يعتبر الاعلان الرسمي عن قيام الدولة الاتحادية في اليمن ذات الستة الاقاليم الادارية في اطار الجمهورية اليمنية الاتحادية , منجزاً يمنياً عظيماً وتتويجاً لتضحيات الثورة الشعبية السلمية التي ازاحت رئيس النظام السابق عن الحكم ونظامه العائلي , وسيكون هذا الاعلان البداية والانطلاقة الاولى لتحقيق كافة الاهداف الثورية ..
وأعاد هذا القرار الى الاذهان , قرار الاعلان عن قيام "الوحدة اليمنية" في 22 مايو 1990م تلك الوحدة الاندماجية السريعة , والتي كانت في الاساس عبارة عن وحدة عاطفية وغير مدروسة بشكل علمي ومتكامل , الامر الذي ترتب عليه حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية لازلنا نعاني من تداعياتها الى اليوم ..
حيث كان من المفترض اتخاذ قرار الوحدة الفيدرالية المتدرجة من اقليمين اولاً كمرحلة انتقالية اولى ثم تقسيم الاقليمين الى عدة اقاليم بالتوافق بين قيادتي الاقليمين كمرحلة انتقالية ثانية , ولكن - للأسف الشديد- تمت الوحدة بسرعة غير متوقعة ثم تحولت الى اداة بيد السلطة الحاكمة- النظام العائلي- للمزايدة ولتصفية وإقصاء لجميع القوى الوطنية الشريفة و المخالفة لسياساته الاقصائية وتصرفاته , الاستعلائية , مما جعل تلك القوى تسعى في ايجاد آلية سياسية وحضارية كوسيلة للضغط السياسي على النظام للحد من تلك السياسات الطائشة والعربدة الممنهجة التي ادت الى تحول اليمن الى دولة فاشلة , تقبع في ذيل الترتيب العالمي للدول النامية , فتحالفت ضده قوى المعارضة الرئيسية في اليمن في اطار تكتل احزاب "اللقاء المشترك" , وخاضت ضده اول تجربة انتخابية رئاسية تنافسية في العام 2006م كمحاولة اولى لإزاحته عن الحكم وتخليص البلاد من فساده , ولكن - للأسف الشديد - استطاع هذا النظام بما يسيطر عليه من اموال عامة وإمكانات ومقدرات الدولة العسكرية والإعلامية وعمليات تزوير ارادة الناخبين , من حسم نتائج الانتخابات لصالح مرشحه (علي عبدالله صالح ) وبالتالي اغتصاب السلطة من الرئيس الفائز في تلك الانتخابات الفقيد / فيصل بن شملان رحمه الله ..
واليوم كأن التاريخ يعيد نفسه عندما خرج مؤتمر الحوار الوطني الشامل بمخرجات هامة وقرارات حاسمة لحل كافة القضايا الوطنية الشائكة وفي مقدمتها القضية الجنوبية وقضية صعدة وعدد من القضايا الاخرى , إلاّ ان اهم قرار حاسم , هو تشكيل لجنة من المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار , مكلفة بتحديد عدد الاقاليم الاتحادية , وبالفعل نجحت هذه اللجنة – بالتوافق- على تحديد الستة الاقاليم المكونة للدولة الاتحادية اليمنية الحديثة ..
وبهذا القرار الحاسم و الانجاز التاريخي لليمنيين والذي يضاف الى الانجازات الاخرى , توضع "الوحدة اليمنية" في مكانها المناسب ومسارها السليم في الاتجاه الصحيح , واعتبار الفترة من العام 1990م وحتى العام 2011م فترة فاصلة في تاريخ اليمنيين وتتطوى تلك الفترة بكل مآسيها وآلامها , وتفتح صفحة جديدة وفترة انتقالية جديدة في حياة اليمنيين في ظل الدولة الاتحادية الحديثة , تتنافس فيها الاقاليم الستة تنافساً شريفاً في مجال البناء والنهوض الحضاري والإنتاجي والصحي والتعليمي والتقني, لا في مجال الحروب الطاحنة والثأرات الجاهلية والصراعات المناطقية والقبلية والطائفية والعنصرية ..
وأخيراً .. فلنكن من الآن يداً واحدة تبني الانسان وتعمر البنيان وتحمي الاوطان , ونتعايش في سلام وأمان , تعايش اخوي واجتماعي , تعايش يحترم الحقوق والحريات المتبادلة , يحترم الرأي والرأي الاخر , يحترم الانسان وحقوق الانسان , وذلك في ظل الدولة الاتحادية الحديثة , دولة الشراكة الوطنية في السلطة والثروة , لا دولة الفرد او القبيلة او العائلة او الحزب الواحد , دولة ديمقراطية لا دولة استبدادية , دولة العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية , لا دولة الظلم والعدوان ومصادرة الحقوق العامة والملكية الفردية والفكرية وحرية الرأي والتعبير .. وليكن شعارنا الجديد الذي نهتف به جميعاً :
( كلنا لليمن واليمن لنا ) .
بقلم : ناصر الصويل