اذا سلمنا بمنطق الحروب والصراعات المسلحة القاضي بوقف العمليات العسكرية والاستسلام للعدو , عندما يهزم الجيش في جبهة من جبهات المواجهة , فانه من المنطق والمعقول أن تنتهي ثورات الربيع العربي السلمية في مصر بعد سقوط أول رئيس عربي منتخب وهو الدكتور محمد مرسي على يد المؤسسة العسكرية المحتمية بدعم الدول الامبريالية العظمى والدول "الرجعية "في المنطقة العربي ..
وأيضاً تماشياً مع التأثير المباشر للأوضاع مصر وانعكاسها سلباً أو إيجابا على الدول العربية الأخرى , باعتبار الثورة المصرية ملهمة للثورات في الوطن العربي عبر الأزمان والعصور القديمة والحديثة , فانه من المنطق الواقعي والعقلي أن تتأثر كل دول الربيع العربي بالانهيار الدراماتيكي للثورة المصرية السلمية وسقوطها في فخ وشباك الجنرالات العسكرية , والانقلاب العسكري عليها بذريعها الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير وتلبية لمطالب الشعب المصري في الحرية والكرامة والديمقراطية !!..
وليس أدل على هذا الافتراض ماحدث في تونس واليمن اليوم من اختلاق لظروف سياسية وأمنية مشابهة لما حدثت في مصر تمهيداً لتكرار السيناريو المصري وعودة مايسمى بـ "الدولة العميقة" الاستبدادية من جديد , و عودة الهيمنة الغربية والأمريكية لهذه الدول والتبعية السياسية والاقتصادية والثقافية لها , وتكون دولاً خانعة وخاضعة لإرادتها , وتحقيق مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط , وتحقيق الحماية والأمن "لإسرائيل" , في المقام الأول و الأخير..
ولكن في اعتقادي أن الثورة اليمنية السلمية قد تجاوزت التأثير السلبي للمشهد المصري , ورسخت لإستراتيجية سياسية لمراحل طويلة الأمد , وحسمت أمرها بالتوافق السياسي المبكر بين الفرقاء السياسيين والثوريين , واستجابت لدعوات الحلول السلمية للازمة السياسية الطاحنة وذلك من خلال التوافق والتوقيع على وثيقة "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة " والانخراط الطوعي في "مؤتمر الحوار الوطني الشامل" وفقاً وهذا الاتفاق السياسي والوفاق الوطني , بالرغم من اعتراضات و تحفظات القوى الثورية على آلية الاختيار والمشاركة للممثلين في هذا المؤتمر , إلاّ ان العملية السياسية في اليمن لا قت من الإجماع السياسي والشعبي والتأييد الإقليمي والدولي في مشهد فريد من نوعه في العالم العربي ان تجتمع كل الدول حول قضية من القضايا العربية وتساندها وحتى "القضية الفلسطينية" لم تشهد هذا الإجماع على أهميتها ومكانتها !!..
خلاصة :
اعتقد أن ماحدث في مصر من تعثر للربيع العربي لن ينسحب بالضرورة على دول الربيع العربي الأخرى للأسباب التي أوضحتها ولكن على العكس من ذلك فان الدول التي تخشى وصول الربيع العربي الى ديارها وتعمل على اعاقته وإيقافه في مصر ببذل الأموال الطائلة لشراء الذمم العسكرية والمدنية , لتمرير هذا المخطط الساذج والتفكير السطحي الذي يخالف السنن الإلهية في التغيير , ويحاول مواجهة الموجة الشعبية الهادرة , والوعي السياسي الذي غزا القلوب قبل العقول , وحرك الجماهير والشعوب المقهورة , وبث فيها الحماس والروح الثورية من جديد , وحتماً فان رياح التغيير ستهب على تلك الدول التي ترى أنها في منأ ومعزل عن الربيع العربي , وها هي بذور الربيع العربي بدأت تنمو وتتفتح في الدول العربية "الرجعية" , وستؤتي أكلها عن قريب بإذن الله تعالى وان غداً لناظره قريب !! .
بقلم : ناصر الصويل