الجريمة الوحشية المروعة التي ارتكبت مؤخرا في حضرموت بحق أربعة عشر جنديا من أبناء قواتنا المسلحة لا تستطيع كل لغات العالم وصف فضاعتها وقبحها وهمجيتها ومدى الانحطاط والسقوط الاخلاقي الذي وصلت إليه تلك الجماعات الإرهابية المتطرفة المتعطشة للدماء، التي عاثت في الأرض فسادا مستخدمة القتل والإرهاب كسلاح فتاك لزعزعة أمن واستقرار البلد وترويع اليمنيين وكسر هيبة الدولة.
جريمة شنعاء ومدانة بكل المقاييس والأعراف وبكل قوانين الأرض وشرائع السماء، مدان مرتكبوها ومن حرضهم ومن تواطئ معهم ولو بشطر كلمة، ومن قدّم التسهيلات والمعلومات، ومن تباطء في نجدة أولئك الأبرياء الذين لا جريرة لهم، وقتلوا بدم بارد ظلما وعدوانا، وكل ذلك يُلزم الحكومة وأجهزة الأمن والجيش بتعقب القتلة المجرمين والقصاص منهم والانتصار لأبناء القوات المسلحة الذين أثخن فيهم الإرهابيون أكثر من أي وقت مضى في ظل القيادة الحالية للجيش.
إن مكافحة الارهاب تبدأ من نزع سلاح المليشيات والجماعات الإرهابية المتطرفة واخضاعها للقانون وسلطة الدولة وكف يدها عن الشعب، وعدم اتاحة الفرصة لأولئك الإرهابيين بممارسة البلطجة السياسية حيث يمعنون في قتل اليمنيين وامتهان كرامتهم ثم يخرجون للتحدث باسمهم والدفاع عن حقوقهم التي كانوا هم أول من انتهكها وصادرها!!
ان الإرهاب مهما تدثر بشعارات براقة ومهما أدعى من مبررات إلاّ أنه يظل مدان ومرفوض في كل حالاته وأشكاله، كما ان تلك الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تبيحه لنفسها وتمارسه بذرائع مختلفة وصور شتى وتعدّه وسيلتها الوحيدة لفرض ارادتها وتصفية حساباتها وبلوغ أهدافها السياسية هي مدانة كذلك مهما بررت لنفسها وروجت لمشاريعها الصغيرة المناقضة لمشروع الشعب. لذا لا غروا أن نجد تلك الجماعات الإرهابية المسلحة وقد عزفت عن إدانة جريمة مقتل وذبح أولئكم الجنود الأبرياء في حضرموت، وآنىّ لها ذلك ولعنات ستين ألف جنديا يمنيا قتلتهم خلال مسيرتها القرآنية مازالت تلاحقها إلى اليوم!
ثمة مخاطر حقيقية شديدة التأثير على مستقبل اليمن ومستقبل أبنائه جراء استمرار مثل تلك الأعمال الإرهابية التي تمارسها جماعات التطرف والإرهاب بمختلف مسمياتها شمالا وجنوبا، إذ تمارس ارهابا منظما وعدوانا همجيا لا يستثني مدنيا أو عسكريا، محاولة المرور والتوسع عبر غطاء ديني وشعارات زائفة بينما يدها ملطخة بدماء عشرات الآلاف من اليمنيين، ما يستوجب التصدي لها وفضحها ليس من قبل أجهزة الدولة وحسب بل ومن كل قوى الشعب والقوى الوطنية المؤمنة بقيم السلام والإخاء والعيش المشترك.
إن المسئولية الوطنية والأخلاقية الملقاة اليوم على عاتق الحكومة والجيش والأمن والقوى المدنية وأطياف العملية السياسية مجتمعة تقضي بتسييج البلاد وحراستها- فكريا وعسكريا- من تغوّل جماعات العنف والإرهاب، ومحاصرة التطرف حيثما كان وتجفيف منابعه كضمانة لازمة للحفاظ على وحدة البلد ونسيجه الاجتماعي من التمزق وتجنيبه عوامل الاضطراب، ويأتي ضمن ذلك إجراء مراجعة فكرية شاملة لمنظومة الافكار والقيم المحفزة لسلوك تلك الجماعات المتطرفة ودحضها، والوقوف بقوة في وجه الفكر التكفيري الإرهابي وكشف مخاطرة.
وفي كل الأحوال فإن ترك أبناء القوات المسلحة والأمن- كما المواطنين تماما- نهبا للجماعات المتطرفة وفريسة سهلة للإرهابيين القتلة هي جريمة بحد ذاتها تستوجب المسائلة والعقاب ليبقى الوطن عصيا والحق مرعيا، فلا يستبد حينئذ اليأس بالمواطن البسيط فيقول لسان حاله "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد".
افتتاحية الإصلاح نت