إلى متى ستبقى دراستنا تحت رحمة العصيان ؟!

بات في حكم المؤكد أن الوقفات الاحتجاجية و الاعتصامات إلى جانب العصيان الأسبوعي قد أثرت تأثيراً مباشراً على سير الدراسة الجامعية، ما جعل مستقبل الطالب الجامعي مرتهناً بيد مجموعة من التصرفات الهوجاء التي تخلو في أحايين كثيرة من الترتيب والتنظيم والتنسيق، ناهيك عمّا يخالطها من ارتباك وعشوائية وارتجالية يجعلها في أغلب الأوقات لا تصل إلى مبتغاها، وتصبح نتيجتها النهائية ومحصلتها الوحيدة تعطيل الطلاب عن استكمال دراستهم.

إن ما يحدث بين الحين والآخر من وقفات احتجاجية، ومع احترامنا للمطالب التي تكون سبباً في تنظيمها، يخرج الطالب في معظم الأوقات جراءها الخاسر الوحيد، فالطلاب القادمون من مناطق نائية يتفاجأون بها دون سابق إنذار، لتوصد بوابة الجامعة في وجوههم، حينها يودون أن لو يعودوا أدراجهم لاستغلال الوقت فيما ينفع بدلاً من اللغط والقيل والقال التي تسود الأجواء، وعندها يكون للمواقع الإليكترونية وصفحات التواصل صولات وجولات وصور عجيبة من السبق الصحفي الهزيل تُظهر تلكم الفعاليات بمظاهر حضارية في منتهى الرقى والتنظيم. وهي ليست كذلك!

من حقنا كطلاب جامعيين أن نعترض على الإجراءات التعسفية التي تطال البعض منا، وأن نطالب بتحسين أوضاعنا الدراسية ومنها تحسين السكنات التابعة للجامعة والخدمات التي تقدمها للطلاب، ونسعى في سبيل إقالة الفاسدين في مفاصل الجامعة ومحاسبيهم، ولا عذر لنا في المطالبة الحثيثة بالشفافية المالية ومعرفة أين تذهب مبالغ التحصيل الخاصة بتعليم النفقة الخاصة والرسوم والأنشطة الطلابية وغيرها، ومن حقنا كذلك أن نرفض التلاعب في القبول والتسجيل في كافة كليات الجامعة وتحديداً كلية الهندسة وما يحدث فيها من محسوبية وشللية تسببت في حرمان المئات في كل سنة من الدراسة، ولعله من الواجب علينا أن نقف كذلك مع كافة مطالب الموظفين والإداريين وهيئة التدريس إن وقع عليهم الظلم. لكن مع كل ذلك أليس من الأجدر بنا ألا نتسبب في خلق سلبيات قاتلة وعوائق كبيرة في طريق تعليمنا وتحصيلنا الدراسي الذي بات يشكو من التردي المتأصل أصلاً في مفاصله؟، أليس حالنا في مقاومة اختلالات لنصنع بدلاً عنها اختلالات أخرى كمن قال فيهم الشاعر ( وتقدّرون فتضحك الأقدارُ ).

إذا تأملنا في كل الفعاليات بأنواعها المذكورة في مقدمة المقال ينتابني إحساس كبير وشعور شبه مؤكد أنها لم تكن سوى ( دخان في الهواء )، وأن ما جنيناه منها ما هو إلا شيء يسير مقارنة بما سببته لنا من سلبيات، ربما قد يوافقني الكثير على ذلك، وقد يخالفني البعض لكن في نهاية المطاف نحن مطالبون أن ننزل إلى الواقع لنستقصي دون عاطفة جياشة أو انحياز قدر المكاسب التي جنيناها جراء تلكم الفعاليات المختلفة بمقابل السلبيات التي حدثت.

إن معارضتنا ليست نتاج هوى في النفس بل هو رفض قاطع للممارسات العوجاء التي حاقت بتعليمنا على يد ثلة من المنتفعين الذين لا يهمهم سوى تحقيق مصالحهم وإن عملوا على القضاء على روح الطموح في نفوس الشباب، وتحطيم كل القيم الإنسانية النبيلة إعلاءً لراية الانتهازية، وهم لا يزالون يلطخون لوحة حياتنا ويعيثون الفساد في كل شيء جميل فيها ومنه التعليم، وهكذا ـ يا للحسرة ـ نرى في كل وادٍ من وديان الحياة أثراً  من ثعلبة، وما أدراك ما ثعلبة؟! .

 بقلم : أحمد عمر باحمادي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص