أطفال مدينة سيئون يستقبلون راس السنة الهجرية بالبخور والأهازيج

حضرموت اليوم / سيئون / استطلاع وتصوير / جمعان دويل بن سعيد

يعد مدخل رأس السنة الهجرية بهجة وفرح في عموم العالم الإسلامي لما تمثله مناسبة الهجرة  من محطة عظيمة مسار البشرية و يعتبر حادث الهجرة فيصلاً بين مرحلتين من مراحل الدعوة الإسلامية، هما المرحلة المكية والمرحلة المدنية، ولقد كان لهذه الحادث آثار جليلة على المسلمين، ليس فقط في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن آثاره الخيرة قد امتدت لتشمل حياة المسلمين في كل عصر ومصر، كما أن آثاره شملت الإنسانية أيضاً، لأن الحضارة الإسلامية التي قامت على أساس الحق والعدل والحرية والمساواة هي حضارة إنسانية، قدمت، ولا زالت تقدم للبشرية أسمى القواعد الروحية والتشريعية الشاملة، التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، والتي تصلح لتنظيم حياة الإنسان كإنسان بغض النظر عن مكانه أو زمانه أو معتقداته.

 

حيث تقام بهذه المناسبة الندوات والمحاضرات وجلسات الذكر والمواعظ  تتحدث عن الهجرة النبوية وتتكاثر الدعوات إلى العلي القدير أن يجعله عاما مليئا بالخير والبركة والصحة والعافية وتطور ونماء لما فيه مصلحة الأمة الإسلامية في جميع بقاع المعمورة .

 

ففي مدينة سيئون تتجلى فرحة الناس بقدوم رأس السنة الهجرية إضافة  إلى ما ذكرناه سابقا في كيفية احتفال أطفال المدينة بهذه المناسبة والتي ينتشر فيها الأطفال من صباح اليوم الباكر  في شوارعها وأزقتها ووسط السوق العام للمدينة حاملين في أيديهم المباخر بمختلف الأنواع بالعامية ( مقاطر وبوابير ) يتطاير منها روائح اللبان ( البدوي ) الزكية على شكل جماعات منفردة مرددين الأهازيج ( مدخل السنة بركة والسيل فوق التكة ) ( يا لبان ياكوكبان ابعد إبليس والشيطان ) في موروث شعبي تتناقله الأجيال  جيل بعد جيل في وجه طفولي يملؤه الفرحة والبهجة باحتفالية هذا اليوم والذي يكرمون به من أصحاب البيوت وأرباب المحلات التجارية بمبلغ يسير من المال أوشيء من الحلوى اوالشيكولاته او يزودهم بالبخور بعد أن يقوم الأطفال بتبخير المحل اومدخل البيت بروائح اللبان المتطاير من المباخر ( المقاطر ) مرددين الأهازيج بدون خجل أو خوف وسط شغف ومشاهدة الوافدين للمدينة من خارجها لهذا الموروث الجميل والتي تعد في نظرهم عادات وتقاليد غريبة عليهم و الذي لازال يحتفظ  بها هؤلاء الأطفال حيث تجد  الأولاد مع بعض والفتيات مع بعض وهم يلبسون الثياب الجميلة التي ارتدوها بهذه المناسبة بعد تزويدهم بالمبخرة والفحم الخشبي والبخور ( اللبان ) .

 

وحتى وقت الظهيرة يتجولون من محل لآخر يتسابقون كل واحد منهم يريد أن يكون هو من يحظى بشرف تطييب هذا المحل أو ذاك وظللنا نراقبهم فوجدناهم كلما ذهبت مجموعة عادت أخرى يسعدون بما يحصلون عليه من مقابل مادي بسيط  ولكنهم في الأصل حافظوا على عادة من عادات الزمن الجميل.

 

   هكذا شعر الناس بأن العام الهجري الجديد قد دلف إلينا من خلال هؤلاء الصغار الذين يجعلونك تحس بالروحانية وجعلوا شوارع وأزقة وبيوت ومساجد سيؤن تنتشر وتفوح فيها رائحة اللبان الذين يعتقدون أنه يطرد كل شيطان .

 

ومن خلال تجوالنا ومشاركة الأطفال فرحتهم أجرينا بعض الحوارات مع عدد من أهالي مدينة سيئون وخارجها عن كيفية الاحتفال برأس السنة الهجرية وكذا انطباعاتهم حول تعبير الأطفال بهذا الموروث .

 

  هادي مبارك حمادي

منذ القدم ومدينة سيئون كغيرها من المدن في الاحتفالية باستقبال سنة الهجرية الجديدة من خلال القراءة والمواعظ والأذكار والدعاء  بالمساجد وتكون ليلة مميزة في وداعية السنة واستقبال السنة الجديدة حيث تكون وجبة العشاء قديما وجبة خاصة ودسمه وفق ومقدور كل بيت ولكن العامل المشترك هو وضع قليل من كل نوع من النباتات والأشجار واعواد النخيل التي تنبتها الأرض فوق غطا ( الصفرية ) الطست الذي يطبخ فيه وجبة العشاء لتبرك ان تدخل عليهم السنة الجديدة ان يبارك لهم الله هذا الرزق بزيادته ومضاعفته لما فيه من وجباتهم الرئيسية لهم ولمواشيهم . أما الأطفال ففي أول يوم من مدخل السنة ليس مثل الوقت الحاضر الذي نشاهده اليوم حيث كان محصورا على دكك بيوتهم ويتغنون بالأهازيج نفسها التي نسمعها اليوم مدخل السنة بركة والسيل فوق التكه ويا لبان ياكوكبان بعد إبليس والشيطان وما نشاهده اليوم هو امتداد للموروث والعادات والتقاليد السائدة قديما وهو شي جميل ومفخرة وهي تعيد أيام الطفولة والذكريات الجميلة برغم اختفاء العديد مما سبق ذكره وبقيت عادة الأطفال هذه ويجب الحفاظ عليها .وأما الفارق بين الماضي والحاضر كان الماضي أفضل بكثير حيث كانت الدعوات مستجابة من ربنا أما اليوم الله يستر علينا فالقلوب تحجرت والحسد والكراهية كثرت بين الناس ولكن لا نيأس من رحمة الله .

 

  الأستاذ حسين علي العيدروس

في هذا اليوم الجميل والعزيز في قلب كل مسلم وهو أول يوم في السنة الهجرية وفي مدينة سيئون غالبية الناس تحتفل بهذه المناسبة وترى الأطفال بنين وبنات ينتشرون في الشوارع مبتهجين بهذه الفرحة الكبيرة وهي عادة جميلة تحسس الطفل بأنه فيه حدث وان هذا الحدث مهم جدا و يشعرون بان شيء حدث ولكن أرى بان المنظر ان الأطفال في الأسواق غير حميد ولكن هذا شعور من قبلهم لاإرادي ولكن إذا هناك أفكار من خلال جمعيات او مكتب الأوقاف والإرشاد او المسئولين في البلد بأن ترعى هذه الاحتفالية للأطفال من خلال تقديم المسابقات وتقديم الهدايا وخلق نفس الشعور الذي يحس به الطفل من موروث شعبي وتطويره بطرق محببة إلى نفسياتهم مثل هذه المناسبات الدينية وغيرها ووادينا يزخر بالكثير من الفلكلور والموروث الشعبي الأصيل الذي كان يمارسه أجدادنا والسلف كان الأفضل  من التجوال والذي ينظر لها بعض الناس بأنها تهدف إلى مآرب أخرى .

 

مبارك عبود باضاوي ( صاحب كشك بيع عطور وبخور )

الحمد لله الذي أكرمنا بهذا اليوم العظيم وهو يوم عظيم في نفوس المسلمين ونحمد الله ان أكرمنا بهذه الحياة ومرت علينا سنة بسيئاتها وحسناتها ولكن نسأل الله أن يوفقنا بالحسنات وفي هذه اللحظات وأنت ترى الأطفال وهم يتغنون بهذه الأهازيج والبسمة مرسومة على وجوهم والفرحة والبهجة تغمرهم وادخلوا السرور في أنفسهم لماذا لا نشاركهم هذه الفرحة والذي بدورنا نوزع عليهم ما تيسر من فلوس والبخور لتكتمل فرحتهم وهي عادة طيبة وكل بلد ومنطقة لها عاداتها وتقاليدها ويجب الحفاظ عليها

 

وفي ختام تجوالي لفت نظري أحدى المواطنين في السوق العام من خارج محافظة حضرموت وهو يتبادل الحديث مع الأطفال ويبادلهم التهاني وتغمره الدهشة بهذا المنظر البهيج ويضع يده على البخور تارة ويستنشق عبيرها ويقدم للأطفال كما يسميها هدية العيد فاتجهت نحوه وسألته عن اسمه فأجاب .

 

المهندس عبد الجليل علي صالح الدبا أخصائي المساعدات الفنية في مشروع تطوير التعليم الأساسي :

فسألته عن شعوره وهو يشاهد الأطفال باحتفالهم بعيد رأس السنة الهجرية بمدينة سيئون فأجاب ( حقيقة لا استطيع أن اعبر عن شعوري بهذا المنظر البهيج والفريد من نوعه في هذا الزمن وهو يذكرني بأيام الطفولة الأولى التي كنا نحتفي بها في مثل هذه الأيام الذكريات عزيزة وذكرى السنة الهجرية عادها الله علينا وعلى جميع المسلمين بالخير واليمن والبركة وافتخر بان هذه العادات لازالت في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت لازال الكل يحتفظ بها ولازال الأطفال يحضون بهذه الفرصة الجميلة  ويحتفون بها ويتظاهرون بهذا الشكل الجميل الذي يعبر عن شيء يبهج ويسر الناظر ويسعد النفس كثيرا ويعتبر جزء من تراثنا وتاريخنا يجب المحافظة علية ودعمه وتشجيعه لأنه موروث ثقافي واجتماعي لا يجب التفريط فيه بأي حال من الأحوال .

 

وفي ختام استطلاعنا من عادات وتقاليد مدينة سيئون في احتفالية أطفال المدينة بهذه المناسبة الغالية على قلب كل مسلم من موروث وفلكلور بغض النظر عن المؤيد والمعارض لهذه العادات ولكن ستبقى خالدة في أذهان الكبار والصغار ولكن دعوني استوقفكم عند مشهد سمعته في وسط احد المحلات التجارية الكبيرة بالسوق العام بسيئون وأنا اجري هذا الاستطلاع عندما اقبل الأطفال وهم يحملون المباخر والمنبعث منها روائح البخور ويتغنون بالأهازيج ( مدخل السنة بركة والسيل فوق ألدكه ) فإذا بأحد كبار السن المتواجدين بالمحل التجاري يضع يده على رأسه وهو يقول لا اله إلا الله محمد الرسول الله هل تعلمون متحدثا للموجودين بالمحل لا أعرف أن اليوم مدخل السنة الهجرية إلا من خلال صوت أهازيج هولاء الأطفال ورائحة اللبان البدوي التي ذكرتني بأيام الطفولة فنادى الأطفال وأكرمهم وقال لهم بارك الله فيكم .

 

فهل وصلت الرسالة......؟

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص