مآسي المسلمين .. حضور في زمن الغياب

تنثال الهموم على القلوب، ويزداد الفؤاد كمداً  كلما تذكرنا مآسي إخواننا المسلمين في كل بقعة مكلومة من بقاع الإسلام. الأوضاع الإنسانية التي يعيشها إخواننا في سوريا، وما يحدث في أرض الكنانة أمر مرير تدمى له العيون، مهما أُعلنت حالات الطوارئ، ومهما تصاعدت صيحات المذابح وأُخرست المآذن إلا أن العالم لا يجيب، لا ندري ماذا دهاه، ولمَ الإغراق في صمت مطبق ؟!. قوافل الأحرار وأنات الحرائر تستنجد ـ بعد الله ـ كل ذي إنسانية وكرامة، تدعوهم كي يفعلوا شيئاً لإيقاف شلالات الدماء، وتطاير الأشلاء إلا أن الجواب وا أسفاه .. صمت مُطبق .

يا له من تناقض عجيب هذا الذي تفعله بعض أنظمة الدول المحسوبة على الإسلام، ففي الوقت الذي يحجمون فيه عن تقديم شيء يُذكر لإخوانهم في سوريا أو يؤدون تجاههم ما تمليه قوانين الإنسانية على أقل تقدير، نراهم ينفقون الملايين بل المليارات في دعم كل جُهد يُخرس الإسلام ويطفئ جذوته، لكن هيهات هيهات فصوت الله يعلوا كلَّ صوت ومهما نفخوا ليطفئوا نور الله ازداد توهجاً وضياءً ولو كره المنافقون .

إن إحساسنا الهزيل بحجم المعاناة التي يقاسيها إخواننا في سوريا وفي كل بلد تُنتهك فيه كرامة إخواننا المسلمين، ويذوقون في سبيل الاستمساك بعروة الدين الأمرّين إنما يرجع لضعف الإيمان في القلوب، الإيمان الذي يُبقي آصرة الإخوة بين أتباعه ومعتنقيه مشتعلة، فإن ذبُلت قل الاكتراث بالآخرين وزاد دوران المرء حول فلك نفسه ومحبة الذات والأنانية المقيتة، حتى لتجد البعض للأسف الشديد يبخل ببضعة دراهم أو ربما تأنف نفسه أن يلقي شيئاً من الريالات القليلة في علبة جمع التبرعات، ولعمري هي ليست بتبرعات بقدر ما هي واجب قمين بنا أن نلبيه، وأمر محتّم لزاماً علينا الإذعان له، وربما كان الأدهى والأمَرّ أن يتناسى البعض منّا حتى في دعائه أن يدعو لإخوانه المضطهَدين أن يفك الله كربتهم ويزيح محنتهم ويكشف غمتهم.

لقد أثبتت سنن الله في هذا الكون، وعلى مدى تعاقب التاريخ وتقادم الأزمان أن النصر في نهاية المطاف لعباد الله المؤمنين إذ يقول الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [ سورة الروم:47 ]، فمهما كان موقفنا إن سلباً أو إيجاباً تجاه نصرة إخواننا، ومهما استولى اليأس على قلوبنا من قلة الناصر والمعين، فإن النصر لهم مرتهن، والعاقبة الحسنة تحدوهم إلى نصر قريب على من أجرم في حقهم، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ( 69 ) ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون  ( [ سورة النمل: 69، 70 ] .

وإلى أن يحين النصر الناجز، فإن أعناقنا لن تلبث أن تشرئبّ إلى الملك الجبار أن يقصم ظهر كل ظالم جبار، وتتعلق قلوبنا دوماً بأستار رجائه وبفيض رحمته أن يعجّل بالنصر المكين ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) .

 بقلم : أحمد عمر باحمادي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص