المشكلة في غياب الدولة ومؤسساتها

في آخر فعالياته الأسبوعية للفصل الأول نظم منتدى بن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع الأربعاء الأخير من شهر مايو 2013م حلقة نقاشية حول أوضاع التعليم الثانوي، وثانوية الصبان أنموذجاً، استهلت هذه الحلقة بريبورتاج مصور عن أوضاع ثانوية الصبان – سيئون، تحدث  فيه مجموعة من التربويين عن تأسيس المدرسة ومراحل  تطورها، كما تحدث أيضاً مدير المدرسة عن المشكلات التي تواجه المدرسة والتي أثرت سلباً على سير الدراسة وحالة الانضباط فيها، وقد اكتسبت هذه الحلقة أهمية خاصة بحضور الدكتور صالح عرم المدير العام السابق للتربية والتعليم في المحافظة، وممثل عن مكتب فرع وزارة التربية والتعليم بالوادي والصحراء وعدد من المعلمين والطلاب، وخلال المناقشات والحديث ألقى بعض المتحدثين اللائمة على الإدارات المدرسية والمعلمين، حقيقة لا يمكن تجاهل الدور الهام والحيوي للإدارات المدرسية وللمعلمين في العملية التربوية والتعليمية في كل مراحل التعليم الأساسي والثانوي، لكن هذا يأتي بالتأكيد في ظل وجود استقرار سياسي وأمني في البلاد وفي ظل حضور كامل للدولة بكل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، ولكن في ظل الأوضاع الاستثنائية الحالية التي تعيشها البلاد؛ حيث الفلتان الأمني هو السائد، وغياب الدولة، وضعف هيبتها، من الصعب جداً الحديث عن تطور تعليمي وتربوي واستقرار في العملية التعليمية حتى ولو جئنا بمعلمين يمتلكون من القدرات والكفاءات العلمية والإدارية ووضعناهم على رأس مؤسسات تربوية وتعليمية في ظل هذه الظروف المعقدة من الصعب جداً عليهم أن يحققوا  أية نجاحات علمية أو إدارية .. ماذا عملت التربية ومعها الدولة عندما قتل المعلم الشاب الحبشي غدراً وظلماً لا شيء يذكر حتى الآن ..

إذاً الحديث عن تطور تعليمي وتربوي في ظل هذه الأوضاع يعتبر شيئاً من اللامعقول فالجميع محتاجون إلى دولة تتولى حمايتهم ورعاية مصالحهم .. قد يقول قائل الدولة موجودة.. نعم موجودة، ولكنها غير فاعلة نتيجة لحالة الانقسام، فرموز النظام القديمة لازالت حاضرة بقوة في أجهزة الدولة ومؤسساتها وتعرقل أية تحولات من شأنها أن تنهي نفوذها ووجودها .

ومن المشكلات الرئيسية الأخرى التي تؤثر سلباً في العملية التربوية والتعليمية بل وفي كل عمل مؤسسات الدولة ومرافقها هي المركزية الإدارية والمالية التي أتت بها دولة الوحدة والتي أدت إلى ضياع حقوق كثير من المعلمين والتربويين والإداريين والعاملين حتى اليوم وساعدت على انتشار الفساد بشكل كبير في مؤسسات الدولة التربوية والتعليمية وغيرها من المؤسسات الأخرى .

من المعروف أن حضرموت ورثت نظاماً إدارياً ومالياً متقدماً عن السلطتين القعيطية والكثيرية تم الحفاظ عليه وتطويره يتمتع بنوع من الاستقلالية الإدارية والمالية، وفي محافظة حضرموت كانت توجد (18) ثانوية قبل الوحدة تتمتع باستقلالية إدارية ومالية، لكل ثانوية ميزانية خاصة لمدة عام توضع تحت تصرف مدير المدرسة في البنود الأساسية لتسيير عمل المدرسة، مثل : المرتبات، الكهرباء، المياه، تلفون، نقل الطلبة، غذاءات ... الخ، حتى مرتبات المعلمين والعاملين في هذه المدرسة تصرف بتاريخ 25 من كل شهر من هذه الميزانية، بالإضافة إلى ذلك كان مدير المدرسة في حالة وجود خانة شاغرة في المدرسة نتيجة للتقاعد أو الوفاة يقوم بترشيح البديل إلى مكتب العمل دون العودة إلى مدير التربية بالمديرية أو المحافظة .

إذاً المشكلة الكبيرة المعقدة التي تعانيها المدارس الثانوية وغيرها من المؤسسات التربوية والتعليمية وكذلك جميع مؤسسات الدولة هي غياب الدولة و ضعف سلطتها ولاسيما على الصعيد الأمني والذي أثر سلباً على مجمل حياة المواطنين ناهيك عن الوضع التربوي التعليمي، فبدون دولة قوية حاضرة في كل زمان ومكان من الصعب جداً الحديث عن أي تطوير تعليمي وتربوي أو عن أي مهام أخرى منوطة بالدولة كالتنمية وغيرها .

كما أنه لابد من وضع حد للمركزية الإدارية والمالية التي تعاني منها مؤسسات الدولة والبحث عن نظام آخر يحرر المحافظات من سيطرة وهيمنة المركز، ويجعل أبناء المحافظات هم المتحكمون فعلياً في محافظاتهم أمنياً وإدارياً وسياسياً واقتصادياً .

بقلم / أ. فرج طاحس

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص