عندما تُصبح خدمة الوطن عاراً

الانتساب الى السِّلك العسكري شرف وفخر وعِـز.. وذلك لأنه يمثل ركيزة أساسية , هي حماية الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره , وحماية مقدساته , ومصالحه وثرواته وتراثه وحضارته .

وكذا الحفاظ على سلامة أبناءه جسداً وفكراً وروحاً , وحماية مصالحهم وممتلكات , العامة والخاصة .

فأبناء السلك العسكري - بكافة مواقعهم ومراكزهم - هم حماة الوطن , وهم صمام أمانه , وهم عينه السَّاهرة , التي لا يُغمض لها جفن , ولا يطيب لها مقام.

أبناء السلك العسكري - المخلصين لوطنهم وأُمَّتِهِم - آخر الناس نوما , وأولهم تيقظا.

كما أنهم في المُلِمات الجِسام , أول الناس إقداما وتوجهاً .. وفي مواطن الشَّرف والتضحية , أول الناس فداءً وتلبية وتضحية وإخلاصاً .

فلكم أُكْبٍرُ فيهم بسالتهم , واسترخاصهم لأرواحهم , في ذودهم عن الحِمى , ودفاعهم عن الأوطان .

ولكم - والله - دمعت عيني إجلالاً لعزة نفوسهم ورباطة جأشهم , والشمس الحارقة تلفح خـدودهم العارية , والغبار يعبث برؤوسهم المكشوفة في العراء , وعلى قارعة الطرقات .. يتركون الأهل ولأولاد ولذيذ المنام , مكتفين بيسير الطعام , ومقدمين على الموت الزؤام .

لقد عرفت وجلست مع نماذج من هؤلاء الكبار الأبطال , تشعر بالفخر والعزة لذكرهم والحديث عنهم .

ومن أجل هذا الإقدام وهذه الجسارة , كان الفخر والشرف لأبناء القوات المسلَّحة والأمن .

ومن أجل ذلك عملت الدُّول على الاهتمام بهم , ورفع مكانتهم , أحياءً وأمواتاً .

بل لقد حَرَّم الاسلامُ النَّارَ على أمثال هؤلاء المخلصين الأوفياء.

يقول القائد الأعلى , والمربي العظيم صلى الله عليه وسلم " عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله , وعين باتت تَحُرسْ في سبيل الله" .

وحراسة المسلم لوطنه والذود عن حماه , من أفضل القربات عند الله تعالى .

لكن المأساة الكبيرة : عندما تُقابل تضحية هؤلاء العظماء , بالعبث والإهمال .

فعندما يشعر المنتسبون - لهذه المواقع السامقة - , بالإهمال والإهانة واللامبالاة .

وغيرهم من المرتزقة والهمج الرِّعاع , يرتعون بالحصانات الدبلوماسية , والمِنح والرَّفاهية , وهم في سرقتهم يفرحون , وفي المال العام يسرحون , وفي غيهم يعمهون .

يجلسون على كراسي دوارة , يحركون خواصرهم يمنة ويسرة , كعاهرة في دار البغاء .

المأساة : عندما يُحرم أمثال هؤلاء البواسل , حقوقهم ويعاملون معاملة الخدم , لقادةٍ التصقت مؤخرتهم بالكراسي من كثرة المآسي وأَسَن الركود .

المأساة : عندما يتذوق هؤلاء الأبطال مرارة تخلي الدولة عنهم وقت المرض , أو الكِبَر, أو الطَّـفَـــر!!.

المأساة : عندما يدفع هؤلاء الشُّجعان ثمن الانتساب : القهر والحرمان , والفقر , والتشرد , والتفجير اللعين!!.

المأساة : عندما تكون القبيلة أقوى في حماية أبناءها والقابعين تحت كنفها !! , والحكومة أضعف في توفير الأمن لمنتسبيها ورعاياها !!.

المأساة : عندما يكون الزَّيُّ العسكري فريسةً يلاحُق في جبال صعدة , وشيطاناًً يُطارد في صحاري الجنوب , و عاراً يُفجَّر في شوارع المدن المتحضرة .

بقلم : فؤاد الحبيشي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص