لا أظن أن هناك من ينكر أن الوحدة في ذاتها شيئ مقدس ومطلوب .. لأن في ذلكالعزة و القوة و الاتحاد , ولعلنا في يمن الحكمة و الإيمان و كما هي عادةاليمنيين في كل زمان و مكان أن يفاجئوا العالم وفي أصعب الظروف و أحلكاللحظات بإنجازاتهم الباهرة .
ففي عام 67م حيث أصيبت الأمة العربية بنكسة حزيران المشؤومة يرتفع فيجنوب اليمن علم الدولة العربية الجديدة حديثة العهد جمهورية اليمنالجنوبية الشعبية التي استطاعت انتزاع الحق من الاستعمار البريطاني في 30
من نوفمبر من عام 1967مو يتكرر الحدث من جديد ولكن بشكل أوسع وأجمل و أشمل .
ففي العام الذيكانت الأمة العربية و العالم مشغولة بحرب العراق عام 90 م إذا باليمنيينيعلنون قيام الدولة اليمنية القوية الواحدة تحت مسمى الجمهورية اليمنية ،حينها بارك العالم هذا الحدث الفريد و اعتبر ذلك انجازا تاريخيا عظيما .
واستبشر اليمانيون في الجنوب و الشمال بتحقيق الوحدة اليمنية و نعتوهابالمباركة و هي مباركة حقا لأنها تستند لقول الحق تعالى في كتابه الكريم.. واعتصموا بحبل الله جميعا و لاتفرقوا ..
مضت الأعوام و دخلت الدولة الوليدة في مناكفات و إساءة ظن أحد الشركاءبالآخر إلى أن اشتعل فتيل الحرب بين الأشقاء في الوطن اليمني الواحد بعدأربعة أعوام فقط من تحقيق هذا المنجز الكبير .. ولأنه لابد أن يتغلب طرفعلى آخر فقد استشعر الطرف الغالب نشوة الانتصار واعتبر أن الوطن قد أصبحملكه بمفرده نتيجة ارتكاس الطرف الثاني الذي شعر بالغبن و القهر و أحس أنكل خيراته تذهب لغيره و أنه مظلوم مظلوم مظلوم ..
مارس النظام في صنعاء حكمه على الطريقة التي تروق له متجاهلا كل ما يحملهله أبناء الجنوب " اليمن الديمقراطي " شريك الوحدة من مطالب حقوقية وإنسانية ، بل و تعدى الأمر ذلك إلى أن طال بعض مناطق الشمال ذاتها !!
ومضت الأعوام مثقلة بالهموم و المشكلات و المطالبات و المناوشات وتشتدعاما بعد عام حتى بلغ السيل الزبى كما يقال فنشأ ما يعرف بالحراك السلميالجنوبي عام 2007 و تشكلت الأحزاب و المنظمات و التكتلات .. وكان عام2011م عام الثورات العربية هو التوقيت المناسب لإفراز كل هذه التراكمات.. فعبر كل فريق عما يجول بداخله بطريقته و حسبما يعانيه من ظروف واختلفت المطالب ، إلاّ أن الجميع اتفقوا على شيئ واحد ألا و هو تغييرالنظام و هتف الشعب كله .. الشعب يريد تغيير النظام وكان له ذلك .. إلاّ أنالتغيير لم يكن جذريا حفاظا على الدم اليمني أن يهراق وحبا في الوطن وخيراته و مكتسباته !
وجاءت مرحلة الوفاق الوطني التي نعيش أيامها في الوقت الراهن .. وكادتالوحدة اليمنية أن تتراجع من كثرة العواصف التي تهب عليها يمنة و يسرة ونتيجة للتراكمات و الاحتقانات التي توالدت و تكاثرت خلال السنوات الماضية؛ و لولا عناية الله تعالى و المبادرات و التنازلات و لقاء الإخوة علىطاولة الحوار الوطني و المصارحة و المناقشة التي تصل أحيانا كثيرة إلى حدالجدال و الاختلاف في الرؤى إلاّ أن الجميع بعد ذلك يرجّحون مصلحة الوطنالكبرى على مصالح الأحزاب و المكونات و المصالح الجزئية .
يرى الكثيرون أن استمرار دولة الوحدة بصورتها الحالية أصبح مستحيلا ،فيما يرى آخرون أن عودة البلاد إلى ماقبل 22 مايو 90 أمرا ليس ضروريا ولا حتميا بل و ربما في غاية الخطورة .. فعجلة الزمن و عجلة التقدّم والتطور لا تعود إلى الخلف بأي حال .. لذا يلوح في الأفق أن هناك شكلاجديدا للدولة اليمنية الجديدة قادم على الطريق يصحح مسار هذه الدولةالقائمة ويوفر العدالة الاجتماعية لكل المواطنين دون تفريق بينهم و يعطيكل ذي حق حقه ويحترم خصوصية كل محافظة و كل منطقة بما يضمن بناء يمن سعيدبحجم هذا الوطن وخيراته و ثرواته وتراثه و حضارته وشعبه الأبي الذيدائما ما يفاجئ الأمة العربية و العالم بمنجزاته العملاقة ..
هنيئا لك ياشعبنا اليمني العظيم هذا التواد و الانسجام و سدد الله على طريق الخيرخطاك ورعاك .. اللهم آمين ..
بقلم : نزار باحميد