بروح يملؤها التفاؤل والأمل ، وبأنفس يحدوها الطموح بمستقبل مشرق انخرط طلاب كُثُر يملكون همماً عالية وغايات طموحة وثّابة ، انخرطوا بقسم الصحافة والإعلام التابع لكلية الآداب بجامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا، خلال العام الدراسي 2010م / 2011م أي قبل ثلاث سنوات ، وخلال المسيرة الصعبة للقسم تحمل الطلاب ـ خاصة طلاب الدفعة الأولى البالغ عددها اثنان وثلاثون طالباً وطالبة ـ كل شدة وضَيم ، وصبروا في وجه كل معاناة كانت تواجههم في الدراسة ، إذ كانوا يدرسون حتى يوم الخميس خلافاً لبقية التخصصات والكليات ، لكنهم تحملوا عناء المشقة والنقص في كل شيء بدءاً بنقص أعضاء الهيئة التدريسية ، والتي كان الدكتور الفاضل عبد الله الحو يمثل بحد ذاته فريقاً في هيئة فرد وحيد ، فكان بهمة منقطعة النظير ورغم كبر السن ومشقة بعض الأمراض المزمنة المصاب بها والتي كان أهمها داء السكر، كان يغطي محاضرات مقررات التخصص التي كانت تمتد لسبع ساعات متواصلة ، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الثانية بعد الظهر، إضافة لما عاناه الطلاب من دراسة مناهج قديمة وغير مواكبة للتطور الكبير في مسار الإعلام والصحافة ، وتشتت أفكارهم بين عدد من المقررات ربما نأى بعضها عن التخصص وأصبح عبئاً على الطلاب يقاسونه في طريق سلسلة المقاساة التي امتدت بهم ، إلاّ أنهم رغم ذلك وبرغم تشتت رغبات بعضهم بين تخصص الإذاعة والتلفزيون والبعض الآخر بالعلاقات العامة ، حاولوا التأقلم مع الوضع القائم ، علّ وعسى أن ينهض القسم بطلابه ويتغير الحال إلى الأفضل . وسنة وراء أخرى أخذ القسم يمشي رويداً رويداً ، حتى اشتدّ عوده وكثُر طلابه، وازداد محبوه ، وانتشر صيته في الآفاق الحضرمية ، وبدأ في رفد الساحة الإعلامية ببعض المواهب والقدرات ، واستبشر الجميع لصاحبة الجلالة ومهنة المتاعب والسلطة الرابعة بروّاد جُدد يشدّون من عزمها، ويعملون على استعادة مجدها المفقود وإرجاع ماضيها التليد، وضخِّ دماء الشباب إليها بعد أن أصابها الضعف والجمود ، وعمّ في جسمها الشّيب ، فكان أن أُسست على أكتاف طلاب منهم الجمعيات الإعلامية ، ونُفذت بجهود جبارة من قِبلهم الكثير من المناشط الثقافية، ونُظمت الحملات التوعوية والصحفية، وأقاموا الاحتفاليات التي أشاد بحُسن تنظيمها وجديتها وتنسيقها الجميع ، وتسابق الشباب في عرض مواهبهم ومكنونات أنفسهم ، وسعُدت بهم الساحة الإعلامية ، واستبشرت بقدومهم كل الفعاليات والمكونات المجتمعية .
وبدون أن يعرف أيٌّ منهم الدوافع والمسببات ، تفاجأ جميع الطلاب في المستويات الثلاثة والبالغ عددهم أكثر من مائة طالب وطالبة منذ فترة وجيزة بقرار لا تشاوري من قبل مجلس الجامعة لشئون الطلاب بإيقاف التسجيل في القسم للعام الدراسي المقبل 2013م / 2014م ، ولا ندري حينها هل تم التنسيق مع رئاسة القسم أم لا ؟، وبحسب بعض المصادر فإن رئاسة القسم غير راضية عن قرار الإيقاف ، إلاّ أننا للأسف الشديد لم نلمس منها حتى الآن أية مواقف داعمة ، ولم يبدر منها أي تصرف تجاه ذلك القرار الجائر، ولم يتم مصارحة الطلاب بشفافية حول ملابسات ما يجري ، وما يدور في الخفاء ، بل تم الإبقاء على الطلاب بعيدين عما يجري حولهم ، ومورس عليهم نوع من الإقصاء والتهميش غير المبرر إن صحت التسميتان ، وهو ما يعني لنا كطلاب أن وراء الأكمة ما وراءها، وحينها تساءل الكثير منا: لماذا تم إقصاء قسم الصحافة والإعلام من التسجيل للعام المقبل ؟ ، وما الضامن لعودة التسجيل إليه في سنة أخرى وسط تخوفات كبيرة وتوقعات مفادها أن التسجيل إن أُوقف العام المقبل فسوف يوقَف لأعوام أخرى ؟ ، وهل يمكن لنا أن نعتبر أن هذا الإيقاف لا يُعدّ إلا مرحلة أولية وخطوة البداية والإسفين الأول الذي يُدقّ على نعش القسم؟ .
وخوفاً على مستقبل القسم أبدى جميع الطلاب رفضهم القاطع لقرار إيقاف التسجيل ، بل ورفضهم أيضاً لكافة المبررات المطروحة من قبيل النقص في القاعات الدراسية و قلة عدد أعضاء الهيئة التدريسية و" أن معظم أعضاء هيئة التدريس متعاقدين وليسوا ثابتين، وأن هناك تخوفات من أن المتعاقدين يمكن أن يتركوا التدريس في أية لحظة " ، وما يمكن الإشارة إليه في هذا الجانب أن قسم ( القانون ) الذي تم تأسيسه بشكل متواكب مع قسم الصحافة والإعلام ، وتم تأسيسه كقسم تابع لكلية العلوم الإدارية ، فقد صار بعد فترة وجيزة ( كلية ) مستقلة تتمتع بكافة الحقوق وصار لديهم مبنى مستقل، إلا أنهم ومن المعلوم للجميع لا يزالون يعانون من مشكلة نقص الكادر التدريسي ولم يُتخذ بشأنهم إجراء مشابه ؟!! أما فيما يخص نقص القاعات في الكلية فهذه الإشكالية كانت حاضرة قبل افتتاح القسم ، فلماذا تم تجاهل المشكلة فيما مضى ليُفتح ملفها في الوقت الحالي مع توقيف القيد بقسم الإعلام ، علماً أن إدارة الجامعة قد قدمت وعوداً براقة كثيرة تبدو أنها للتضليل لا أقل ولا أكثر بأن الأيام القادمة ستشهد افتتاح قاعات دراسية مجهزة بل تم الشطح في القول بالوعد بتحويل القسم إلى كلية، لكن لم يحدث من ذلك شيء وصحونا على وقع الكارثة .
لقد أوضح عدد من الدكاترة والطلاب أنهم قد تلقوا الكثير من الاتصالات من مجموعة من الطلاب الذين تتوفر لديهم الرغبة الملحة بالتسجيل في قسم الصحافة والإعلام العام المقبل، ولعل هؤلاء الشباب سيصابون أو قد أصيبوا فعلاً بخيبة أمل شديدة عندما عرفوا بقرار إيقاف التسجيل في القسم، وما مصيرهم إن استسلموا للأمر الواقع وانخرطوا في تخصصات أخرى لا يرغبونها؟، بل ما مصير الواحد منهم إن تأخر عاماً آخر معتمداً على وعد فتْح التسجيل في العام التالي ثم تغير الحال ولم يكن هناك من تسجيل ؟
وفي الإطار نفسه فقد تلقيت الكثير من رسائل الاستنكار في صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك ) لعل أبرزها ما جاء على لسان أحد الإخوة مستنكراً قرار الإيقاف للتسجيل بالقسم فقال لي بالحرف الواحد : " العجيب أن بعض التخصصات لا فائدة من دراستها هنا، وليس لها فرص عمل، وأكثر خريجيها في الشارع، وقد سألتهم في صفحة القبول عن عدم غلقها و غلق هذه التخصصات المهمة ـ في إشارة لقسم الصحافة والإعلام ـ فقالوا لي : " لست أنت من تعلم أن هذه التخصصات مهمة "" .
ومع قضية إيقاف التسجيل في القسم المطروحة برزت للعيان قضية أخرى عويصة، فإن كانت قضية الإيقاف السابقة تخص الأجيال القادمة، فإن القضية الطارئة تخص الدفعات الموجودة ( عددها ثلاث دفعات بقوام أكثر من مائة طالب )، وخلاصة القول فيها أن الطلاب الدارسين الحاليين ساورهم الخوف في مسألة المخرجات القادمة، وهل ستكون معتمدة بشكل كامل، أي من جانب الجامعة والتعليم العالي، فعندها سيواصلون تعليمهم بأنفس مطمئنة ودون أية تخوفات أو توجس، إلا أن ما فاجأ الطلاب الدارسين بقسم الصحافة والإعلام صدور أحد أخطر التصريحات وهو ما أدلى بها عميد كلية الآداب الدكتور فؤاد سالم بامعروف في أحد الأحاديث الصحفية ( صحيفة الجامعة ـ العدد الأول مايو 2013م ) إذ كشف من جانبه أن قسمي الصحافة والإعلام والمكتبات هما قسمان لم تُستكمل إجراءات فتحهما فقال بالحرف الواحد : " أريد أن أوضح لأبنائي الطلاب أن هذين القسمين بالذات واللذين فُتحا قبل ثلاث سنوات لم تُستكمل الأوامر الأكاديمية لفتح أي قسم في أي كلية كانت، والتي تبدأ بموافقة القسم وموافقة الكلية، ثم يُرفع إلى المجلس الأعلى للجامعات اليمنية ليأخذ صيغة القرار النهائي، ولا يمكن فتح أي قسم إلا بعد أن توافق عليه هذه الجهات الأربع ، وبالذات المجلس الأعلى للجامعات اليمنية، وللأسف إلى حد الآن هذه الأقسام التي فُتحت لم تأخذ الموافقة الرئيسية من المجلس الأعلى للجامعات اليمنية " .
إن هذا التصريح الخطير الذي أدلى بع عميد الآداب قد ولّد حالة من اليأس والغضب لدى الطلاب، والخوف المتزايد مما حدا بالبعض منهم الاعتزام بتحويل دراسته إلى جامعة عدن، خاصة وأنه لم يذكر أية مساعي سابقة أو حتى مستقبلية للعمادة باتجاه حل هذه الإشكالية بل اكتفى بمناشدة باهتة لرئاسة الجامعة أن تنظر للقسمين بعين الجدية بتوفير هيئة تدريس كافية، والتواصل مع المجلس الأعلى للجامعات اليمنية لكي يتحصل القسمين على الصيغة القانونية، ونحن متأكدون أن مجلس شؤون الطلاب في جامعة حضرموت لن يكون في وسعه التحرّك كون رئاسة الجامعة تعاني من المشكلات الكثيرة من رأسها إلى أخمص قدميها ومن بينها قضية الموظفين والمتعاقدين التي لم تصل إلى حل حتى هذه اللحظة .
ومما يؤسف له أيضاً أن يصرح عميد الكلية أن من المشاكل الموجودة أن يكون رئيس القسم من قسم آخر، في إشارة للدكتور الفاضل محمد سالم بن جمعان الذي بذل مزيداً من الجهد في سبيل الارتقاء بالقسم وتحمل الأعباء الكبيرة في سبيله، ونحن متأكدون أن عمادة الكلية إذا كانت تنظر لرئيس القسم الحالي على أنه حجر عثرة لعدم تخصصه في الإعلام، فإن الدكتور بن جمعان لا يمكن له أن يرضى في يوم من الأيام أن يقف حجر عثرة في طريق القسم .
إننا ندعو بصفتنا طلاب الدفعة الأولى لقسم الصحافة والإعلام، ونيابة عن طلاب القسم، كافة الأحزاب السياسية والأساتذة والشخصيات الأكاديمية والاجتماعية والمثقفين والشخصيات الاعتبارية والطلاب الراغبين بالتسجيل ممن لم يستطيعوا، ندعوهم جميعاً أن يقفوا وقفة جادة مع مطالب أبنائهم وإخوانهم الطلاب وأن يتحركوا بما يستطيعون من خلال حملات التوقيعات ورسائل الاستنكارات والوقفات الاحتجاجية وغيرها لتوقيف هذه القرارات لأنها ستؤثر تأثيراً كبيراً على مستقبل الشباب وستؤدي إلى تراجع مؤشرات التعليم الجامعي الحضرمي على وجه الخصوص، واتساع سياسة التجهيل بين أبنائنا الطلبة ، وهو ما لن ترضاه كل نفس حضرمية أبية تعلم أن النهوض بواقع التعليم الجامعي أمانة تقع على عاتق الجميع .
بقلم : أحمد عمر باحمادي