أخيرا بدأت تتشكل ملامح اليمن الجديد بعد خروج ورقة ضمانات وحلول القضية الجنوبية من مؤتمر الحوار الوطني الشامل.. لا أقول انها قد أصبحت وثيقة نهائية ولكن المشهد لن يتغير كثيرا في كل الاحوال ..و مخرجات الحوار الوطني ستكون وثيقة دولية تودع بمجلس الامن ومنظمة الامم المتحدة ومن المنتظر ان يصدر بها قرار أممي ملزم ...
في هذه الوثيقة التي حددت شكل الدولة القادمة كدولة اتحادية تتكون من عدة اقاليم ادارية تحت كل اقليم عدد من الولايات. .
وقبيل حسم عدد الاقاليم التي ستتكون منها الدولة القادمة .. دعونا نتحدث عن القضية الاساسية التي طالما اكدنا عليها في اوراق سابقة وهي مسالة تقاسم الثروة وشراكة السلطة .في هذه الوثيقة التاريخية تمكين للأقاليم والولايات من ادارة شئونها المحلية بمنأى عن هيمنة سلطات المركز-الحكومة الاتحادية- ولهذه الوحدات الادارية –الاقاليم والولايات- سلطات منتخبة من ابنائها وتتمتع هذه الهيئات المنتخبة بسلطات واسعة في الرقابة بل والتشريع ..
فمن حق السلطات التشريعية في الاقاليم اصدار القوانيين التي من شانها تنظم ادارة الاقليم وتنمي موارده وترعى مصالح مواطنية وفق نظام اتحادي واضح يتم فيه تحديد سلطات الحكومة الاتحادية على سبيل الحصر .. والتي سيقتصر على الاختصاصات والسلطات السيادية كالدفاع والامن القومي والعلاقات الخارجية وسلطات النقد وصك العملة ...
والى جانب هذه السلطات الواسعة للمجلس التشريعي في الاقليم ستكون هناك حكومة منتخبة تحت رقابة المجلس ومحاسبته ..تمثل مصالح ابناء الاقليم وترعى شئونهم وتدير المؤسسات والمرافق الاقتصادية والخدمية في الاقليم تحت رقابة البرلمان الاقليمي-السلطة التشريعية في الاقليم- كما نصت الوثيقة على وسيلة قضائية لفض منازعات او تنازع الاختصاص بين حكومات الاقاليم والحكومة الاتحادية من خلال انشاء محكمة فيدرالية تتولى تفسير الدستور والقوانيين الاتحادية عند التنازع بين سلطات الاقليم والمركز الاتحادي.
وبذلك فان الوثيقة تؤسس لدولة الشراكة الوطنية التي يحميها القانون وليس دولة الهيمنة والنفوذ التي تستقوي فيها المافيات على حساب سيادة القانون..
فالمواطنون في الاقليم لهم حقوق يكفلها الدستور وتمثلهم حكومة منتخبة في حمايتها ورعايتها برقابة شعبية صارمة من خلال الانتخابات .
كما ان الاقليم سيشارك في ادارة الحكومة الاتحادية بفاعلية وندية من خلال السلطة التشريعية بغرفتيها – مجلس النواب ومجلس الاقاليم- بحيث سيراعى عند التمثيل في الغرفة الاولى من البرلمان-مجلس النواب- تمثيل عادل لا يقتصر على معيار السكان فقط بل معياري السكان والمساحة.. وفي الغرفة الثانية –مجلس الاقاليم او مجلس الاتحاد-سيكون التمثيل متساوي بين الاقاليم بغض النظر عن عدد السكان او مساحة الاقليم.. والغرفة الثانية سيناط بها مناقشة واصدار القوانين التي تخص شئون الاتحاد والشراكة في السلطات العليا للدولة مثل – قانون الاتحاد وقوانين توزيع الثروة وتعيين النائب العام والسفراء وممثلي البلاد في المنظمات الدولية وكذا تعيين المراجع العام في الدولة (رئيس جهاز الرقابة والحاسبة) وغيره.
بينما ستتولى الغرفة الأولى سلطة التشريع فيما لايندرج تحت اختصاص الغرفة الثانية ، وهذه السلطات المخولة لحكومات الأقاليم والحكومة الاتحادية هي من مخرجات فريقي القضية الجنوبية وبناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني والتي سيتم صياغتها في مسودة الدستور الجديد الذي سيعرض على الشعب للاستفتاء .. وفي الورقة القادمة بإذن الله نتحدث عن توزيع الثروة في ظل مخرجات الحوار الوطني .
بقلم الدكتور : متعب بازياد