الدكتور محمد بن جمعان وأداء رسالة الإعلام

فلنبدأ بهذه المشاعر الحساسة، إذ لا أشك مطلقاً أن جميع طلاب الإعلام يقاسمونني إياها، ولو كانت بضاعة تُشترى ما تخلف عن شرائها منهم أحد. لقد صحوتُ هذا الصباح وأنا أفكر؛ كم نحن محظوظون أن يكون لنا أشخاص أمثالكم في الحياة، في زحمتها التي لا ترحم، محظوظون لأننا ظفرنا بمعادن نفيسة لا يمكن أن تقدر بثمن.

يبدو لي أن القلم يقف في مثل هذه اللحظات الوداعية، فما أصعب أن تعجز الأنامل عن أن تعبر عن مكنونات النفس واختلاجات الضمير، أياً كان الأمر فلا بدّ من كلمة لأن اللحظات المؤلمة مهما تناءينا عن الهروب منها فإنها ستدركنا؛ شئنا ذلك أم أبينا، لا يبقى حينها إلا الذكريات الحلوة، والعشرة الجميلة، وليس سراً أن نبوح بها، بل هو الفخر كل الفخر.

تذكرت بداية دراستنا في السنة الأولى من افتتاح قسم الصحافة والإعلام، وكيف أن الدكتور محمد بن جمعان تلقانا بترحاب وود منقطع النظير في ظروف صعبة، كان القسم في بداية المسيرة، وكانت الضغوط النفسية تسيطر علينا حتى إنني أذكر كيف أنني قسوتُ عليه في بداية الأمر، لكن سعة البال التي كان يعاملنا بها كانت كفيلة بأن تجعل المرء يراجع حساباته مجدداً.

تعاملنا مع الدكتور محمد بن جمعان عن كثب، فوجدناه نعم الأستاذ والأخ والأب والصديق، ولعله يحسن بي في هذه الوقفة الجليلة أن أذكر أنه كان رغم علمه وجهلنا، وتأنّيه واندفاعنا، وسعة صدره وضيقنا، وحلمه وحماقتنا، إلا أنه كان يسعى جاهداً ليرينا ألا فرق بيننا وبينه، يؤاخينا ويصارحنا، بل ويحرص في أحيان كثيرة أن يعرف حتى نفسياتنا وممَّ نعاني، ليساهم حتى في حل مشاكلنا الخاصة، ولي شخصياً معه في هذا الأمر وقفة لا أحسبني أنساها مهما حييتُ.

د. محمد بن جمعانأدهشني هذا الأمر، واستهوتني الأخلاق التي يتحلى بها أستاذنا الفاضل محمد سالم بن جمعان حفظه الله، في وقت كنا نسمع فيه بالكثير والكثير من الشكاوى من جانب الطلاب في تخصصات وكليات أخرى يشتكون من تعامل بعض الدكاترة وغطرستهم وسوء أخلاقهم، لكننا كنا على النقيض من تلك الحالات، فكنت أقول لنفسي حقاً إننا محظوظون ليقود رحلتنا في قسم الإعلام والصحافة رجل رقيق المشاعر، خفيف الروح بل وسريع الدمعة، وفوق كل ذلك فنان في امتلاك القلوب والأخذ بتلابيب الأرواح لتبادله حباً بحب.

لقد تشرف الأستاذ محمد سالم بن جمعان بتخريج الدفعة الأولى من إعلاميي وإعلاميات وصحفيي وصحفيات حضرموت، وهو الأمر الذي كان يتمناه وعمل له جاهداً طوال سنوات أربع، واليوم نراه فرحاً مستبشراً بحصاد زرعه وقطف ثمرته التي تولاها بالرعاية والاهتمام طوال هذه المدة، لكن الأمر المهم بنظري كيف نسعى لأن تظل أواصر الحب متواصلة وأسباب التواصل موصولة حتى بعد التخرج مع هذه القامات الرفيعة.

يلحّ علي القلم أن أنهي مستنداً بالقول" خير الكلام ما قلّ ودل"، وكون المشاعر إذا تمادت تصير نوعاً من التزلف والفجاجة، لكنني أحسب أن كلماتي تلك لم تكُ إلا خارجة من قلب ووالجة إلى قلب من يقرأها.

تحياتي إليك أستاذي الحبيب محمد سالم بن جمعان، وتحياتي إلى كل من تعلمنا على أيديهم الطاهرة وسمت قلوبنا إلى محاريب معارفهم النابضة، داعين الله لهم بطول العمر ودوام الصحة والبركة في علمهم وجهدهم، فمنذ أن عرفناهم لم نشهد منهم إلا كل خير.

 بقلم : أحمد عمر باحمادي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص