السؤال..!!).........
^^.. أقصد أن هناك تقسيم
إلى أحرار وعبيد ومسلم من الدرجة الأولى وكافر من الدرجة الثانية فلا يتساوى مسلم
مع كافر ولا رجل مع امرأة كيف يتوافق هذا مع مفهوم المواطنة المتساوية التي يدعو
لها البعض؟
ـ نحتاج إلى تصحيح وسؤالك خطير جداً ..الفكر
الإسلامي لا يقسم الناس إلى طبقات!.
^^.. (مقاطعاً) هناك
تقديم للرجل على المرأة والحر على العبد والمسلم على الكافر؟
ـ الله يقول {يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكراٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عن الله أتقاكم}.
^^.. في كتب التراث وما
دونه الفقهاء من عدم المساواة بين الناس؟
ـ التجربة الإسلامية في جوهرها على مدى
العصور التاريخية في الغالب هي بنيت على المفهوم الإسلامي كما في القرآن,
والانحراف كان محدود مثل انحراف الحكم عن الشورى, وفي مرحلة لاحقة صحيح أنه وجد
نوع من الفكر الإسلامي الذي نشأ أو ظهر على لسان بعض المسلمين الذي يعبر عن الواقع
الإسلامي أكثر مما يعبر عن المثال الإسلامي الموجود في نصوص الوحي.
^^.. في مفهوم الدولة
المدنية التي ينظر لها بعض أعضاء وقيادات في الإصلاح كيف ستتعامل مع المساواة بين
المسلمين وغير المسلمين وأنت تعلم أنه قبل فترة وجيزة في محافظة عمران قتل أحد
المسلمين أحد المواطنين اليهود والذي حصل أنه لم يقد به بحجة أن هذا مسلم وهذا
كافر؟
ـ في هذه المسألة لم يكن هناك قول لازم لدى
جميع الفقهاء فالأحناف كانوا يرون بقتل المسلم بالكافر إعمالاً لمطلق الآية “النفس
بالنفس” وحتى بعض الفقهاء الذي قال بهذا الاجتهاد بني على ظروف أنتجها الفتح
الإسلامي, والفتح الإسلامي عندما توسع الإسلام في العراق وما وراءها والشام ومصر
والشمال الأفريقي تلاحظ على سبيل المثال أن المسلمين التزموا بقوله تعالى «لا
إكراه في الدين» فظل الخليج الفارسي على مجوسيته إلى منتصف القرن الثالث الهجري,
وفي مراحل تعرض المسلمين لحملة اغتيال منظمة كانت تقوم به بيوت النار المجوسية
داخل الأراضي الفارسية وحصل أن المسلمين كانوا يعبرون إلى الحدود من المدن التي
ظلوا فيها مثل الكوفة والبصرة يعبرون إلى نهاية الحدود الإسلامية وكانوا يتعرضون
للاغتيال فالاعتبار الأمني والاعتبار في اللحظة تلك وجه طريق اجتهاد المجتهدين إلى
ذلك الرأي، وآخرين لم يكونوا يرون ذلك واقصد أنه لم يكن اجتهاد مطلق تماماً.وكان
هناك سيادة القانون أنه كان مجسداً بشكل واضح لأنها شريعة الله وبالتالي عندما
تلحظ في التجربة الإسلامية ظل القضاء له شيء من الاستقلال في غالب تاريخ المسلمين
ومطلوب من الحاكم والمحكوم الخضوع له بدون تردد والمساواة أمام القانون كان مجسد
بشكل واضح وإلا ما معنى أن يقف اليهودي والإمام علي بين يدي القاضي سواء وحكم
لليهودي على الإمام علي.
^^.. بعض المتابعين
لمسيرة التجمع اليمني للإصلاح يرون أنه ولد مع الفكر وترعرع مع الوعظ وعاد اليوم
من جديد إلى الفكر ولكن على استحياء بعد أن أخذ منه الوعظ الوقت والجهد الكثير ما
تعليقك؟
ـ لا ... أنت عملت مراحل لا تمت إلى الحقيقة
بنسب.وغير صحيح مطلقاً ما طرحته في سؤالك، وعندما نتحدث عن الوعظ وكأنه نوع من
الانتكاسة هذا شيء غلط.. الموعظة والحكمة الحسنة هي رسالة ومن يتقنها ويحسنها وبلا
شك سوف ينال خير الدنيا والآخرة ، وهي منزلة سامية نتمنى أن نتقنها ونتمنى في
الإصلاح لو اتقنا خطاب الوعظ.
^^.. يقصد مما سبق أن
الوعظ القائم على التخويف هو المسيطر على الخطاب الإصلاحي وغاب الفكر تماماً؟
ـ الخطاب الوعظي «أدع إلى سيبل ربك بالحكمة
والموعظة الحسنة» والموعظة الحسنة هي مهمة الأنبياء والرسل ولا ينبغي أن نحولها
إلى حالة غمط ولكن في مرحلة من المراحل ودعني استرسل معك أنه عندما حصل نوع من الانتكاسة
في الخطاب الإسلامي من انحطاط فكري أصبح الوعظ يقوم على قصص الخرافات والأحاديث
التي تخوف الناس, وأن من علم كذا كان له سبعون في سبعين وستون في ستين وصحيح أن
مثل هذا لم يعد وعظاً, ولكن ما هو الوعظ المقصود في الآية هذا من حيث المبدأ, أما
بالنسبة للإصلاح فهو امتداد لحركة الإصلاح التي نشأت في اليمن ومن أفضل من تكلم في
هذا هو المؤرخ طارق البشري خلال القرن الثاني عشر عندما ساد الجمود في العالم
الإسلامي في منطقة القلب حصل في الأطراف في المغرب واليمن ونجد في أطراف العالم
الإسلامي حصلت نهضة وحركة تجديد إصلاح وتجديد فكري وتجديد ديني إن جاز التعبير.!
هذا التجديد كان من رواده الأوائل الإمام المقبلي رحمه الله وسار على نهجه علماء
كثر في زبيد وحضرموت جبلة وتجسد في منهج الشوكاني والعبادي وهؤلاء رواد التجديد
والإصلاح هو امتداد لهذه الحركة .
^^.. ما هي علاقتكم بحركة الإخوان المسلمين المصرية
أليست هي الأم لتجمع الإصلاح اليوم؟
ـ نحن نسبق حركة الأخوان المسلمين التي نشأت
في مصر ولكن بالتأكيد في مرحلة الأربعينيات والخمسينيات واعتقد أن كان لمصر تأثير
على أرجاء العالم الإسلامي ولا يستطيع الفنان اليمني أن يقول إنه لم يستفد من
الفنان المصري ولا يستطيع القانون اليمني أن يقول إنه لم يستفد من القانونين
المصريين ولا يستطيع أن ينكر الرسام والكاركاتير.
^^.. (مقاطعاً) لم تجب عن السؤل ما هو نوع العلاقة
بين التجمع اليمني للإصلاح وحركة الإخوان المسلمين المصرية؟
ـ في مرحلة معينة مصر ضخت للعالم الإسلامي
الكثير وهي مؤهلة لذلك ولا تزال ولها دور لا يستهان به, والإصلاح روافده عديدة كان
الإخوان والفكر الإخواني بما جاء به من وسائل حديثه في التنظيم والإدارة وكانت هذه
الوسائل الاخوانية متطورة على المدارس التي سبقتها في عملية الإصلاح والتجديد ونحن
طبعة يمنية مزيدة ومنقحة.
^^.. لكن أدبيات الإصلاح
تقول إنه امتداد لحركة الإخوان المسلمين ودلائل ذلك واضحة في كل شيء؟
ـ الإصلاح هو امتداد لحركة الإصلاح التي
امتدت في أرض اليمن ثم تلاحقت عبر تواصل بناء مع الإمام البنا بمعنى.
^^.. (مقاطعاً) أفهم من
كلامك أنه لا يوجد بينكم وبين حركة الإخوان المسلمين المصرية أي تواصل ولا تمثلون
امتداداً لها؟
ـ أعتقد أن الأوضاع القطرية أصبحت مستحكمة
لا تسمح بالحديث عن نشوء علاقة ما فوق قطرية.!
^^.. المتابع لمسيرة
الإصلاح يرى أن هناك فترة سادت السياسة وغاب الفكر والمعروف أن الفكر يسبق ويمهد
للسياسي .؟
ـ والله أعتقد أن السؤال كان هل كان الأداء
السياسي راشداً أم غير راشد؟ فإذا كان أرشد فحتماً وراءه فكر وإذا لم يكن راشداً
فحتماً يعتبر نزقاً سياسياً ونحن نعتقد أن منهجنا السياسي يتسم بشيء من الرشد ولا
ندعي لأنفسنا ونترك الآخرين هم الذين يحكمون علينا ولدينا القرار السياسي داخل الإصلاح وهو قرار مؤسسي.
^^.. كنت أقصد من السؤال
السابق أن هناك قضايا كانت السياسة تحسمها وقتاً طويلاً بينها لو كان التناول لها
من باب الفكر لن يستغرق ولا ربع تلك المدة وتجربة اللقاء المشترك دليل واضح على ذلك
وتجربة المرأة شاهد أخرى على ذلك أيضاً؟
ـ أنا أعتقد أن سؤالك مبني على مقدمات
خاطئة, الفكر مسيرته تحتاج إلى نفس طويل والسياسة تحتاج إلى أن تتخذ قرارات سريعة
وتستخدم وسائل متعددة لفرض أمر واقع وأحياناً السياسة قد تقفز على الفكر.
^^.. هناك تغييب للفكر
داخل الإصلاح بمعنى أنه لا يوجد أرضية أو بيئة صالحة لإخراج مفكرين هل هذا صحيح؟
ـ والله لا أعتقد هذا الذي تقوله، وأنا حزب
طوعي.
^^.. أين مفكرو الإصلاح؟
ـ هذا الحزب الطوعي بينه وبين الناس رابط
الفكر والروح وعن مفكري الإصلاح أسألك أين مفكرو اليمن أقل لك أين مفكرو الإصلاح.
^^.. هذا السؤال موجه
إليك؟
ـ أنا ابن بيئتي ولابد أن ندرك أن الإنسان
محكوم ببيئته وأنا كحركة إصلاحية لا يعني ذلك أني سوف أخرج المجتمع الإسلامي من
دائرة التخلف الحضاري إلى دائرة النهوض الحضاري وهذا جهد لا يمكن أن يقوم به قطر
بمفرده لكن يمكن أن تسهم الدولة المصرية والشعب المصري والدولة اليمنية والشعب
اليمني والدولة السعودية والشعب السعودي والدولة الباكستانية والشعب الباكستاني
والأندلسي والتركي وعدد ما تشاء حتى تكلم منظمة المؤتمر الإسلامي هذه يمكن أن تسهم
في إخراج العالم الإسلامي والأمة الإسلامية من حالة التخلف إلى حالة النهوض
الحضاري.
^^.. يقال إن المفكر
يحتاج إلى سقف حرية مرتفع وهذا ما لا يوجد في الأحزاب ومنها الإصلاح لأن السقف
لديه منخفض جداً أليس كذلك؟
ـ لا يستطيع الحزب أن يحجر بين الناس, أنا
وغيري اذا قررت أن أقول للإصلاح بكرة لا وأكتب عليهم في الصحف هل يملك أن يسجنني
لا يملك ولا يستطيع .
^^.. (مقاطعاً) المقصود
بالسقف هي الثوابت وقد تكون سياسية أو دينية وهذه الأخيرة هي الرئيسية؟
ـ هذه مسألة أخرى فهل الدين يصنعه الإصلاح
أو يصنعه المفكر هذا دين الله حدد فيه مكان الثوابت وأنا أتحاشى أن استخدم مصطلح ثوابت دينية لكن
استرسال معك وإلا هناك مكان يطلق عليه الفقهاء المعلوم بالدين من الضرورة.مثل
الصلاة والصيام والحج وشهادة أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله هذه ثوابت يابسة
لا تنازل فيها ولا تراجع ولا مرونة هل يعقل أن يأتي أحد يريد مني مرونة في الشهادتين
أو في أركان الإسلام أو أركان الإيمان هذه لا يوجد فيها«صفاط».
^^.. إلى أي مدى يمارس
الإصلاح ما يطالب به الآخرين؟
ـ لم أفهم قصدك من السؤال.
^^.. الديمقراطية داخل
دوائر الإصلاح مثلاً تدوير المناصب وقضايا أخرى؟
ـ نحن ماضون في تطبيق الشورى داخل الحزب أو
قل الديمقراطية داخل الإصلاح بشكل مرضي, غير أننا لا نعتقد أننا وصلنا إلى المثال
المطلوب والعملية بما فيها أنك كنت في تنظيم سري والقانون لا يسمح لك ثم في عام 90
القانون والدستور احترم عقلنا وكرامتنا وأتاح لنا فرصة في الديمقراطية والتعددية
فكان الانتقال تحتاج إلى وقت ونحن انتقلنا عبر الطريق الصيني وليس الروسي .
^^.. نفهم أن تجسيد
الديمقراطية داخل الإصلاح يحتاج ذلك إلى قرون؟
ـ لا . لا. انتهينا من ذلك عندنا مثلاً
النظام حدد ثلاث دورات والناس ملتزمين بها وكان هناك حالة استثنائية عندما كان
الشيخ عبد الله في حالة مرض والناس داخل المؤتمر العام صحيح أن دورته الثالثة
انتهت وليس من حقه لكن في حالة مرضه والموقف تغلب فيه العاطفة على صرامة النظام
وعدلنا مادة وقلنا لهذه الدورة فقط وللشيخ عبد الله حالة استثنائية .
^^.. يظل نظام التزكية
في الوصول إلى المناصب داخل دوائر الإصلاح هو المعمول به؟