الشعب قال كلمته

برهن الشعب اليمني، كعادته دوما، أنه على العهد لا يزال، وأنه سيبقى وفيا لمبادئ ثورته لا يفرط فيها، وسيظل قابضا على جمهوريته يعض عليها بالنواجذ لا يقبل المساومة عليها، وهو مستعد لبذل الغالي والنفيس لأجلها.

لقد مثلت الجمهورية بالنسبة لليمنيين انعتاقا من نير الظلم والاستبداد وخلاصا من قيد الذل والاستعباد، وهي بالنسبة لهم أحد الثوابت الوطنية العليا التي لا تنازل عنها، وعندما تتهددها الخطوب فهم لا يترددون أبدا في تحدي الصعاب وتحمل المشاق في سبيل الدفاع عنها.

قال الشعب كلمته، في مسيرته المليونية الكبرى- يوم 24 اغسطس- وأعلن التفافه حول الجمهورية وتأييده لمخرجات مؤتمر الحوار التي مثلت عنوان الإجماع الوطني والاصطفاف الشعبي وخارطة الطريق لمستقبل اليمن، فمن نكث بها فالشعب منه براء.

قال الشعب كلمته، لا لأدعياء الوطنية الزائفة المتاجرون بآلام الشعب، الرافعون شعار الزيف والتضليل، من يحاولون امتطاء معاناة الجماهير والتسلق على اكتافهم وصولا إلى غاياتهم الدنيئة وأهدافهم الرخيصة.

قال الشعب كلمته، لا لمن نصّبوا أنفسهم أوصيا وأسيادا عليه، ويريدون سوقه ورائهم ليقضوا به مآربهم ويبلغوا حاجاتهم ثم يعودوا لقهره واستعباده كما فعل أجدادهم من قبل، فحبسوه في ظلمات الجهل والتخلف قرونا، وجعلوا منه وقود حروبهم العابثة وصراعاتهم المريرة على كرسي الحكم، وهاهم أحفاد أولئك يحاولون أخذ اليمنيين معهم مرة أخرى وتكرار مآسيهم التي عاشوها طيلة ألف سنة.

قال الشعب كلمته، نرفض دعاة العنف والارهاب، من يعملون على ابتزاز اليمنيين وممارسة البلطجة السياسية وإملاء شروطهم ورغباتهم عليهم، من يكرسون لغة القوة والرصاص ويزرعون الاحقاد والفتن ويبذرون الصراعات والانقسامات والخلافات في أوساط الشعب الواحد.

إن الاصطفاف لأجل الوطن وحماية مكتسباته هو مسئولية كل اليمنيين وقواهم السياسية والاجتماعية والمدنية، إذ السكوت عن أولئك المقامرين الذين يدفعون البلاد نحو النفق المظلم ستكون عواقبه وخيمه وكارثية على الشعب، ما يحتم على الجميع إدانة العنف ورفض الأعمال المسلحة بما فيها حصار العاصمة وملئها بالمليشيات من قبل رجل الكهف وجماعته الإرهابية.

إن الحراك الشعبي الكبير والمسيرات المليونية التي شهدتها العاصمة وأغلب محافظات الجمهورية على طريق الاصطفاف الوطني وتنفيذ مخرجات الحوار كان بمثابة رسالة واضحة لأولئك المغامرين من لصوص الثورات القادمين من خارج العصر بأن الشعب يعي مخططاتهم وسيقف لهم بالمرصاد.

إن الاصطفاف في وجه العنف وجماعات التطرف والإرهاب التي تريد أن تخطف اليمن وتعيده خطوات إلى الوراء هو واجب الوقت الذي لا ينبغي تأخيره، إذ لا معنى للاصطفاف وقد سُرقت الثورة وسقطت البلاد في قبضة تلك الجماعات المتطرفة، كما أن الاحتجاجات السلمية تبقى أفضل الخيارات المتاحة واقلها كلفة، فالتعبير السلمي هو عمل حضاري ينبغي الإشادة به، إذ لا يمكن مقارنته بالحشود المسلحة التي تحاصر العاصمة وتهدد باقتحامها.

إن ما تقوم به مليشيات الحوثي من أعمال مخلة بالأمن واستفزازات للسلطة ورجل الشارع داخل العاصمة وفي محيطها إنما هو إرهاب منظم لا يجب السكوت عنه بل يستدعي الوقوف عنده بمسئولية وطنية من قبل الرئيس وحكومة الوفاق وكل القوى السياسية والاجتماعية والمدنية بمعزل عن الحسابات والمكايدات الحزبية، فالخطر الداهم يتهدد الجميع وكلنا على سفينة واحدة.

ويبقى على رعاة المبادرة الخليجية والمجتمع الدولي القيام بدورهم في الدفع بالعملية الانتقالية وتوفير شروط نجاحها بما في ذلك مخرجات الحوار الوطني، وعدم التهاون أمام العابثين ومعرقلي التسوية السياسية من الجماعات الإرهابية المسلحة التي باتت تمثل تهديدا حقيقيا ليس على اليمن وحسب بل والمنطقة ككل.

(افتتاحية الاصلاح نت)

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص