اختتام الدورة العشرين بدار المصطفى بتريم

حضرموت اليوم / تريم / مراد صبيح:

وسط أجواء إيمانية وروحانية منقطعة النظير وفي يوم غامرٍ بالمحبة لله ولرسوله وأهل العلم ورجاله في مدينة تريم الغناء شعارُها "العلم والأخوّةُ في الله"، كلُّ تلك المعاني التي تعجز الكلمات بالتعبير عن مكنون أسرارها وما تحتويه من مشاعر فيّاضة كانت حاضرةٌ وبقوةٍ في ختام الدورة العشرين بدار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية.

بحضور كوكبة من علماء وادي حضرموت وشيوخها والمسؤلين فيها والشخصيات الاجتماعية وطلاب العلم من أكثر من اثنين وثلاثين دولة عربية وإسلامية وأوربية خُتمت مغرب يوم السبت 13 شوال 1435هـ الموافق 9 أغسطس 2014م الدورةُ الصيفية العشرون بدار المصطفى بتريم ودار الزهراء بعد أن أكمل المشاركون والمشاركات فيها أربعين يوماً في تلقي العلم الشريف والآداب النبوية والوعظ والخطابة وتزكية النفس وبثّ همّ الدعوة إلى الله لمن لم تمكنهم ظروفهم من التفرغ لذلك طوال العام،، وسط بيئة إيمانية على أيدي شيوخ أفاضل آخذين علومهم بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وقد بلغ عدد المشاركين في دورة دار المصطفى (825) مشاركاً بما في ذلك دورةُ غير الناطقين باللغة العربية، وعدد غفير من النساء حيث انعقدت لهنّ في دار الزهراء التابع لدار المصطفى.

جانب من دروس المشايخ المشاركين زيارة رباط تريم 2 كلمة الداعية عبدالله حامد الجيلانيوجاءت فعاليات هذا الختام بدءاً بآيات من الذكر الحكيم وبعدها كلمات لبعض الأساتذة وانطباعتهم بيّنوا من خلالها علاقة الطالب بالمدرس والجوانب التي تميّزَ بها طلاب هذه الدورة وتفانيهم في أخذ العلم وحرصهم على التلقي وحسن الإدراك والغوص في أعمق المسائل التي تواجههم في أوطانهم، ومن ثم كان استعراضُ مجموعات من الطلاب المشاركين لنماذج ما تم أخذه من علوم هذه الدورة، معبّرين من خلال ذلك العرض مدى التمكن العلمي الذي تلقوه من الشيوخ والعلماء خلال مدة هذه الدورة آملين الاستمرار ومواصلة السير والتلقي للعلم والآداب النبوية أثناء عودتهم إلى أوطانهم ونشر العلوم التي أخذوها في هذه الدار .

كلمة العلامة سالم الشاطري كلمة العلامة علي المشهور بن حفيظ كلمة العلامة عمر بن حفيظجاءت بعد ذلك عددٌ من الكلمات وفي مقدمتها كلمة رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بتريم ومدير دار المصطفى العلامة/ علي المشهور بن محمد بن حفيظ وتحدّث في كلمته عن شكره وعظيم تقديره لكافة الطلاب المشاركين وتحملهم عناء السفر في سبيل تلقي العلم الشريف خصوصا وأن الدورة أتت في وقتٍ كان غايةً في الصعوبة؛ كونها وافقت شهر رمضان المبارك مما كان بمثابة اختبار قبول لصدق نوايا الطلاب الذين وفدوا إلى مدينة تريم، وفي وقت شدة الصيف ومفارقة الأهل والأوطان، علاوةً على ما يدارُ من سوء في الأوضاع تتناقلها وسائل الإعلام العربية والعالمية مما يدل على عظيم همة هؤلاء الشباب الذين قدموا إلى تريم وتحدّيهم لتلك الصعاب بمجموعها.

جانب من الحضور 5بعد ذلك جاءت كلمة مدير رباط تريم العلامة الفقيه/ سالم بن عبدالله الشاطري أشاد من خلالها بمكانة دار المصطفى وأنه صرحٌ علمي جاء بعد تضحيات من الشهيد العلامة محمد بن سالم بن حفيظ. وحث الطلاب المشاركين على مواصلة التلقي والأخذ من العلماء، وما هذه الأربعين يوما إلا محطة للتزوّد وشحد الهمّة والارتباط بالشيوخ. وذكّر الحضور بأهمية تجديد التوبة والرجوع إلى الله، كما دعاهم إلى العمل بالعلم والتخلّق بالأخلاق الفاضلة.

كما كانت هناك كلمة الداعية / عبدالله بن حامد الجيلاني عميد رباط الخريبة بوادي دوعن بيّن فيها أهمية طلب العلم الشريف وحاجة كل مسلم للعلم النافع وأخذه من أهله ومواطنه، منبهاً إلى جملة من الآداب التي ينبغي أن يحافظ عليها طالب العلم ومنوهاً بذكر كثير ممن مضوا في هذا الوادي وكانوا فرسانا في مختلف العلوم ومنها علوم الفقه واللغة .  

IMG_5085وختام تلك الكلمات كانت لعميد دار المصطفى العلامة/ عمر بن محمد بن حفيظ وفيها حمد الله على الاجتماع على العلم الموروث عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وأكدّ في كلمته على احترام الشريعة التي عظّمت حُرمت الدماء والأموال، وحذّر من الفتوى الحرام التي تستحل بها الدماء والأموال، مؤكداً بأنّ الحلَّ لمشاكل الأمة راجعٌ إلى الاحتكام إلى الشريعة الغراء وبدونها تتزايد المشاكل وتُسفَكُ الدماء . وختم كلمته بالتوجه إلى الله عز وجل بالفرج العاجل لأهل الشام والعراق واليمن وغزة وسائر بلدان المسلمين وأن يدفع الشر عن الخلق أجمعين.

هذا واستمرت فعاليات هذا الختام طوال اليوم وليلته ففي تمام الساعة العاشرة مساءً كان الجميع على موعد في حفل إنشادي أحيت فقراته مجموعة النخبة الإنشادية بتريم ومجموعة الصفاء الإنشادية من سيئون وفرقة المسرة للتمثيل بتريم.

جانب من الحفل الانشاديكما تزامن مع هذه الاحتفالات حضور للتراث الحضرمي حيث شاركت حافتَي عيديد والخليف بلعبة الرزيح الشعبية والمحببة لدى الكثير خصوصاً كبار السن يرددون من خلالها بعض الأناشيد الطيبة المتضمنة للأذكار والنصح والحث على فعل الخير والأهازيج المصحوبة ببعض الرقصات والحركات المتناسقة. 

لعبة الرزيح التراثية لعبة الرزيح التراثية 2وبعد فجر يومنا الأحد 14 شوال الموافق 10 أغسطس كانت لحظة الوداع وطلب العفو والمسامحة حيث تمت قراءة فصول من السيرة النبوية وكلمات لعدد من العلماء والدعاة تُوجت بمصافحة جميع المشاركين لشيوخهم وإخوانهم في موقفٍ مهيبٍ ومشاعرٍ فياضةٍ ودموعٍ واستذكار لهذه الأيام التي جمعتهم من بلدان وقبائل من مختلف الأعمار شباباً وشيوخاً وكهولاً ومن شتّى البقاع بشرق الأرض وغربها في إخاءٍ وصفاءٍ وتواد، منقطعين عن مشاغل الدنيا ودنسها ودسائسها، مرتبطين بمولاهم، وكأنّي بتلك الأيام ليست من أيام الدنيا الفانية.

ثلّةٌ اجتمعت من أكثر من اثنين وثلاثين دولة في هذه المدينة الغناء في صرح علمي شامخ ذاك هو دار المصطفى بتريم .. اجتمعوا على مقصدٍ سامي هو طلب العلم والارتباط بأهله ومن معدنه ومنبعه.. ومضت أربعون يوماً سريعةً، غير أنها حملت في ثناياه ذكريات إيمانية وقربٍ إلى الرب عز وجل وبأرواح زكتْ عن كل مظاهر الدنيا وشواغلها.. وفي شهر فضيلٍ ليُدركوا بذلك أجر الصيام وأجر طلب العلم فهم في سبيل الله..

من المصافحة والوداعوشهدوا في مدينة تريم أعراسها وعوائدها في شهر رمضان المبارك ونكهته الخاصة وما تمتاز به من ختوماتٍ وليالي قدرية، وكذا عيد الفطر المبارك وصوم الست من شوال وتبادلوا مع أهالي تريم التهاني والتبريكات بالعيد السعيد.. وزاروا خلالها بعضا من المعاهد العلمية والأربطة ومن أشهرها رباط تريم، وزيارة العلماء والفضلاء في مدينة تريم، لينالوا بذلك عظيم الأجر عند الله تعالى.. وهنا يحسن الختام كما حسُن الابتداء . ليعودا بعدها إلى أوطانهم سالمين غانمين ومزودين بكل خير..

الجدير بالذكر أن قناة الإرث الفضائية قامت بتغطية العديد من دروس وفعاليات هذه الدورة وكذا المواقع الالكترونية وإذاعة بث نور الإيمان من دار المصطفى  بالبث المباشر والنقل الحي مما انتفع به العديد من طلاب العلم والمحبين حول العالم ممن لم تمكنهم ظروفهم من الحضور فكان لذلك أيضا عظيم النفع .

من الطلاب الأجانب يقدمون شيئا مما تعلموهأربعون يوماً مضت وانقضت في العلم والمعرفة والتواصي بالحق وتواصي بالصبر، في بيئة إيمانية تعينُ على حُسن الاستقامة والالتزام بالأخلاق النبوية وتآخٍ في الله وتعاونٍ على طاعة الله. نسأل الله أن يحفظ لهم الخير الذي حصلوا عليه ويزيدهم من فضله ما هو أهله، ونستودعهم الله الذي لا تضيع ودائعه، وأدام لهم التوفيق والحفظ والرعاية وتبيلغ ما أخذوه من علوم وأخلاق إلى أهلهم ومن حلّ في أوطانهم .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص