خواجات توتال .. والبؤساء في حضرموت .. مناشدة إلى وزير النفط / رشيد الكاف /
" التطرف هو الإساءة إلى الشيء الذي تؤيده وتأييد الشيء الذي يسيء إليك "
[ فيكتور هوجو ـ من رواية البؤساء ]
مازال وادي حضرموت يقاسي الأمرَّيْن من الكهرباء وانقطاعاتها .. على الرغم من دفع الحكومة ـ كما يبدو ـ كل المستحقات المتأخرة للسيّد / عمروتوفيق / البائع للطاقة الأغلب المغطية لمناطق وادي حضرموت بمحطته المولدة لـ50 ميجاواط من الكهرباء المغذاة بالغاز المستخرج ـ تصاحباً ـ مع النفط المستخرج من القطاع 10 خرير الموكل لشركة [ توتال ] استحقاق استخراج نفطه ..
والمعاناة في هذا الأمر ـ انقطاع الكهرباء ـ ليس وليد لحظة من الآن .. هو تراكم مؤذي من المعاناة لسكان الوادي ظل يميّز حياتهم خلال السنوات الأخيرة منذ أن وُسِّد أمرُ الكهرباء في وادي حضرموت إلى شركات [ شراء الطاقة ] ، التي استطاعت أن تستنزفَ المقدرات ، وتحيِّد الخطط المخصصة لصيانة وتطوير الإمكانات التوليدية للطاقة الكهربائية لمحطات التوليد في المنطقة المملوكة للدولة .. وأخرجت من نطاق العمل الاستراتيجي الوطني المفروض .. التوجهَ الواجبَ في تحسين الخدمة التوليدية بالاستفادة من الغاز المستخرج وحساب النفط القادر على إقامة [ محطات ] للتوليد وتسليمها إلى مؤسسة الكهرباء لإدارتها .. وهو الأمر الذي لو قامت به [ الحكومات المتعاقبة ] و [ الرؤساء المتعاقبون ] لأسهموا في تعزيز الخدمة الكهربائية المقدمة ، وأسهموا في تخفيض الكلفة العالية للكهرباء على جيوب المواطنين ، بدلا من الكيفية الجارية بها تعاقدات [ شراء الطاقة ] الناضحة بالفساد البواح .. ولوفّروا على الوطن نكسات الانتفاضات الشعبية المتعددة الوجوه التي ظل الفسادُ في إدارة مقدرات الوطن المحرك الرئيسي لأتونها الذي ألهب البلاد طيلة السنوات الماضية، والذي تعتبر الكهرباء وشرائها أحدى المظاهر المتجلية التي تنز قبحاً على المشهد الوطني العام ، والمحلي على وجه الخصوص ..
ما يهمنا هنا في الطرح السريع هذا .. أن على الرغم من تعدد المسببات للانقطاع المتوالي الذي نعيش قلبه منذ سنوات في وادي حضرموت .. إلا أن كل المسببات تأخذ وقتها وتتراجع وقتياً نتيجة للمعالجات التضميدية التي تحكم العمل الرسمي عموماً في البلاد .. وتعاود إلى الظهور إذا وجدت المناخ المهيأ لتواجدها .. وعادة ما تكون الكهرباء وسيلة الضغط المثلى من الجهات المتمصلحة من هذه المنظومة [ الوسخة ] لتحقيق طلباتها على أساس أن تأثيراتها واسعة النطاق ويصعب تجاهلها من قبل الجهات المطالب منها اتخاذ الإجراء المطلوب .. فسقط المواطنون ضحية لتصارع المطالبات وضعف الأداء الحكومي والفساد المستشري في كل زوايا العمل العام .. وبقيت الانقطاعات المتوالية للكهرباء سيدةَ الموقف .. وأصبح المواطن مزقاً من المعاناة يتجاذبها الأطراف لتحقيق مطالبهم ..
إلا أن ما يحدث الآن من إنقطاعات للكهرباء.. لا معنى له .. لأنه أتى من توتال .. التي ليس لها مطلب ، ولا تريد ، ولا تناوط ، بل كأنها تريد أن تشترك مرة أخرى في إذلال الحضارم .. [ اللي مش ناقصينها أصلا !! ] ..
ما استجد في الأمر ، أنه بعد أن قارب المواطنون التنفس بعد أن كف / عمرو توفيق / عن إيذائهم بمطالبته السمجة على الأرواح لمستحقاته التي لم يعن له المطالبة بها إلا في أشهر القيض .. بدأت [ توتال ] الشركة النفطية المنتجة للغاز من قطاعها تتشيْطن على معاناة المواطنين في وادي حضرموت ، بواسطة قطع الغاز بطريقةٍ مبرمجة [ مرة في الصباح وأخرى في المساء ] والحجة اليوم للشركة النفطية الضخمة [ أن جهاز ضغط الغاز الذي يتولى دفق الغاز إلى محطة التوليد يتعرض للعطب الدائم !! ] مع أن توتال ـ الفرنساوية ـ قامت بإحضار جهازين لهذا الغرض ، إلا أنهما جميعاً يتعرضان للعطب ، وبالطريقة المبرمجة [ مرة في الصباح وأخرى في المساء ] .. وعجزت توتال ـ بهيلمانها وسطوتها وأموالها ونفط البلاد ـ أن تحضرَ جهازاً آخر لضغط الغاز يضمن للمواطنين الغلابا الذين يقتلهم الحر ، ويشقون في صومهم لرمضان كل الشقاء ، يضمن لهم الكهرباء ولو لنهار كامل ، أو ليلٍ كامل.
وعندما ترتفع حدة النقاش بين المسئولين عن الكهرباء ورجال توتال في اللقاءات التي تناقش ظاهرة تعدد الانقطاعات بسبب خلل ضاغط الغاز .. يصرخ التوتاليون [ هذا أبدع ما يمكن أن نقدمه لكم ، فليس بالإمكان أبدع منه ] ويختمون نقاشهم بمقولة تعيسة كأنها إحدى فصول ملهاة [ البؤساء ] لشاعر بلادهم الشهير [ فكتور هوجو ] : " وين بنا ؟ " .. الأمر الذي حدا بمدير إدارة شراء الطاقة في وادي حضرموت أن يصيغ رسالة شكوى صارخة إلى وزيري الكهرباء والنفط والمعادن يطالبهما فيه بالتدخل لحل هذا الإشكال غير المبرر ، والتوقف المقصود ـ ظاهراً ـ لضخ الغاز من جانب توتال وبالتعدد والتكرار والبرمجة التي تثير العديد من التساؤلات ، في ظل معاناة المواطنين من الطقس الحار بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك.
لهذا ..
فإننا نتوجه إلى وزير النفط والمعادن [ الحضرمي ] / رشيد الكاف / أن ينقذ مواطنيه من قهر توتال والمسئولين على الانقطاعات في منظومة القهر والحرمان المتعلقة بالكهرباء الغازية .. وأن يسعى ـ بحرص الحضرمي ومهنيته وصدقه وإخلاصه ووفائه ـ أن يضغط على توتال أن تكف عن التلاعب بضخ الغاز ، وأن يجبرها بكل ما أوتيَ من سلطان عليهم أن تدعم منظومة الغاز بـ[ كمبريسور ] كفوء يضمن تواصل الغاز لمحطة التوليد دون انقطاع ..
وإن كان أملنا فيه يتجاوز هذه التفصيلة الحقيرة التي من المفروض أن يؤديها للحضارم أقل مسئول في الحكومة [ المصيبة ] التي أرتنا خلال سنيها العجاف القصيرة ، ما لم يره الحضارم في تاريخهم الطويل من مصائب الدنيا كلها ..
إننا نتوجه إليه ـ وزير النفط ـ أن يسعى إلى تفعيل أوامر رئيس الجمهورية إلى شركة توتال ـ أيضاً ـ بإقامة محطة توليد للكهرباء الغازية بقوة 90 ميجاواط من حساب النفط على أن تسلم لمؤسسة الكهرباء لتصبح من أملاك الدولة .. فتحل بذلك مشكلة الطاقة التي طال على الحضارم معاناتها .. وملوا من همها الذي استمر سنيناً كانت تكفي لأن يصاغ فيها واقع حضرموت بأحسن مما آل غليه ، أو تطلع الحضارم إلى أن تكون عليه منطقتهم.
إن أملنا في الوزير [ الحضرمي ] كبير ، أن يعيد التوازن على منطق العيش لدى الحضارم داخل دولة الوحدة التي تؤطر منصبه الجديد .. وأن يعمل بقوة ورصانة لتجسيد قدرة الحضارم على الفعل والتأثير بالقدوة ، وأن رجالهم قادرون على تثبيت احترام الآخرين لهم بعد أن غدا الآخرون سلعة بخسة في سوق نخاسة الرجال والأوطان التي شاعت في الزمن الملعون ..
فهل يستطيع [ الكاف ] تحقيق ما عجزالآخرون عنه ؟ إننا مرتقبون .. ولنا في الأمر كلام .. وكلام .. وكلام ..
بقلم : أحمد علي فرقز