وقت أن تتقاعس أو تتخاذل بعض المكاتب الخدمية الحكومية عن أداء دورها والقيام بجوابها التي تم إنشاؤها من اجل تقديم خدماتها للمواطنين نظير مرتبات وعلاوات تدفعها الحكومة شهريا لموظفيها ويساهم المواطن في دفع مساهمته المجتمعية برضاه وبغيره والتي تصل بل وتفوق الأرقام والأصفر الستة من اجل أن يرى بلدته وشوارعها نظيفة ويفاخر بها أمام زواره وممن يدخلها أمنا من الأوساخ والقاذورات ومياه المجاري النجسة ، خاصة وان عاداتنا وتقاليدنا تدعونا التزاور وإقامة الوجبات ومراسيم الأعراس فيُسعد الداعي أن يستقبل زائره وقد شملت النظافة كل مكان وهو ما يجب أن تقوم به تلك المكاتب التي استمرت في تقديم التبريرات الخانقة للمواطن قبل السلطات الأخرى ، غير إننا نجتر المثل القائل : ( رُبَّ ضارة نافعة ) اجترارا ، ففي الوقت التى اخلدت فيه تلك المكاتب للراحة ، غير أهبة ولا مكترثة بما تعانيه البلد من انعدام النظافة في الشوارع الرئيسية والفرعية ، وما تفعله البيارات الفائضة في المارة نتيجة لتهالك وقدم مجاري التصريف الصحي ، إلاّ أن الشباب الغيور على بلدته ومنطقته وحيه الذي شعر بمسئوليته الدينية والوطنية تجاه تلك الرقعة التي يعيش فيها وعيونه تتكحل كل شارقة شمس وغائبة بالأوساخ التي تملأ شوارعها والأتربة المترسبة مذ سنوات على الأرصفة وذبول أوراق الزهور وأشجار الزينة بل وموتها في جُزرها من انعدام الماء وقلة سُقيها ففكر وقدر ثم رسم وخطط ، ثم اجتمع وقرر أن يكون له دورا وحراكا ايجابيا في حدود مساحة منطقته بعيدا كل البعد عن إشعال النار في الكداديف المكدسة ولا في الإطارات القديمة لأنه يعرف خطورتها على صحة الناس والبيئة .
ففي ليلة من ليالي شهر رمضان 1434 هـ المقمرة دعا ملتقى قدرة شباب مريمة عبر إعلانه عن إقامة حملة لتنظيف الشوارع العامة مبتدئا بشارع الستين كخطوة أولى وستتوالى خطوات تلك الحملة في الأشهر القادمة ، ولقد شعُر بعض الشباب بخيفة في نفسه من قلة حضور المبادرين غير أن الكل فوجئ بتوافد الشباب والرجال فرادا وجماعات فمنهم من احضر سيارته والآخر معداته ومنهم من يوزع الماء والشربات على المعتكفين في العمل التنظيفي لمنطقتهم وهكذا توحد شباب ورجال منطقة مريمة في عملهم وحراكهم الخيري مثلما توحد الكثير من شباب مناطق وأحياء مدينة سيؤن في هكذا أعمال تصب في صالح بلدتهم وكنت امني نفسي أن تتحرك شعرة مسئول ما في سلطتنا المحلية في النزول الى الشارع لرؤية هؤلاء الشباب وقد شمروا عن سواعدهم ويؤدون عملا بدلا عن أعمال آخرين ، ويقدمون لهم كلمة تحفيز وآثار الأتربة تختلط بقطرات العرق وقد أشرقت بها وجوههم وجباههم بعيدا عن الموائد الرسمية .
ما رغبتُ التذكير به ، أن بذرة الخير في نفوس الشباب وأفئدة الناس لا زالت حاضرة هي فقط في حاجة الى من يتحسسها وينميها ويسقيها بأكسجين الحياة بعيدا عن السياسة والتحزب اللذان أفسدتا كل شيء طيب وجميل في حياتنا ، وقد يعاتبني معاتبا ويقف عند تساؤله : لماذا شباب مريمة ؟ غير أنني أجيب حقيقة لا تبريرا ، إن مريمة كمنطقة تعيش اليوم اخطر مراحلها نتيجة لتغير التركيبة السكانية فيها خاصة فيما بعد عام الكارثة 2008م والحليم بالإشارة افهمُ ، إذن فالأمر في أمس الحاجة أن تتفهم السلطات المحلية بالوادي ماذا يعني أن تتغير التركيبة السكانية لأي منطقة كانت ، فكل معاني الاتزان الديمغرافي التى تتمتع به هذه او تلك المنطقة سينقلب رأس على عقب إن لم تقوم السلطات بدورها المجتمعي في تفكيك الاختلالات التى تحدثه الهجرات الداخلية اجتماعيا وسلوكيا وحتى سياسيا في حياة الساكنين الحقيقيين او الأصليين / وليست لدي الرغبة في الإطالة فلدي عدة مسودات عن هذا الموضوع ستأخذ طريقها للنشر قريبا ، لكنني أحببت استخدام الوخز الصيني في تنبيه الغافلين ممن قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كلكم مسئول ٌ عن رعيته ) ومبادرة يقوم بها قدرة شباب مريمة هي بذاته اسم على مسمى ( قدرة) لأنهم يعرفون حق المعرفة ان العراقيل أمامهم لا محالة ومن يثبط من همم الشباب هم أحياء يرزقون لكن قوة الشباب وقدرته قادرة ان تحفر في الصخر حتى وان كان الناس في المنطقة غير موحدين فقدرة الشباب قادرة على توحيدهم / بارك الله في كل أعمالك وسيروا ايها الشباب و لا تأخذكم في الله لومة لائم / والوطن مستقبله بين أصابعكم فكونوا ذخرا له .
بقلم : سليمان مطران