اليمن بين بن علوان وطاهش الحوبان .!

تفاءل الناس خيرا بالثورة الشبابية المطالبة بإسقاط النظام ومحاكمته , باعثة الأمل في النفوس المنهارة بتحقق مطالب طالما تمنوها .

ولكن بعد عرقلة مسارها وتشتيت أهدافها في سراديب المفاوضات السياسية قل حجم الأمل هذا والتفاؤل , وأخذ السياسيون ومشايخ العلم وشيوخ القبائل في أقناع أعضاءهم وطلابهم ورعاياهم بأن هذا التعثر حفاظا على الوطن من شر أكبر وإن تحصيل شي خير من فوات الكل .

وانقضت على العقول إعلامياتُ المكونات السياسية والحكومية لتقنعها أن الخير قادم مع خطوة التوافق على انتخاب عبد ربه منصور رئيسا للبلاد لمدة عامين يعقد خلالها حوار وطني سيخرج البلاد من أزمتها وستؤسس مخرجاتُه الدولةَ المدنيةَ الحديثةَ , وخلال هذه الفترة كان الأملُ في النفوس يأخذ في التناقص وهم يرون البلاد تشهد يوميا تخريب منشئات خدمية واغتيال قيادات سياسية وكوادر أمنية ونهب ممتلكات عامة , ويرون مناطق من الوطن صارت تحت سيطرة مكونات سياسية وأخرى تحت تسلط جماعات مذهبية وقبلية , ويلمسون يوميا أن الخير يخص بعض الناس والشر يعم كل الشعب دون أدنى تحرك حكومي جاد لصد هذا العبث . ومع هذا بقي خيط رفيع من الأمل بأن يتحقق الاستقرار بعد توقيع الأطراف المشاركة على مخرجات الحوار الوطني وتوفر الضمانات المنفذة لها . ولكن ها هي بعد التوقيع تتوالى القواصمُ لكل جهد والنواقضُ لكل عهد مبشرة بأن لا وجود للدولة المدنية الموعودة ولا لسلطة الدستور والقانون , وأن القادمَ أشدُ خرابا من سيل العرم على جنتي سبا وأن الغد أقسى تمزقا من تشتت أهلها .

يكاد الأمل يندثر ونحن نرى تقدم الحوثيون نحو صنعاء في ظل مواجهات قتالية شرسة تختزل الوطن في المد المذهبي الحوثي الصالحي والصد القبلي الحاشدي الأحمري .

يكاد يتحطم حلم الدولة المدنية وسيادة الدستور والقانون مع مشاهد خروج رواد دار الحديث في ( دماج ) كرها بفعل قوة الحوثيين وفرض مطالبهم على الدولة , وهو أمر يدل على أن خيار السلاح والعنف أنفع من خيار السلم لتحقيق الغايات .

يكاد التفاؤل يتمزق مع كل صاروخ ينطلق نحو هدفه ومع كل محطة خدمية تتوقف عن أداء مهامها ومع كثرة أنباء الخطف وحوادث التفجير والاغتيالات .

تم الحوار وما زالت الدولة تقف كعادتها متفرجة أمام كل أحداث الفتن وحوادث الشر , تشاهد صراع الضباع وتناوش السباع لتنقض على المنتصر الهالك محققة وعدها بدولة الأمن والنظام .

منذ اندلاع الثورة ومرورا بكل محطات التغيير المأمولة حتى اليوم ما زال الوضع متأزما والشر سائدا والقتال مستعرا والأمن مفقودا والدولة غائبة , ولعل القادم دويلات قبلية ومذهبية وأقاليم سلطانية وعشائرية , والجنوب إقليما شروق وغروب والشمال أقاليم طرب وكرب وسلم وحرب .

واذكر حين شطح الرئيس هادي في ختام مؤتمر الحوار معلنا للجميع أن يترقبوا اليوم صدور قرارات تغييرية جديدة هامة , حينها قلت لجليسي لن تصدر هذه القرارات وسيتأخر إعلانها بحجج تؤكد عدم الثقة بين الشركاء وتجسد أن بعض الأشواك والملاعق أكبر من التورتة الموضوعة على الطاولة , وحين صح تحليلي سألني كيف قرأت ذلك ؟, قلت : إذا أراد الذئب أن يحكم غابة اليمن ويسيطر على وحوشها فعليه أولا أن يكسر أنياب الضباع ويكمم أفواه السباع , وهذا ما لم يحققه قائد القطيع الأبيني بعد . 

 بقلم : ابو الحسنين - محسن معيض

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص