على خُطى صحيفة ( الأيام )

لا أدري لِمَ غمرتني السعادة الكبيرة حينما قال لي العم ( سعيد ) الرجل الخمسيني الذي يجيد متابعة الصحف واستماع الإذاعة بصورة يومية، مخاطباً إياي عندما دار الحوار بيننا ذات ليلة عن شئون الصحافة مهنة المتاعب؛ أن صحيفة ( الشارع الحضرمي ) تُذكّره نوعاً ما بصحيفة الأيام. وبالرغم من أنني لا أزال حتى الآن طالباً في محراب العلم والطلَب إلا أنني كنتُ ـ وتمشياً مع تخصصي في الإعلام والصحافة ـ أُمنّي نفسي على الدوام بمطبوعة حضرمية تمشي على خُطى  (  صحيفة الأيام   ) وتسترشد بضيائها البَهي الذي لم يقتصر سطوع ضوئه على الباسمة عدن فحسب بل عمّ أرجاء الوطن اليمني قاطبة.

العم سعيد وصل إلى ذالكم الحُكم الصريح بعد أن عاين على صفحات ( الشارع الحضرمي ) تعدد الأصوات وتنوع مشارب الفكر، ورأى ترحيبها بكل طرح ملتزم طالما كان يحترم رؤى الآخرين ولا يتعدّى عليها بأي تجريح أو تشهير، وربما حطّت عيناه على أسطرٍ حرّى أو صورة دامعة تحكي مآسي البؤساء في وطن يعجّ بالألم، أو تغطية دافئة لفعالية اجتماعية تعود بالفرح والسرور على فئة من فئات الشعب المسكين. وأنا كذلك أكاد أتفقُ معه في ذلك الحُكم كوني أرى دوماً أن ( الشارع الحضرمي ) لم تبخل على الشباب المبتدئ من أمثالي وغيري من طلاب وطالبات الصحافة أن يمارسوا خطواتهم الأولى، ويُطلقوا تغريداتهم، وفي أحيانٍ كثيرة صرخاتهم المكبوتة على آفاق صفحاتها حتى وإن كانت معدودة.

إن أقضية الحياة ومحدثات العصور تستلزم أن يكون في مجتمعاتنا صحفٌ تخاطب فئة الضعفاء، وتأخذ بأيديهم وتوصل أصواتهم بكل نزاهة وأمانة إلى أولي الشأن، ولعل حضرموت معشوقة الجميع، تحتاج إلى أمثال تلك الصحُف النزيهة بعد أن غابت عن ساحاتها ردحاً طويلاً من الزمن. ألا إن المواطن الحضرمي قد ملّ على طول تاريخ الصحف الصفراء من مغرور القول ومعسول الأمل، وصار يتطلع إلى من ينقل له الحقيقة دون تزييف أو رتوش، إن صدره قد ضاق ذرعاً بالنفاق والتلوّن، وأنفاسه تكاد تختنق من هول الاستخذاء وسياسات الانبطاح والاستجداء التي ما برحت فئة من دخلاء الصحافة يمارسون طقوسها حيناً من الدهر مستغلين غفلة الزمن وخلو الساحة.

لقد آن لنا ونحن جيل التغيير أن نصنع مع ( الشارع الحضرمي ) لوحة تنير الطريق الذي سلكته ( الأيام ) من قبل، ونعيد للصحافة المجتمعية النزيهة بريقها الذي خبا، وننبذ سياسة الإقصاء عن كاهلها، فلا نُقصي الحقيقة عن أن تصل إلى مستقرها، ولا الشكوى أن تبلغ المشتكى إليه، ولا الضعيف أن يجد تحت أفيائها المعونة والنصرة، فهل تُرى يوماً أن تبلغ ( الشارع الحضرمي ) ما بلغت في تحليقها ( الأيام ) ؟؟

 بقلم : أحمد عمر باحمادي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص