حضرموت اليوم / سيئون / أبوبكر حسان:
أقيمت مساء أمس الأربعاء بقاعة مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع وضمن أمسياته الأسبوعية حلقة نقاش بعنوان ( دور المكتبة المنزلية في إثراء الفكر وبناء شخصية الأجيال) بمشاركة نخبة من الأكاديميين والتربويين والمهتمين.
وفي البدء تحدث السيد/ محمد بن حسن السقاف رئيس المركز منوها إلى أهمية القراءة ، ودور المكتبة المنزلية في صناعة الأجيال ، وأنها عنوان بارز في صناعة حضارة الأمم عبر العصور. وأشار إلى إهتمام وإيمان المجتمع الحضرمي فيما سبق بدور المكتبة المنزلية وأثرها الفاعل بناء الفكر والشخصية ولعمق هذه المفاهيم فقد تبرعت العديد من الأسر والبيوتات العلمية بحضرموت بمكتباتها المنزلية إلى مكتبة الأحقاف المركزية بتريم خدمة للعلم والعلماء؛ ما جعل المكتبة رائدة و ذات قيمة علمية و تاريخية تنافس أهم المكتبات في المنطقة وقبلة للباحثين وطلاب العلم القاصدين لها من مختلف دول العالم.
كما أكد على أن حضرموت زاخرة بالمكتبات المنزلية والأسرية الرائدة منذ عقود طويلة و هي لازالت تؤدي دورها ورسالتها ولكن بوتيرة أدنى مما كانت عليه تحت بسبب الظروف السياسية و الاقتصادية السائدة.
كما أشار السقاف إلى أن دور المكتبة المنزلية في ظروفنا الراهنة يعول عليه كثيرا وحاجتنا إليها أحوج من أي وقت في معالجة العديد من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية القائمة وكذا تنمية وصيانة الطاقات الشبابية ورفع مستوى التحصيل التعليمي والعلمي وإثراء الحركة الفكرية .
كما تحدث الدكتور محمد بن حسن مقيبل رئيس لجنة الجودة في كلية البنات بجامعة حضرموت ورئيس التربية العلمية بها إلى توظيف الآليات الحديثة و المحفزة العاملة على جذب وتوثيق العلاقة بين النشء و الكتاب وإلى دور الأسرة في التوجيه التربوي وجعل ذلك من مرتكزاتها الأولية , فنحن أمة إقرأ والواجبات والأسباب والدوافع في الاهتمام بالقراءة والكتاب يعد من الفروض الدينية و الرقي لمواكبة الأمم، مشيرا إلى أن إقامة المسابقات العامة في هذا المضمار سيكون له الأثر البالغ في إعادة أهمية الكتاب والمكتبة المنزلية والارتباط به.
وفي مداخلة مفصلة أشار الدكتور/ عمر باسعد الأستاذ المشارك بجامعة حضرموت إلى تدنى مستوى التحصيل التعليمي، وذكر أن من بعض أسباب ذلك هو ضعف المعلم وعجزه عن تعليم طلابه القراءة والكتابة، وأن الطالب قد يتخرج من مرحلة التعليم الأساسي والثانوي وهو لا يجيد القراءة والكتاب في أدنى مستوياتها، وهذا ما تسبب في استحكام بعض العقد النفسية الملازمة للكثير من الطلاب والشباب في مختلف المراحل العمرية.
كما أكد بان ذلك من الأسباب الرئيسة للبعد عن القراءة هذا من خلال رصد واقعي للكثير من الحالات في العيادة النفسية وقد تم معالجة بعضها بنجاح من خلال العودة للفهم الصحيح للقراءة والكتابة. كما شرح باسعد بعض العناصر الأساسية التي يجب توفرها في المكتبة المنزلية الحديثة .
وفي استعراض تاريخي لواقع المكتبات في حضرموت تحدث المؤرخ السيد/ جعفر بن محمد السقاف إلى اهتمام الأسرة الحضرمية بالمكتبة المنزلية والمكتبات شبه العامة منذ القدم، ما أسهم بوضوح في ازدهار الحركة التعليمية و العلمية و قوة و رقي مخرجاتها التي أفرزت العديد من العلماء و الأعلام في حضرموت وخارجها، و انتعشت بهم الحركة الأدبية في عموم حضرموت واليمن والمهاجر الحضرمية.
كما أكد أن المكتبة الحضرمية تعرضت للعديد من الأزمات والتي يمكن وصف بعضها بالكوارث ومنها الغزو الفكري و العسكري الوهابي الذي أحرق العديد من المكتبات الكبيرة أو رميها في الآبار، أما أخر تلك الكوارث كانت إبان الحكم الشيوعي الذي صادر العديد من المكتبات التاريخية و جعل من الكتاب عدو للأسرة ما دفع بعض الأسر و ربات البيوت من خوفهن وإرهابهن إلى حرق بعض المكتبات المنزلية أو دفنها نظراً لفداحة العقوبة والأذية التي ينزلها النظام الشيوعي بمن يهتم بالكتب التاريخية والفكرية والدينية على وجه الخصوص .
كما استعرض الحضور بعض تجاربهم في هذا المضمار، وقد نوقش في الحلقة العديد من المواضيع والمقترحات ومنها مدى التنافس بين المكتبة المقروءة والمكتبة الرقمية التي طغت مؤخرا بلا توازن على إقبال الشباب خاصة كذلك تم مناقشة وضع آلية لتأسيس المكتبة المنزلية الحديثة مبسطة وكيفية توسعها لاحقاً وإدارتها من خلال أحد أفراد الأسرة . وقد طالب المنتدون الدولة بإنشاء مكتبة لكل حي وتشجيع القراءة بمختلف الطرق المتاحة لنؤكد للجميع بأننا أمة إقرأ.