للرئيس هادي : حتى نفشل المؤامرة ونهزم الانقلاب

(شئنا أم أبينا فالمحصلة واحدة والنتيجة معروفة سلفا وهي عودة التحالفات القديمة للظهور ولذلك نقول للرئيس هادي, أحذروا الأطراف الخفية للمؤامرة ).

 نرى أن الأمور تتصاعد في الجنوب بفعل فاعل لم يعد مستتر, هو يدعم من خارج الحدود ويحرض من خلف الكواليس ويحرك الأمور من وراء الستار ! وغريب أمر هذه الهبة الحضرمية التي تصاعدت  فجاءة وبشكل غريب والتي أصبحت اليوم جنوبية شاملة , كما باتت مطية طيعة لقوى النفوذ والصراع على السلطة والثروة في صنعاء خاصة والشمال بوجه عام ! .

نعم , سبق لنا التنبيه قبل شهرين وأكثر وفي أكثر من مناسبة وفي أكثر من مقام ومقال أن الخطر القادم سيكون من شرق الجنوب لا من غربه, من حضرموت المسالمة دائما لا من عدن الثائرة أبدا, نعم قلت مسبقا وقلت حينها معلقا (ستشهد حضرموت الكبرى المسالمة وقريبا أكبر انتفاضه في جنوب اليمن) فهل من أستمع وأهتم وأستجاب ؟ بل هل هناك في هذه الدولة المتأكلة ومؤسساتها السيادية العديدة والمتداخلة من هو حريص على الأمانة ويشعر بأهمية الواجب ويعي معنى المسؤولية ويؤدي بإخلاص ومهارة وشفافية كبيرة ومطلقة مهامه وواجباته الوظيفية والقيادية وبروح وطنية واعية وعالية؟! .

 نعم هناك انفلات أمني كبير وخطير بل أقولها بالعدني الصريح والعربي الفصيح (فلتت الأمور كلها والجميع يشقدف من شق وطرف ويعمل لمصلحته الخاصة ويلحق أكبر الأضرار بمصلحة الشعب والوطن !) ولا يوجد هناك في هذا البلد الطيب من العقلاء والوجهاء والمسؤولين من يستشعر المسؤولية فيبادر إلى قول الكلام الحق الذي فيه القول الفصل ويسارع إلى الفعل الحميد والعمل المفيد الذي ينقذ اليمن وأهله من شر مستطير وخطر محدق سوف يصيب الجميع .

 ولمن لا يعلم فقد أراد المتربصين بالوطن وأصحاب مخطط الانقلاب العسكري إياه استغلال أحداث حضرموت المتصاعدة بعد حادث مقتل الشيخ سعد بن حبريش على ذات المنوال والسيناريو الذي حدث في تونس عندما قتل البوعزيزي العام 2010م ليكون بن حبريش هو بوعزيزي اليمن وحضرموت تحديدا فحرضوا على الهبة الحضرمية الكبرى ودعموها بالوسائل كافة , بحيث كان القليل منها ما هو ظاهر للعلن والعيان بينما ما خفي كان هو الأعظم والمخجل.

نعم طالت فترة العبث والقتل والفساد في أرض ومديريات حضرموت كافة وفي تجاهل غريب ومريب للجهات المسؤولة التي لم تحرك ساكنا ولم تقم بأي جهود تذكر ومطلقا ! وهو ما أرادوه تماما في مخططهم الخبيث والجهنمي أن يكون حادث مقتل بن حبريش القشة التي تقصم ظهر البعير !؟.

وهنا كان لابد ولاستكمال هذا السيناريو الخبيث من إشعال الساحة الجنوبية كاملة وابتداءً من محافظة حضرموت الآمنة والمسالمة , هم أرادوا نقل معركتهم مع الوطن ممثلا بالرئيس هادي إلى الساحات الجنوبية ليشعلوها نارا وفتنة لا تبقي ولا تذر(وبعد أن خسر الرئيس هادي أبرز معاونيه وحلفائه الجنوبين) لكي يظهروا للشعب عامة عجز الرئيس في الجنوب مسقط رأسه .

كما ان اشتداد الهجمة الشرسة مؤخرا على الرجل تشير إلى تصالح غير معلن وتحالف جديد للمصالح واتفاق خفي للمختلفين من سنحان وحاشد وبسند من قوى إقليمية متربصة باليمن وأهله .

وتحت مبرر انزلاق اليمن للمحذور والمجهول سيتم إخراج هذا التحالف والتآمر للعلن بشكل حركة إنقاذ وهي الانقلاب العسكري المتوقع ذاته للسيطرة على الأوضاع وإنقاذ البلاد من المجهول كما يدعون! بعد ان يثبتوا زورا وبهتانا عدم قدرة الرئيس هادي وحكومته التوافقية على العمل وعجزهم من إنقاذ الوطن.

 نعم هي حركة و أوضاع أشبه ما تكون بأوضاع اليمن عندما أطاحوا بالرئيس الارياني العام 1974م, وكما يبدو فأن هناك أطراف جنوبية طامحة وطامعة قد تورطت في هذا المخطط الإجرامي البغيض والذي لا يمكن اخراجه والنفاذ منه واليه إلا بمشاركة أمثال أولئك المتآمرين, كما لا يمكن أن يكتب لهُ النجاح بدون تأمر وشراكة من أطراف جنوبية معروفة ومكشوفة لشعب الجنوب .

 والمتأمل بعمق يمكنه ان يكتشف بسهولة تلك الخيوط الخفية للمؤامرة التي تبدأ فعلا من هنا في صنعاء ولا تنتهي هناك في حضرموت ( فهي تكاد أن تكون هبة سنحانية شمالية لا حضرمية جنوبية).. كونها لا تخدم سوى إعادة تجميع القوى الباغية على الجنوب ومجددا, كما تقوم بتجميع قواهم الخائرة وتساعد على ترابط مصالحهم المتناقضة وإعادة تماسك تحالفاتهم العدوانية من جديد !؟ .

(فمن هو ذلك المراقب اللبيب أو الراصد الحصيف الذي يمكن لهُ ان يصدق ان الهبة الحضرمية وبمقتل الشيخ سعد بن حبريش وبشهيد واحد (مؤخرا) في ردفان , يمكن لها أن تحقق في أقل من أسبوعين ما لم يحققه الحراك الجنوبي وحسن باعوام وآلاف الشهداء في عدة سنوات ! ؟) .

وارصدوا  معي (لاحقا) ان صنعاء ستهدأ تدريجيا لينتفض الجنوب تصاعديا وإجمالا ومحافظة بعد أخرى, لتتوالى الأحداث عاصفة وغامضة, ولتثبت فشل هادي وحكومته وفي عقر داره الجنوب (هذا الجنوب الخاسر دائما وأبدا) ثم تبرز تداعيات قيام الانقلاب المنقذ والحاجة اليه! .

ولتعوا وتفهموا فتذكروا العوامل والمقدمات التي أدت لذلك الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق الارياني والنتائج التي قادت إليه ونتجت عنه حينها , والآن وهنا فأن الأمر سوف يكون  مماثلا كما ان المؤامرة والانقلاب الراهن لا يمكن لهما ان يتما إلاّ بضوء أخضر من الخارج وبدعم إقليمي سخي ومتكامل وهذا أساسي في اكتمال هذا السيناريو الإجرامي المظلم .

والسؤال الملح الذي يبرز لسطح الذاكرة  الآن : هل المتناحرين على السلطة والغنائم في السابق وصلوا حاليا إلى قناعة مفادها إن خلافهم الراهن سوف يخسرهم هذه البقرة الحلوب؟ (اقصد ثروة هذا الجنوب) فأعادوا حساباتهم , ثم قاموا بترتيب أوراقهم , ثم كانت تحالفاتهم الجديدة الخفية وان كانت بثوبها ذلك القديم , إلاّ انها هذه المرة بضمانات إقليمية ضاغطة , حيث اتفقوا على ترتيب أوراقهم في سلم التحالفات والأولويات على طريقة (انا واخي على ابن عمي  وانا واخي وابن عمي على الجنوبي , اقصد على الغريب ) بينما هم (جميعهم) إخوة من سنحان أو من حاشد أو أخوان من اللون الأحمر فقط (هذا اللون الذي لا يتفق دائما ولا يمتزج مع الألوان الأخرى المتقاربة والمتماثلة !) فالنتيجة دائما (ايضا) واحدة , والأمر هنا ليس بمستغرب!, بل لا يختلف كثيرا عن استحالة أو إمكانية دمج المتناقضات من عدمها وفي حالتي الترغيب والترهيب! ؟ .

وبالرغم عن كل ما سبق ذكره فلا يمكن لهذه المؤامرة  الخبيثة والمخطط الانقلابِ ان يكتب لهُ النجاح دون مباركة من أطراف جنوبية ضعيفة ومتهاونة , ودعم من أطراف إقليمية وخارجية متربصة وطامعة, والسؤال هنا, من هي هذه الأطراف الجنوبية والإقليمية والدولية المشاركة في هذا المخطط الإجرامي والجهنمي ؟ .

أما الأطراف الإقليمية فهي تلك الجهات المعروفة بتضررها من نتائج الربيع العربي والتي تقف اليوم ضد تنظيم الإخوان المسلمين والرئيس هادي الذي بات أيضا اليوم معروف بالتحالف معهم, ويمكن حصرها تحديدا بالسعودية والامارات العربية وايران ..

ولذلك يتم اليوم إشعال الساحة الجنوبية بالنيران الحارقة (التي تقضي على الأخضر واليابس وليكون الجنوب مستقبلا هو الأرض المحروقة) لنقل معركتهم مع الرئيس هادي إلى هناك بعد ان فقد ابرز أنصاره الجنوبيين (من أمثال الرئيس علي ناصر ومحمد علي احمد) وبعد أن تم إحراقه وتهميشه في الجنوب , ولذلك سيتم الآن التهدئة في الشمال لكي يظهر عجز الرئيس هادي في الجنوب في تلك الأرض التي يفترض ان تكون عمقه المساند وملاذه الأمن , لا ملعب مكشوف لمعارضيه وارض مباحة لخصومه يسرحون ويمرحون فيها كيفما شأوا ووقتما أرادوا! .

مقترح للرئيس هادي بالحل الواجب والأمثل : يجب أن يعلم الرئيس هادي أنه في اللحظة الحاسمة والفارقة تحمل أمانة وطنية كبيرة وتصدى لمسؤولية تاريخية عظيمة, تحملها بكل الأقدام والشجاعة عندما كان الوطن يمر بمنعطف تاريخي هام ومنزلق خطير, بل كان الوطن بأكمله والشعب بمجمله على شفير الهاوية والحرب الأهلية , كما انهُ والوطن (أيضا والآن) أمام مؤامرات عديدة ومخاطر جسيمة , مما يضعه والوطن في لحظة تاريخية فاصلة تفرض عليهما بالضرورة مواجهة مفترق طرق خطرة ووعرة وعليه ان يختار بحكمة وحذر ومهارة عالية (وبمشورة معاونيه المتخصصين والحكماء والعقلاء والمجربين من أبناء هذا الوطن المعطاء) المسار السليم والصحيح والطريق الآمنة والسالكة للعبور باليمن وأهله إلى بر الأمان والسلام .

  وهنا نرى أن هذه الطريق الآمنة والسالكة لهُ وللشعب قاطبة تتلخص وتختزل بحسم الرئيس لأمره وشأنه ويتخذ قراره بأن يقوم دون مواربة أو تردد أو وجل بتوجيه خطاب عاجل وشامل للشعب يصارحه فيه بحقيقة الأمور التي تعتمل في اليمن (والتي يعيها الشعب جيدا) ويحذر فيه كل مراكز القوى المتنفذة من اللعب بالنار وجر الوطن للحرب الأهلية وهي النفق المظلم الذي لا نهاية لهُ أو خروج منه وشفير الهاوية  التي لا قرار لها أو نجاة منها , كما يطلب من الشعب ان يدافع عن مصالحه المشروعة وحقه في الحياة بل والحياة الكريمة والرغيدة ويفرض على هذه القوى المتناحرة والمتصارعة (على حساب المصالح العلياء للوطن) سرعة التصالح والتوافق للخروج بالشعب والوطن إلى بر الأمان والوصول الملاذات الآمنة , كون الوقت قد نفذ ولا يسمح لمزيد من المناكفات والمناورة والمكايدات وإثارة الفتن مالم فعليه (منذ الآن) الإعلان بأنه يحملهم مسؤولية ما سيحدث لاحقا ومستقبلا , وانه سيكمل فترته المحددة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة (21فبراير2014م) ويتنحى نهائيا عن الحكم من خلال  إعادة السلطة للشعب .

نعم نحن نرى (فيما سبق ذكره) ان هذا هو الحل الوحيد الممكن والآمن للرئيس هادي والوطن للخروج من عنق الزجاجة ويفشل المتربصين ومؤامراتهم الدفينة ويهزم الانقلابين ودسائسهم الخبيثة, بل ويمكننا من خلال هذا الموقف الشجاع للأخ الرئيس والمسار السليم للوطن أن نضع تلك الجهات المتنفذة والقوى الطامحة والمتصارعة كافة في موقف اختيار حاسم أمام الشعب وفي مفترق طرق لا مناص منه وهو أما التوافق والسلام والوصول بالوطن لمرحلة الاستقرار والأمان أو كشف طبيعة مطامعهم غير المشروعة وأهوائهم الشريرة والمنبوذة .

 وبذلك يخرج الشعب والرئيس والوطن من عنق الزجاجة ومن دائرة الفشل التي أرادوا ان يضعوا الرئيس هادي وحكومته فيها فيقدموا أنفسهم كمنقذين للشعب والوطن من خلال قيامهم بانقلابهم العسكري المنقذ للأوضاع في اليمن (على طريقة سيسي مصر) نعم هم يتآمرون على الرئيس هادي ومندفعين في تنفيذ انقلابهم العسكري والسيناريو الإجرامي للإطاحة بهِ (بدافع من رغباتهم الدفينة بنهب ثروات الوطن) تحت مبرر إنقاذ اليمن !؟ .

 

بقلم : طارق مصطفى سلام

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص