تستنكر كل فئات المجتمع اليمني بكل أطيافه الاجتماعية ومختلف مشاربها السياسية أعمال القتل التي طالت الجنود والضباط ويشهد اليمن انفلاتا أمنيا وعمليات إرهابية واغتيالات متواصلة تطال ضباط أجهزة المخابرات والجيش ، وتثير هذه العمليات جدلا واسعا في المؤسسات والشارع اليمني ، حيث ناقش مجلس النواب (البرلمان) الوضع الأمني في جلسة خاصة بتاريخ 20/4/2014م.
وقالت مصادر مطلعة إن وزير الداخلية الجديد يقوم بتحركات ميدانية لاكتشاف الاختلالات في أجهزة الأمن التابعة للوزارة ، بعد تزايد أحداث العنف ، والقتل ، حيث قام الوزير قبل عدة أيام بجولة ميدانية بسيارته الخاصة ومن دون مرافقين لاكتشاف أداء النقاط الأمنية ، وعلى الأثر أمر بإيقاف عدد من الضباط والجنود عن العمل.
وفي تحرك آخر قام الوزير بارتداء زي تنكري قبلي مع مرافقين بملابس مدنية ، وقاموا بإخفاء أسلحة معهم ، وتمكنوا من المرور من كافة نقاط التفتيش التي عبروها بالسلاح بعد أن أعطوا الجنود قليلا من القات والمال.
لقد باتت الدراجات النارية أشد فتكاً بالضباط والجنود والقادة من المدافع والرشاشات وتحولت اليمن إلى ساحة معركة مفتوحة.. ما يحدث هو انفلات أمني متعمد مؤكد و يحدث رصد دقيق تقوم به جهات غير معروفة لكل تحركات القادة العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين .
وقد كشف قائد قوات الأمن الخاصة في اليمن (الأمن المركزي سابقاً) اللواء فضل بن يحيى القوسي، عن مقتل وإصابة 155 جنديا وضابطاً من منتسبي قوات الأمن الخاصة ، خلال الربع الأول من العام الجاري 2014م.
وأوضح اللواء القوسي في تصريح لمركز الإعلام الأمني ، أن 42 جندياً وضابطاً قتلوا، فيما أصيب 113 جنديا بإصابات مختلفة خلال هذه الفترة و بأدناه كشفا بأسائهم مع الشهر الذي قتلوا فيه :
1 - ففي يناير 2014م اغتال مسلحون العقيد في جهاز الأمن السياسي بعدن مروان محمد المقبلى بعد خروجه من منزله.. ثم تعرض الضابطين مبارك لشرح ومحمد على حسين لعملية اغتيال من قبل مسلحين في مديرية الشيخ عثمان بمدينة عدن.
و تم اغتيال مدير عام فرع المؤسسة الاقتصادية اليمنية بسيؤن العقيد عبد الغنى المقالح وفي نفس اليوم اغتال مسلحون الضابط في خفر السواحل بمدينة عزان بمحافظة شبوة عمر على الحميري.
و مسلحون آخرون يغتالون مدير الأمن السياسي بمديرية البريقة بعدن المقدم أحمد لقديمى.
و أقدم مجهولون على رمى العقيد مسعد قاسم الشعيبى من شرفة الدور الثالث بأحد فنادق مدينة دمت محافظة الضالع.
ثم تعرض الضابط بالأمن السياسي بمدينة لحج باسل محمد مثنى لعميلة اغتيال من قبل مسلحين وسط مدينة الحوطة.
وقام مسلحون على متن دراجة نارية باغتيال مدير قسم شرطة ثلاثين نوفمبر بمدينة تعز الضابط عبد الغنى عبد الواحد.
واغتال مسلحون مجهولون مدير البحث الجنائي بمديرية حورة محافظة حضرموت المقدم أحمد عمر المحثوثى أثناء مروره بالشارع العام.
وفي نهاية هذا الشهر استشهد ثمانية عشر جنديا وجرح ستة آخرين في هجوم إرهابي قامت به مجموعة مسلحة مجهولة استهدف نقطة تفتيش في المدخل الغربي لمدينة شبام حضرموت.
2- وفي فبراير 2014م سارت الأحداث بنفس النسق حيث قتل «6» جنود وجرح «11» آخرين في هجوم لمسلحي الحوثي على لواء العمالقة في الجبل الأسود بحرف سفيان.
و مقتل اثنين جنود في هجوم على حافلة تقل جنودا يمنيين بصنعاء ثم مقتل ثلاثة جنود وإصابة 10 آخرين في انفجار حافلة تابعة لوزارة الدفاع و مقتل 5 جنود وإصابة ضابط و8 آخرين بكمين مسلح في شبوة .
و مقتل 12 من الجيش وإصابة 10 وأسر 8 جنود حصيلة أولية لمواجهات عنيفة بين الجيش وقبائل حضرموت .
و مقتل ضابط وجرح 3 جنود في مواجهات بين الأمن والحراك في المنصورة ، و مقتل وإصابة 5 جنود بحضرموت وإسقاط طائرة عسكرية و مقتل سبعة جنود في هجوم شنه مسلحون على السجن المركزي بصنعاء.
ومقتل تسعة جنود في الضالع في اشتباكات جنوب اليمن .. و مقتل مسؤول أمني العقيد مازن ألبان ومرافقه برصاص في لحج .. و مقتل جنديان وإصابة ضابط وثلاثة جنود على يد الحوثيين في الجوف .
3- وفي مارس 2014م مقتل سبعة جنود وإصابة عشرة آخرين في هجوميين منفصلين بمحافظة شبوة.. وتم اغتيال العقيد في الأمن السياسي عبدا لملك العذري بجولة مطار صنعاء.. و مقتل جنديين في هجوم للقاعدة على اللواء 115 في أبين .. و مقتل جندي واختطاف قائد عسكري و3 جنود في حضرموت ثم وفاة العقيد الحداد متأثرا بجروحه التي أصيب بها في محاوله لاغتياله في أب .
و مقتل ضابط في المخابرات اليمنية و3 جنود .. وتم اغتيال ضابط في الأمن السياسي بعدن طارق الحكمي و اغتيال ضابط التحريات بالمنصورة جميل علي صالح .. و مقتل وإصابة 5 جنود في هجوم على نقطة عسكرية في منطقة خلف بالمكلا .. و اغتيال ضابط وجرح اثنين آخرين بصنعاء ، من قبل مسلحين على متن دراجات نارية .. و مقتل 20 جندي من الأمن الخاص في الريدة بحضرموت .
وفي إحصائية استقصائية سابقة كشف عن إقدام الأيادي الآثمة منذ بداية العام 2013م وحتى نهاية ديسمبر عن قتل (410) من منتسبي الجيش والأمن ومسئولين حكوميين وقادة سياسيين بينهم (80) ضابطاً برتب رفيعة بينهم (17) ضابطاً برتبة عميد و(27) ضابطاً برتبة عقيد و (8) برتبة مقدم و (10) صف ضابط و برتبة مساعد (18) و (8) مسئولين حكوميين وسياسيين إضافة إلى (322) جندياً استشهدوا في عمليات إرهابية استهدفتهم في مختلف المحافظات .
تلك الجرائم الإرهابية نفذت في (11) محافظة تصدرتها محافظة حضرموت التي سقط فيها (100) من منتسبي الأمن والجيش و(59) شهيداً في محافظة شبوة وفي البيضاء (38) شهيداً والعاصمة صنعاء (14) شهيداً ومحافظة أبين (26) شهيداً.. فيما فشلت وزارتي الداخلية والدفاع والأجهزة الاستخباراتية عن إلقاء القبض على إرهابي واحد متورط في تلك الجرائم البشعة التي تنفذها فرق الموت .
وفي إحصائية استقصائية أخرى تبين انه منذ بداية العام 2012م قتل (27) من منتسبي الجيش والأمن بينهم ضبطاً برتب رفيعة (3) ضبطاً برتبة لواء (7) ضبطاً برتبة عميد و(4) ضبطاً برتبة عقيد و (4) برتبة مقدم و (5) صف ضابط .
من السرد السابق للأحداث في اليمن تتبلور بعض الأفكار التي يجب علينا الانتباه لها .. أولها إن الراصد لتحركات الضحايا مجهول.. أما وسيلة القتل فهي بندقية أو عبوة ناسفة تحت سيارة أو دراجة نارية يسهل الهروب بها من مكان الحادث .. المنفذون بالنسبة للضحايا وعامة الناس مجهولون .. وغالبية الضحايا من رجال الأمن والجيش ومن حاملي الرتب العالية .. وهدف القتلة لم يعلن حتى الآن .. ولم تتبنى ذلك جهة معينة ولم تدعي أي جهة مسؤوليتها عنها .. و بيانات الاجهزة الأمنية تقول أن الفاعلين لاذوا بالفرار ، والأجهزة الأمنية تتعقبهم لتقديمهم للعدالة لينالوا جزاء ما اقترفوه .. ولم تقدم أحدا للعدالة بالرغم أنها أعلنت مرارا إلقاء القبض على قتله .. وإمكانيات القتلة بسيطة وليست احترافية .. وتدريبهم ممتاز بل يفوق الممتاز .
الضباط والجنود في الوحدة الواحدة لاتوجد بينهم ثقة لتنفيذ المهام .. فالمكلفين بالمهمة الواحدة قلوبهم مشتتة بل أصبح الواحد منهم خائفا حذرا من زميله بمثل حذرة من الخارجين عن النظام .. و أن الجنود والضباط لا يؤدون المهام بالشكل الاحترافي خوفا من الانتقام لأنهم يعتبرون الدولة غير مستعدة لحمايتهم ، لذلك تشكلت في صنعاء منظمات مجتمع مدني هدفها الوقوف مع أفراد الجيش و الأمن ورعاية اسر القتلى منهم .
أما الضباط أصحاب الرتب الكبيرة عقيد مقدم وعميد ورائد ونقيب ..الخ والذين لم يحن دورهم في التصفية الجسدية فإما مختفون في بيوتهم أو حركتهم مقيدة بموكب كبير من العربات والمصفحات والأطقم العسكرية مما جعلهم قليلي الحركة وشلت فعاليتهم التخطيطية والميدانية .
ربما تكون إعادة الهيكلة هي التي ستعيد للجيش والأمن توازنه وعلينا إلى ذلك الحين .. أن ننتظر.. وندعو الله أن يحفظ أمننا ويفرج همنا ..
بقلم المهندس : عبدالحافظ حباه