عمر .. والفشل الكلوي ..

عمر .. كان شاباً أكمل لتوه الثلاثين .. ينضح بالشباب والهمة .. يشرق قلبه في الأنحاء فيعمر بيته وبيوت جيرانه وحافته .. بل وأبعد ..

يحمل الحب للجميع ، فأحبه الناس .. كان ودوداً ، ينطق البِشْرُ من وجناته ، وترسم روحُه وهجاً دائماً من خير ومحبة حيثما حل.

يلطف معشرُ ، وتسبقه ضحكاته ومزحاته قبل إطلالاته .. وينثر طيبه بخدماته لكل من يعرفه ، فيحسسك بأنه أجمل من ترى وتعرف ، وأن العالم يغتسل بالخير طالما أن فيها عمراً .. وأمثاله.

في يوم من الأيام سقط عمر في وهن المرض فجأة .. وخفتت الروح التي كانت تملأ الأرجاء .. واستيقظ الناس يوماً يبحثون عن صخب وحياة وقلب عمر .. فلم يجدوه .. وعندما سألوا قيل لهم [ قد فشلت كليتاه ] .. ولكن هل يفشل القلب الجميل ؟.

لقد طالت رحلة التشافي على هذا الإنسان الرائع لسنين كاملة ، وابتعدت به الأسفار طلباً للعافية إلى مصر وعاش بها سنتين ، ومن ثم صنعاء ومكث فيها سنين ، فالمكلا وقضى بضعاً .. ثم عاد إلى حافته أخيراً بعد افتتاح مركز لغسيل الكلى في مدينة القطن ..

وعاد عمر ..

وإن كابد شراسة المرض ووطأته كأشجع المحاربين .. إلاّ أن قلبه لما يزل كبيراً وقوياً ، ولازال حضورُه يشيع محبةً أينما حل ..

حالة عمر .. تختزل معاناة مرضى [ الفشل الكلوي ] في وادي حضرموت .. عندما يجبرهم مرضُهم على قطع الأميال للتوجه إلى المركز الوحيد للغسيل الموجود في مدينة القطن .. وما تعنيه هذه الرحلة من مشقة وعناء على أجسادهم العليلة والواهنة بفعل وطأة المرض .. إذا تم استثناء الكلفات المالية للمواصلات التي ترهق ميزانيات عائلاتهم ..

هو .. ابتلاء من الله .. ولكنه أيضاً امتحان للمجتمع في استيعاب هذه الشريحة التي تكابد مشقات البقاء على الحياة في أجسادهم الذابلة ..

عمر .. والفشل الكلوي .. أيضاً .. عناوين لجهد خيّرٍ رائع تقدمه [ جمعية حورة الخيرية ] التي تمول مركز الغسيل في مدينة القطن ، والتي استوعبت الحالات المريضة من أبناء وادي حضرموت وتكفلت بمصاريف غسيلهم كاملة ..

فحسب نشرة [ الحياة ] الصادرة عن [ جمعية حورة الاجتماعية الخيرية ] المؤسسة الممولة لنشاط [ مركز الكلية الصناعية ] في مدينة القطن بحضرموت فإن معدل الزيادة في الحالات المصابة بالفشل الكلوي التي وردت إلى المركز في وادي حضرموت بلغت [ 6 حالات ] جديدة شهرياً ..

وأشارت النشرة إلى أن إجمالي الحالات التي يتولى المركز الغسيل لها [ 175 حالة ] بتفوق عددي ملموس للذكور عن الإناث ، حيث يبلغ عدد الذكور [ 121 مريضا ] بنسبة 69% .. مبينة التوزيع الجغرافي للحالات ، حيث تأخذ سيئون الصدارة بـ 49 حالة ، فتريم 35 ، القطن 23 ، شبام 18 ، حورة 10 ، ساه 8 ، عمد 7 ، دوعن 6 ، رخية 5 ، السوم 3 ، حريضة 2.. بينما تفد الحالات المتبقية من مناطق أخرى وبأعداد ليست ذات شأن كشبوة 4 حالات ، الطلح 2 ، غيل باوزير 1 ، مأرب 1 ، إب 1.

وفي إحصائياتها لعدد الحالات الجديدة الوافدة إلى المركز خلال الفصل الثالث من العام الجاري فقد بلغت 25 حالة ، سجل فيها شهر أغسطس أعلى الأرقام بتسجيل 12 حالة جديدة .. بينما وفدت 8 حالات في يوليو ، و5 في سبتمبر.

وبينت النشرة التوزيع العمري للحالات ، حيث بلغ عدد المرضى في الفئة العمرية [ من 17 ـ 50 عاما ] أعلى المعدلات بـ90 حالة بنسبة 51%، فالفئة لأكثر من 70 عاماً حالة78 بنسبة 45% ، فـأقل من 16 عاما 7 حالات بنسبة 4% .. في الوقت الذي سجل الفصل ذاته 10 حالات وفاة بين المرضى.

إلى ذلك تعمل [ جمعية حورة ] على تجهيز مركز [ اليسر ] لغسيل الكلى في مدينة سيئون الذي ينتظر أن يبدأ تشغيله مطلع العام القادم 2014م ..

وذكرت النشرة أن الجمعية على استعداد لتزويد الباحثين والدارسين والمتابعين بكافة المعلومات والاحصائيات الخاصة بتتبع الحالات المرضية التي يهتم المركز بعلاجها .. مطالبة الجهات الأكاديمية والبحثية إجراء الدراسات التي تبحث في المسببات التي تؤدي إلى الفشل الكلوي ، في ظل التزايد / المستشري / لهذا الداء [ حسب النشرة ].

 كلمة : فعلٌ حميد ، وجهد نبيل ، وعطاءٌ رائع بروعة القائمين عليه ، ولمسات الأمل التي ترسمها [ جمعية حورة ] في نفوس المرضى بداء الفشل الكلوي المضني ، وحالات الامتنان المغرقة في العرفان بالجميل من قبلهم وذويهم لهذه الخدمة الإنسانية السامية ..

والأرقام تشير بالخطر ، وتستصرخ الأكاديميين والباحثين والقائمين على الجهات والمؤسسات التعليمية والبحثية في المنطقة والجمهورية أن تعمل على البحث في مسببات الزيادة المخيفة في أعداد مرضى الكلى .. عل في البحث والتمحيص ما يعزز من قدرة لمجتمع على اجناب مسببات هذا الوهن الصحي.

 [ رابط فيلم / حياة عمر  ]

http://www.youtube.com/watch?v=I9r_hyYq9hw&feature=share&desktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3DI9r_hyYq9hw%26feature%3Dshare&app=desktop

بقلم : احمد فرقز

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص