يبدو من خلال المراقبة (البصريّة) للسفينة تشامبيون مدى تزحزحها عن موقعها وميلانها يوماً بعد يوم، وكأنها قد بدأت العدّ التنازلي لعملية (إنقلابيّة) تنوي القيامَ بها في ظل التحركات الرسميّة المتخلّفة وغير المتواكبةِ مع الحدث وخطورته وتبعاته البيئيّة والصحيّة والاقتصاديّة والاجتماعية ولربما السياسيّة ..
إنّ كارثةً بهذا الحجم، وحدثاً بهذا القدر للأسف الشديد لم يلقَ حتى اليوم اهتماماً وتحرّكاً رسمياً ولا حتّى شعبياً يليقُ به وبمدى خطورته، فالمركز (الصنعانيّ) السادرُ في غَيّهِ وتجاهلهِ لا يزالُ يُمارس نفس الأسلوب العنصري في التعامل مع القضيّة، فالكارثةً في حضرموت ناهيكَ عن كونها في الجنوب، فلا يحتاج الأمر ولا يستحق في نظرهم أكثرَ من زيارةٍ مكوكيّة لمعالي وزير النقل لا تستغرق يومين وكأنه خبيرٌ دوليٌ كلّف خلالها خزينة الدولة ما كلّف من بدلاتٍ ومصاريف والتقط فيها العديد من الصور وكفى !!!، ولم نسمع بلجنةٍ وزاريّة أو هيئةٍ مكلّفة من فخامة رئيس الجمهوريّة على مستواً وزاري، أو حتى شخص يمثّل المركز يرابط في أرض النكبة كما حدثَ في كارثة السيول العام 2008م، ولربما يبدو السببُ جلياً واضحاً، فكارثة اليوم ليس لها ضروعٌ من ذهب أو أموال المساعدات فتُحلّب، بل هو المازوت الأسود فليتجرّعه مُلّاك الثروةِ المنهوبة واصحاب الأرض المنكوبة.
وهنا أتذكّر الحادثة التي وقعت في مثل هذه الأيام في الخامس من أغسطس عام 2010م، وهي حادثة عمال المنجم في تشيلي، ورأى العالم أروع عملية إنقاذ لأرواح (33) عامل مناجم، والأروع فيها هو الحضور الشخصي للرئيس التشيلي بنفسه وإشرافه الميداني المباشر على العملية، واستقباله لكل عاملٍ يخرجُ من كبسولة الإنقاذ، فشتّان شتّان.
وكعادتهِ لا يزال (المحلّي) الحضرمي وسلطته المحليّة ميداناً لاستعراض العضلات الوهميّة في المعارك (الدون كيشوتيّة) والمسرحيّات الهزليّة، وحينما يتعلق الأمرُ بكارثةٍ حقيقيّة كهذه تعاني هذا الصلف والتجاهل المركزي لا نرى حتى تلك العضلات من الهواء أو تلك السيوف من الورق.
إن وضعاً كهذا وفي ظل بوادر (الانقلاب) المرتقب للسفينة الشمطاء لن يحرّك مياهه الساكنة غير تحرّكٍ شعبيٍ يُجريها تياراً من التفاعلِ والايجابية في التعاطي مع قضيةٍ بهذا الحجم، فالشارعُ على ما يبدو لا يزال غير مدركٍ لخطورة الوضع أو تداعياته المستقبليّة، كما لا يُدرك الرمزيّة التي تمثلها (تشامبيون) لكل مظاهر الخلل والفساد والعبث والنهب، وأنّ الوقوف في وجهها هو وقوفٌ ضد كل تلك المظاهر والمفاسد والعبث بنا وبمقدراتنا وثرواتنا بل وحياتنا، فهو نداءٌ لكل شرائح المجتمع وتياراته واتجاهاته بأنّ هذه قضية وطنيّة تتسامى فوق كل قضايا السياسة والمصالح الفئويّة أو الشخصيّة، وهي تتطلب رصّ الصفوف وتوحيد الجهدِ والكلمة والشعور بالمسؤولية والتحرّك بإيجابيةٍ وفاعليّة.
ويبقى الأمر الهام اليوم هو إيقافُ هذا (الإنقلاب) الذي يبدو أنه على وشك الوقوع بشتّى الوسائل حتى ولو كان بربط السفينةِ بحبالٍ وأوتادٍ إلى الشاطئ المقابل تضمن ثباتها، فمتى تمّت عملية (الانقلاب) فالكارثةُ حينها اضعافُ أضعاف ما نتكلم عليه اليوم، وكما بقي المركزُ حيال (جُنوحِ) السفينة غائباً، وحيالَ (التسريبِ) فاتراً، فأعتقد أنه سيكون في حال (الانقلاب) أكثر ارتياحاً، فلربما يراهُ بابَ رزقٍ (غير كريم) ينفتحُ عليه للنهبِ من الخزينة المنهوبة أو يستجلبُ به المزيد والمزيد من المساعدات إلى (بطونٍ) لم ولن تشبع.
وفي الأخير وباختصار (السفينة بَغَتْ لها تَرْفُووووود) ..
بقلم الدكتور : عادل باحميد