حضرموت اليوم / سيئون / خاص:
استضاف مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث و المجتمع, الباحث و الناقد الدكتور/ أحمد هادي باحارثة, حيث ألقى محاضرة ( تجربتي مع الكتاب ) مستهلا حديثه عن الدور الكبير الذي يضطلع به المركز, فقد حمل على عاتقه خدمة الحركة الفكرية والثقافية والتراث والمجتمع, هذا المركز الذي ما زال شامخا يؤدي دورا كبيرا في ظل غياب الجهات المعنية والمختصة.
و قد تضمن عنوان ومضمون الأمسية الذي حمل في طياته الكثير من الدلالات والأبعاد التي عبر عنها الدكتور باحارثة من خلال تجربته الشخصية حيث شغف منذ وقت مبكر بحب الكتاب والكتابة منذ نعومة أظفاره؛ فقد كانت بداياته مع المجلات ودوريات الناشئة و الشباب وغيرها من المجلات التي حببت إليه القراءة مبكراً, كما كان للمكتبة السلطانية بعد ذلك الأثر الكبير في تشكيل شخصيته وصقلها, نظراً لإسهامها بشكل كبير في تنمية شغفه ونقله من قارئ إلى كاتب. وكذلك أثرى عمله في وظيفة مصحح لغوي لبعض دور النشر حيث مكنته من اكتساب عدد من المهارات والخبرة أسهمت في صقل مواهبه الذاتية التي أطلق لها العنان و جعلها تنمو وتترعرع في منابع ومواضع دور العلم، و صناعة التاريخ الحضرمي، وترتوي من ضروعها النقية في قالب علمي وأكاديمي مبني على قاعدة راسخة وهي الهوية الحضرمية, وقوة الانتماء.
ولفرط فهمه وتعلقه بما بين يديه من مصادر المعرفة فلم يكن يمر عليها مروراً عابراً بل مدققاً ومتفحصاً و متعطشاً وناقداً, ولذا تراكمت لديه حصيلة أهلته بالتدرج من الكتابة في الصحف والدوريات المتخصصة إلى مرحلة النقد المتجرد و التأليف التي بدأت في عام 2007 بكتابه ( الكتاب في حضرموت ) وكتاب ( اللهجة المكلاوية ) وكتاب (عهد السلطان صالح ) وغيرها من الكتب, ومن خلال هذا الزخم المتلاحق استطاع باحارثة أخذ الحجم والمساحة المناسبة لذلك في الأوساط الفكرية والثقافية في عموم اليمن, على الرغم من بعض العقبات التي دائماً ما تواجه أمثاله, ومناكفة من لا تروق لهم الحق والحقيقة.
وعن مرحلة الماجستير, فقد بدأ الدكتور باحارثة التأليف برسالته حول الأستاذ الكبير ( محمد عبدالقادر بامطرف أديباً ) وتخصص في إبراز شعره الفصيح فقط، وكان ذلك تحديا كبيراً له لعدم توفر المصادر والمراجع حول الشعر الفصيح للأستاذ بامطرف ولكنه تمكن من جمع مادة كبيرة نالت إعجاب وثناء المناقشين, ثم توالت أنشطة مشروعه التأليفي التي منها كتاب ( المقالة في حضرموت بامطرف أنموذجاً )، والثاني ( القصة في حضرموت بامطرف أنموذجاً )، والثالث (محمد عبدالقادر بامطرف ناقداً أديباً ). وأما كتاب (الانتصاف لابن عبيدالله السقاف) فقد انتهى منه في عام 2007 ؛ إلا أنه لظروف ما تأخرت طباعته وبحمد الله طبع في هذا العام .وقد كتب الأستاذ المؤرخ عبدالرحمن الملاحي -رحمه الله- مقدمة هذا الكتاب في مقالة أسماها (الإنصاف لصاحب الانتصاف).
وكانت رسالة الدكتوراه التي حصل عليها باحارثة عام 2010 حول النقد في حضرموت تتويجا لإنجازاته المعرفية التي تكللت بتأليف باحارثة تسعة كتب، منها: (كتاب حضارمة في المهجر المصري) وتحدث فيه كشخص عاش في أجواء مصر العلمية والأدبية، والكتاب يتحدث عن أدباء حضارمة وعلاقتهم بمصر، ومنهم: عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس، و علي بن محمد باعبود، و عبدالله بن محمد السقاف ( صاحب تاريخ الشعراء الحضرميين )، و عبدالله بن يحيى، وعلي أحمد باكثير، وكذلك صلاح البكري. وهؤلاء كلهم أدباء حضارمة عاشوا في مصر, في فترات متقاربة, ثم كتاب عن الأديب عبدالله علي باسودان- وهو من أدباء الستينات- و مازال يكتب ويؤلف وهذه نبذة مختصرة عن رحلة باحارثة مع الكتاب والتأليف التي عاشها كقارئ نهم ومحلل وناقد واع، ومازال باحارثة يشمر دوماً عن ساعديه في سعيه إلى تلك الفيافي الحضرمية لإبراز المآثر والدرر الحضرمية، سباق إلى وضع و ترسيخ بصمته للأجيال المقبلة.
وقبل الختام فتح مقدم الجلسة الأستاذ/ عبدالرحمن بن حسن السقاف -مدير الهيئة العامة للأثار والمتاحف- باب النقاش للحاضرين لإبداء أسئلتهم ومداخلاتهم ,كما أكد الدكتور باحارثة وجميع الحاضرين في ختام الجلسة على الاهتمام البالغ بالقراءة و اللغة العربية من خلال انتشار المكتبات العامة والخاصة وترغيب الأطفال في القراءة حتى تكون سلوكا أساسيا في حياتهم.