سرقة الكيبلات .. تعاودنا مجدداً ؟!

لم تكد سرقة الأسلاك والكيبلات الكهربائية تخفت وتختفي بشكل جزئي حتى عاودت الظهور مجدداً ، وازدادت وتيرتها من جديد مقترفة إياها أيادي فردية عاطلة عن العمل والإنتاج ، وتحاول بشتى الطرق توفير ( حق القات ) ولزوم ( التخزينة ) ، أو من خلال تشكيلات عصابات منظمة عاثت الفساد في الأرض وألحقت الضرر بالمواطنين من خلال انقطاع التيار الكهربائي بشكل فجائي عن البيوت في ساعات متأخرة من الليل ، أو على أقل تقدير انقطاع الأضواء في الشوارع المهمة التي يسلكها المارة خلال ساعات المساء والليل.

الغريب في الأمر أن تجار وأماكن بيع هذه المسروقات معروفة للجميع بمن فيهم الأمن ـ حامي الشعب والمدافع عن ثروات الوطن والأموال العامة ـ لكن رغم بريق النحاس ولمعانه المتصاعد لم يحرك الأمن ساكناً ، وفي كل مرة لا يتم التحري عن السارقين أو من يبيع المسروقات ومن يشتريها أو متابعة وتتبع مصدر تجارتها مما يثير العديد من التساؤلات المصحوبة بعلامات الاستفهام المفتقرة إلى إجابات شافية .

باعتقادي لا توجد هناك دوريات منتظمة ومبرمجة ومزمنة تعمل على التجوال في الأزقة والشوارع خلال أوقات الليل ، ومعظم الشكاوى لا تجد طريقها للتنفيذ إلاّ بعد فوات الأوان وفرار الأشرار، حتى الأشرار أنفسهم قد تفننوا في السرقة فلم يعودوا يثيرون الشكوك حولهم بانقطاع الكهرباء فاتجهت جهودهم الحثيثة لاستئصال الأسلاك المحايدة ( الأرت ) ، التي أمست في متناول اليد ، ويسيل لها لعاب محبي توهج النحاس الأصفر، والمثل يقول " المال السائب يغري بالسرقة " مما يجعل المسئولية ملقاة على عاتق مؤسسة الكهرباء كما هي مسئولية الأمن .

في الأخير لن يستريح الناس والوطن عامة وينعموا بالطمأنينة والراحة حتى يتوقف هذا المسلسل الكئيب ، مسلسل سرقة الكيبلات الكهربائية ، ويتم ملاحقة الجناة الذين يكونون في الغالب معروفين ومن أصحاب السوابق ، وربما رآهم البعض يحملون الأدوات المستخدمة من مناشير حديدية وسكاكين ومفاتيح البراغي وهم في نفس الوقت لا يمتهنون أية مهنة محددة ، فكيف بحوزتهم كل هذه الأدوات المتنوعة؟!

تقديراً لحالة الوطن الذي يشكو الفقر والبأساء لا ينبغي لنا المطالبة بمطالب خيالية أو صعبة التحقيق على أرض الواقع من قبيل تركيب كاميرات للمراقبة وأجهزة للإنذار المبكر، وبثها في الأماكن الرئيسية كما قامت بهذا الإجراء العديد من الدول ، ووفرت على نفسها خسران الملايين بسبب تلك السرقات ، ما نريده بكل بساطة ؛ زيادة الحس الأمني لدى قوات الأمن ورفع مؤشر الاحتياطات الأمنية وإحداث نوع من التعاون الوثيق بين المواطن والجهات الأمنية القائم على الثقة والأمانة ، هذه الخطوة الأولية البسيطة التي لو قمنا بها على أكمل وجه لكانت ـ بعون الله ، كفيلة بإيجاد حل جذري لمنع وتكرار أعمال سرقة الكيبلات الكهربائية .

بقلم : أحمد باحمادي‏

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص