حضرموت اليوم / صنعاء / محمد
السامعي
حتى اليوم الخميس نكون قد تجاوزنا 100 يوم من عمر الثورة الشبابية الشعبية
السلمية التي بدأت بخروج عشرات الشباب في
شوارع أمانة العاصمة بالتزامن مع نجاح ثورتي تونس ومصر.
خلال هذه الفترة من عمر الثورة حصدت آلة
الموت الدموية التابعة لنظام صالح أرواح أكثر من 200شهيد وآلاف الجرحى ، فيما
لايزال السفاح يهدد اليمنيين بمجازر تشفي غليله بحق أبناء شعبة، حسب تهديداته
الأخيرة أمام بلاطجته يوم الجمعة الماضية في ميدان السبعين .
في البداية واجه هؤلاء الشباب أعمال
عنف وقمع كبيرين من قبل القوات
الأمنية، وتم اعتقال العشرات منهم، لكن شجاعتهم وحبهم للوطن جعلهم يواصلون مسيرتهم
النضالية متوحدين ثابتين في هدف واضح هو
رحيل الرئيس صالح ونظامه.
بعد أيام من سقوط الرئيس حسني مبارك تم نصب أول خيمة في ساحة التغيير بأمانة
العاصمة ، وتتابع تدفق المواطنين إلى
الساحات في مختلف محافظات الجمهورية بعد أن نصبوا خيامهم كتعبير عن النضال المتواصل والمكوث في الساحات
حتى تحقيق مطلبهم حيث اعتصموا من أجله .
حاول النظام وأعوانه وأجهزته الأمنية مراراً اقتحام ساحات التغيير والحرية في المحافظات
لإخافة المعتصمين ، وتم قمعهم ومضايقتهم ، ونهب الخيام ومنع دخولها إلى الساحات ، وقام رجال الأمن بإطلاق النار
على المعتصمين ، وإلقاء قنابل الغاز
السامة وسقط أول شهيد في أمانة العاصمة وهو الشهيد عوض
السريحي وجرح العشرات من المعتصمين.
كان ذلك
يوم 22/2/2011م عندما أطلقت عليه ثلاث طلقات نارية إحداها في القلب أردته
شهيدا، وهربت أجهزة الأمن القومي جثة الشهيد
من المستشفى الجمهوري بصنعاء إلى مستشفى الثورة بإب بعد رفض أهله المقايضة
بالمال والوظيفة مقابل عدم تشيعه من ساحة التغيير بصنعاء.
بعد
هذا التأريخ استمرت أجهزة صالح في قمع
المعتصمين وترهيبهم وإطلاق النار عليهم ،
ومحاولة اقتحام ساحة التغيير وبالتحديد
اتجاه جولة القادسية ، لكن الشباب المرابطين في الساحات استطاعوا كبح جماح
هذه القوات التي استخدمت الرصاص الحي وقنابل غازية محرمة لإخافة المعتصمين واقتحام
الساحة.
استطاع الشباب الحفاظ على مداخل الساحة من اقتحام عناصر الأمن المركزي والحرس الجمهوري، وتوالت
أعمال القمع ، واستشهد الشهيد الثاني عبد
الله الجائفي بعد أيام قليلة من استشهاد
عوض السريحي وجرح بجانبه المئات من
المعتصمين بالرصاص الحي والقنابل الغازية ، وامتلأ المستشفى الميداني بالجرحى
بعضهم لا يزال يعاني من إصابته .
بعد
انتهاء الشهر الأول من عمر الثورة وصل عدد الشهداء ما يقرب من 50 شهيداً سقطوا في ساحات الحرية
والتغيير، معظمهم قتلوا من قبل أجهزة صالح في محافظة عدن التي شهدت حينذاك قمعا
كبيرا بأوامر من مدير أمن المحافظة آنذاك
عبد الله قيران قبل أن يتم تحويله إلى إدارة أمن تعز لتنفيذ مجازر شبيهة بما حدث
في عدن ، وهو ما تم بالفعل عندما سقط عدد من الشهداء في محافظة تعز بعد تولي قيران
إدارة الأمن في تعز قبل جمعة الكرامة بيوم واحد فقط .
استمر مسلسل نزيف الدماء وقمع المعتصمين في عموم
المحافظات ، وتم التركيز على صنعاء أكثر من المدن الأخرى ،بعد منتصف شهر مارس
وبالتحديد في يوم الجمعة 18مارس سقط أكثر
من 53 شهيداً في تلك الجمعة التي سميت بجمعة الكرامة، وجرح أكثر من ألف معتصم ، تم
تنفيذ المجزرة بعد دقائق فقط من صلاة الجمعة مباشرة.
مجزرة جمعة الكرامة المروعة جعلت الكثير من
المؤيدين للنظام يقدموا استقالاتهم من الحزب الحاكم ويعلنون انضمامهم للثورة
السلمية، وبعد ثلاثة أيام انضم عدد كثير من القيادات العسكرية والأمنية والمدنية والدبلوماسيين إلى الثورة
احتجاجا على أعمال القمع أبرز هؤلاء اللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع . تميزت
تلك الأيام بالحماسة الثورية والتحفز
الشبابي للمضي بالثورة نحو الانتصار، وتوسعت الخيام بصورة غير مسبوقة وشوهدت ساحات الحرية والتغيير تكتظ بالمعتصمين ، وتم توسيع المخيمات وتطوريها وإنشاء المنتديات ومعارض الصور وتطوير
المستشفيات الميدانية حتى أصبحت المستشفى
الميداني بساحة التغيير في صنعاء من أبرز
مستشفيات اليمن ويعمل فيها مئات الأطباء وأكثر من 4آلاف متطوع .
في ساحات الحرية والتغيير قدمت معظم
المحافظات أنبل شبابها شهداء في سبيل الحرية والتغيير، باعوا أرواحهم رخيصة من أجل
اليمن، اغتالتهم رصاصات ورشاشات النظام
الذي حاول اغتيال فكر التغيير من عقول
المعتصمين ، لكنهم أصروا على ترديد " كلما زدنا شهيد .. اهتز عرشك ياعلي
" لم تثنيهم رصاصات النظام عن مواصلة حلمهم بالتغيير المنشود، فتقارير صحفية
تؤكد سقوط أكثر من 200شهيد منذ بداية الثورة ، لكن ذلك لم يثن المعتصمين في مواصلة
النضال من أجل إنهاء نظام صالح الجاثم على صدور اليمنيين منذ 33عاما.
بعد جمعة الكرامة استمر النظام في سفك دماء
الأبرياء من المعتصمين في الساحات، وتحول النظام إلى قمع المعتصمين في تعز وارتكب
مجزرة كانت حصيلتها 16 شهيدا ومئات الجرحى سقطوا بإطلاق الرصاص الحي نتيجة اعتداء
آثم وجنوني من قبل قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي على متظاهرين عزل في
تظاهرة سلمية انطلقت بمئات الآلاف وجابت شوارع مدينة المحافظة تدعو الرئيس صالح
بالتنحي الفوري وهو وأبناءه وأبناء إخوانه.
وارتكبت أجهزة صالح هذه المجزرة بعد اعتداءات بالغاز السام والمسيل للدموع على
الشباب المتظاهرين في اليوم السابق الذي أدى إلى اختناق ما يقارب (1735) فرداً جراء استنشاق الغاز
المسيل للدموع.
معظم المحافظات التي تشهد اعتصمات مستمرة كان
لها نصيبا من القمع ، والقتل ، فلا يكاد
يمر أسبوع واحد إلا ونسمع عن مجزرة جديدة يرتكبها النظام في المكلا، البيضاء ، إب
، الحديدة ،حجة، شبوة ،أبين ،معظم المحافظات
.لكن العاصمة صنعاء نالت النصيب الأكبر من أعمال العنف ، ففي معظم
الأسابيع تشهد العاصمة أعمال قمع ومجازر مستمرة للنظام .
في التاسع عشر من أبريل ارتكب نظام علي صالح
مجزرة جديدة بحق المتظاهرين في شارع الستين
أسفرت عن استشهاد خمسة وجرح العشرات 21 منهم حالتهم خطيرة.
في
السابع والعشرين من أبريل الماضي ارتكب النظام مجزرة جديدة بالقرب من ملعب الثورة
وسقط 16 شهيدا ومئات الجرحى في مسيرة انطلقت من ساحة التغيير وتوجهت إلى جولة
عمران وعند وصولها إلى جوار الصالة المغلقة فوجئ المتظاهرون بإطلاق الغاز والرصاص
الحي من قبل المتواجدين في ساحة ملعب المريسي وبشكل مباشر على المتظاهرين سلميا.
استمر النظام في أعمال القمع حتى وصل عدد
الشهداء الأسبوع الماضي في مختلف المحافظات إلى 23 شهيدا حصيلة أسبوع واحد فقط،
ومازال النظام يسفك دماء مواطنيه المصرين على إسقاطه مهما كلف من تضحيات وتكاليف.
لا تزال معنويات المعتصمين مرتفعة، وعلى
الرغم من تركيز النظام على عامل الوقت ،إلا أن المعتصمين لا يركزون سوى على استمرار اعتصامهم وثباتهم في
الساحات مهما طال الوقت ، فأحد المعتصمين يقول : سنستمر في الساحات حتى تحقيق
مطلبنا برحيل النظام ، ولو مكثنا في الساحات عدد سنين هذا النظام ، ما يعكس إصرار
المعتصمين على البقاء في الساحات دون كلل أو ملل حتى رحيل هذا النظام المتهالك .
على الرغم من التضحيات التي قدمتها هذه
الثورة إلا أن الكثير من المتابعين يؤكدون على أن اليمن تشهد أجمل أيام الحرية والوحدة ،واستطاعت الثورة
إزالة حاجز الخوف كما قال عضو المجلس
الأعلى للقاء المشترك الدكتور محمد عبدالملك المتوكل في ندوة بساحة التغيير السبت
الماضي.
واعتبر المتوكل أن الثورة جاءت نتيجة تراكم
الوعي لدى الشباب وبسبب القهر الذي يعانيه
الشعب، وإن أول ما حققته كسر حاجز الخوف، إضافة إلى أن ساحات وميادين الاعتصامات
حققت الاندماج والحس الوطني".
مشيراً إلى أن الثورة أثبتت أن شباب اليمن
لديهم الاستعداد للتضحية بحياتهم، وتنامي الوعي لديهم من خلال تفكيرهم بكيف يجب أن
تكون المرحلة القادمة؟، مع دور المرأة الرائع التي أثبتت أنها شريك حقيقي لشقيقها
الرجل في هذه الثورة .
وصل عدد الشهداء في كافة محافظات الجمهورية
إلى أكثر من 200شهيد وأكثر من 13 ألف جريح
بالرصاص الحي ومعظمهم أصيبوا بالغازات السامة والاعتداء بالخناجر والحجارة وغيرها.
انقر هنا مشاهدة صور من ضحايا مجزرة نظام صالح ضد مسيرة بصنعاء
والأفظع من ذلك كله المقابر الجماعية لنظام
صالح والذي كشفتها منظمة هود في مؤتمر صحفي مطلع الأسبوع بوجب وثائق رسمية
حصلت عليها ، وتقول بعض التقارير الحقوقية إن هناك المئات من المختطفين الذي اختطفتهم أجهزة النظام وقامت بتعذيبهم بمختلف الأدوات المخالفة
للقانون، وبعضهم ربما تم تصفيتهم، وكان آخرهم نبيل علي محمد عبده (28 سنة من
محافظة إب) الذي تم العثور عليه هذا الأسبوع وهو معصوب العينين ومغمي عليه وعلى
جسده آثار تعذيب.
اللجنة الطبية:30% من
جرحى الاحتجاجات بعدن معاقون
اتهمت اللجان الطبية الميدانية بمحافظة عدن
بعض عناصر الأمن بممارسات وصفتها بأنها غير إنسانية من خلال استخدام العنف ضد
المتظاهرين سلمياً ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى معظمهم من الشباب تسببت
لهم في إصابتهم بإعاقات مستديمة.
وقال نائب رئيس اللجان الطبية لشؤون الجرحى
بعدن د.عبد الفتاح عباس السعيدي إن: «عدد الجرحى في محافظة عدن منذ انطلاق
الاحتجاجات في منتصف فبراير الماضي بلغ 25 شهيدا و223 جريحاً 95% منهم إصابات
برصاص حي».
وأشار في تصريح لـ»الصحوة» أن "طبيعة
الإصابات المسجلة بحسب رصد المسعفين من أعضاء اللجان الطبية والمخيم الميداني
والمستشفيات بالرصاص الحي الموجه إلى أجساد المحتجين توزعت معظمها في الرأس والعنق
والصدر والبطن والأطراف السفلية تتلقى جميعها العلاج في المستشفيات الخاصة».
وأكد د.عبدالفتاح السعيدي أن: «نحو 30% من
الإصابات نتج عنها إعاقات مستديمة مثل شلل نصفي وشلل رباعي وتيبس المفاصل والركب
وفقدان الإحساس أو الحركة في الأطراف السفلية أو العلوية وعدم القدرة على التحكم
في التبول وفقدان القدرة على الانتصاب أو الإنجاب ناتج عن طلق ناري مباشر إلى
الخصية والعضو الذكري».
الصحوة نت- سمير حسن