لم أتمالك دموعي التي انهمرت بغزارة وأنا اقف امام صورة ابني وفلذة كبدي الفقيد / محمد جمعان دويل وهو في عمر 13 عام في معرض مدرسة التعاون بقسم بجناح النشاط اللاصفي للعوام السابقة , حين التقطت له الصورة في النشاطات اللاصفية بمدارس التعاون وهو في الصف السادس ابتدائي مع زميله وصديقه وجاره / همدان يسلم بن خبران في سباق نفخ البالونات عام 1999م
تلك الصورة التي فجرت في احشائي وجوارحي حزنا عميقا وحينها تذكرت لحظة وفاته على يد احد المتهورين الشباب من أبناء مدينة سيئون في حادث سير مؤلم اهتزت له مدينة سيئون سامحه الله , إنه القدر لا مفر منه ولكن هي الاسباب التي تحط وقعا قويا على الانسان وخاصة أن تأتي من اشخاص لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم طياش , لا مبالاة , وماذا اقول وماذا اقول . سكبت دموعي وتأثّر من كان حولي في المعرض وغالبيتهم كانوا يذكرون الواقعة لليلة وفاته وهو في عمر 18 عام .
ولكني أقول (أحمدُ الله على قضائه وقدره ... ولا حول ولا قوة إلا بالله .... وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
إن وفاة من تغليه النفس وتحبه يُفقد العقل توازنه ، وتحوجه إلى وقت طويل يعيش فيه بين مصدق ومكذب حتى يستوعب الخبر بعد حين . هذه حال الإنسان .فكيف إذا كان المفقود فلذة الكبد وشغاف القلب ؟! بل كيف إذا كان ذلك فاجعة مفاجئة ؟! لـهو فاجعة كبيرة ، عُـشت معها غريبا وإن كنت بين أهلي .. ومحبوسا على نفسي وإن كنت طليقا في الحياة . والحمد لله القائل ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )
كيف أكتب !! وماذا أقول ؟ عن مشاعر . فاضت بالحزن . والعبرات الجياشة الخانقة التي أثقلت على صدري عندما شاهدت تلك الصورة التي اعادت لي ذكريات قبل عشر اعوام اخفي فيها حزني وألمي , لقد رحلت يارفيق عمري ودربي،،،رحلة الفراق حزينة ... وما أقسى الفراق ... وساعة الفوات كئيبة ...كم كنت أتمنى أن أراك دائما (أكبرَ) أبنائي ،،،وأن أرى نفسي فيك ،،،رحلت عني ولا أمل لعودتك ،،،ولم يبقَ لي غير ذكراك ،،،تذكرني فيك يا بني مواضع قبلاتك على جبيني ويدي ،،،
وتذكرني فيك يا بني زوايا مجالسنا وأصداء أحاديثنا ،،،وتذكرني فيك أحلامك وطموحاتك ،،،
لم تكنْ في حياتي سوى حلم سعيد ... فليت حلمي دام ،،،وليتني لم أنهض من نومي ... لأراك دائما ،،، وجه كل صباح ... ووجه كل مساء ،،، ولأحدّثك وتحدّثني ،،، ولأبشِّرك وتبشِّرني ،،،ولأشكو إليك فتحنو علي ،،، وتشدّ من أزري .
فقدتك يا بني ،،، وفقدتك أمك وأخوتك ،،، وفقدك أهلك وأقاربك ،،، وفقدك المسجد وجماعته ،،، وفقدك أصحابك وأصدقاؤك ،،، فقدتك ياولدي وأنت بعمر الشباب،،، ولا زالت ذكراك خالدة لدى من عرفك وعاشرك من زملائك , حتى اني غيرت كنيتي بأسم اخيك الثاني ( باسم ) بدلا عن ابو محمد لكون اسمك له وقع الحزن في قلبي عندما ينادوني به اصبح في عالم آخر ,,, برغم إيماني بالقضاء والقدر ,,,
ستبقى في ذاكرتي لن أنساك،،،فمعذورةٌ عيني إن ذرفت دموعها ،،، ومعذورٌ قلبي إن صدّعه الحزن ,,, وليس لي إلا القبول والتسليم والرضا على قضاء الله وقدره ؛ فالحمد لله على كل حال ، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار((اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها )) وعزائي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، القائل : (( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته : قبضتم على ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم ، فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم ، فيقول : ما ذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد: فالحمد لله أولا وأخيرا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أسأل الله جل شأنه أن يسكن أبني فلذة كبدي جنة الخلد مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ،،،
رحمك الله يا ولدي رحمة واسعة ،،، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة ،،،
وجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى ،،، إنه سميع قريب مجيب الدعوات
إنا لله وإنا اليه راجعون
بقلم : والد الفقيد / محمد جمعان دويل