عام حل وعام رحل ،وعلى عتباتهما يقف المرء وقفة تدبر وفحص وعتاب. كم تمر على المرء الأعوام والحال هي هي!! لا يتغير ولا يتبدل عما هو فيه فإذا كان العام الهجري الجديد، قال: هذا هو العام الجديد، ولكن أين الجديد من أفعالك؟ أين الجديد من أقوالك؟ أين الجديد من سلوكياتك ؟. أين الجديد من أفكارك ؟ أين الجديد من أخلاقك ؟! ما الذي سنحمله إلى العام الجديد؟! هذا هو السؤال الذي لابد أن نصارح أنفسنا به مصارحة حقيقية وواقعية . وما لم نعود أنفسنا الصدق والمصارحة فإننا سنعيش في حدود المغالطات ،والحيل الدفاعية ،والأعذار الوهمية نغالط بها أنفسنا.
مشكلتنا الحقيقية هي في الإنسان !! نعم الإنسان ، ومالم يتغير الإنسان فلن يتغير شيء. إن أبرز ما افتقدنا في عامنا المنصرم ذلك الإنسان المسلم بقيمه ومبادئه وأخلاقه ، بأفعاله وتصرفاته ،غاب إنسان القيم وأرجو الا يغيب في عامنا الآتي.
فلنحمل إلى عامنا الجديد قيما افتقدناها بل تجاهلنا الكثير من مفرداتها ، وعندما غابت عنا شعرنا بفراغ كبير فما أقسى الحياة عندما تغيب القيم ، وتغادر الأخلاق ، وتخفت المبادئ . (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي ، فاصنع ما شئت) والحياء سياج القيم وسورها فإذا انهدم دُمرت معه باقي القيم.
تعجبني فكرة: أن نمحي الغلطة من أجل "استمرار الأخوة" وليس أن "نمحي الأخوة" من أجل غلطة . عودوا أنفسكم أن تكون أيامكم: احترام ، إنسانية ، إحسان ، تسامح ،تفاهم ، حياة صافية ، فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها. إننا اليوم أحوج ما نكون إليه إلى قيم تعلي قيمة حياتنا ،وأخلاق نعيش بها مع بعضنا ، ألم نفتقد القيم والمبادئ في عامنا المنصرم ،ألم نفتقد أساسيات الأخلاق وكبار المبادئ فما الذي حصدناه ؟!.
احملوا القيم إلى عامكم الجديد تصنعون منه عاما مليئا بالحياة ،مليئا بالحب ،مليئا بالاستقرار، إن أردتم. بالقيم أنت إنسان وبدونها تتجرد من إنسانيتك.. وشأنك عندها أن تخرج من عالم الإنسان إلى حظيرة البهائم. لا شيء يعدل القيم إن قررت استبدالها. فأنت تستبدل إنسانيتك لتعيش بيننا كائنا آخر لا ينتمي لهذا المخلوق المكرم بالقيم.
في عامك الجديد تغذى على القيم ، وارضع من ثديها ، واجعلها جليسك الدائم، وماؤك العذب ، تشربها ، تشبع منها ، ارتدِ ثوبها، عشها، اجعلها كل شوارعك، وطرقاتك ،واشاراتك ،وتحركاتك، اجعلها بيتك ، وظيفتك ، عملك ... قد تعاني مع من حولك لكنك تعيش إنسانا كما خلقت ، مكرما كما وصفت. إننا نحتاج في عامنا الجديد إلى أنسان القيم.
بقلم: الخضر بن حليس