رسالة مواطن يمني للمنتخب الوطني

سأعترف لكم بأنني ومن قبل يومين فقط لم أكن من هواة الرياضة ولست من عشاقها أصلا غير أنكم منذ يومين فقط قد فتنتموني بها وأنعم بها من فتنة إذا كانت بمثل ما افتتنت به .

 

لقد أفتتنت بحب الوطن حينما أعدتم في نفوس ملايين اليمنيين له الاعتبار ولو من باب الرياضة .

وطن وجدنا فيه بسببكم أن ثمة أشياء كثيرة لا تزال تبعث على الأمل والخير والحب والجمال .

 

دعوني أسلم عليكم فردا فردا ، وأقبل رؤؤسكم شخصا شخصا ، وأدق لكم ألف تحية وابعث إليكم ألف سلام .

 

سلام الله عليكم يوم أن ولدتم لنا أملاً جديداً من رحم اليأس وصنعتم لنا فرحاً سعيداً من أعماق الحزن وأنتجتم لنا حلماً جميلاً في زمن الكوابيس المرعبة .

 

سلام عليكم يوم أن وحّدتم قلوباً قد تناثرت ، وانرتم طريقاً قد أظلمت ، وفتحتم نوافذَ وابواباً قد أوصدت .

 

سلام عليكم يوم أن أعدتم للشفاه بسمةً قد فارفتها منذ زمن ، وللعيون بريقاً قد غادرها بفعل المآسي والمحن ، وللنفوس السعادة ، وللأروح الصفاء ، للصدور الإنشراح .

 

سلام عليكم يامن جمعتم شتاتنا ولميتم صفنا ووحدتم رايتنا ومقصدنا وأنسيتمونا ولو لحين مازرع الفاسدون من ضغائن في قلوبنا ضد بعضنا وفيما بيننا .

 

سلام عليكم أيها الأطباء الذين مسحتم بأيديكم على جرح الزمن الغائر في جسد الوطن المثخن بالجراح فأوشك أن يلتئم ويتماثل للشفاء .

 

سلام عليكم أيها الساحرون الذين رتلوا تعويذة الحب الإخاء فكادت أن تذهب الحقد والبغضاء والحسد الذي ملأ الصدور ردحا من الزمن .

 

سلام عليكم مثل أب حنون صنع عشاً يأوي إليه جميع أبناءه بعد طول شتات .

 

سلام عليكم مثل أم رءوم احتوت بدفء حضنها أطفالاً طالما عانوا فقدان عطف الأمهات منذ فقدوا المعيل .

 

سلام عليكم وانتم تتحركون وسط المستطيل الأخضر كفراشات تنسج الأمل مع كل تنهيدة تتنهدون بها من التعب ، وتحيكون خيوط راية الوطن بكل ضربة قدم تطئون بها الأرض او تسددون بها القدم نحو الهدف .

 

سلام عليكم عندما كنتم قبلة الناظرين من أهلكم ، ووحدة المقصد من خمسة وعشرين مليون إنسان محب لكم من شعبكم . وكنتم محط أنظار العيون حينما نظرت مجتمعه ومهبط الأفئدة حينما اتجهت متقفة ولم تتفق على شيئ منذ زمن مثلما اتفقت تلك الساعات عليكم تبارككم بقلوبها وتحفكم بدعواتها وتهتف لكم بألسنتها وأفواهها . . موحدة المقصد والهدف والغاية والمنى والوجهة في زمن كرهت فيه شيئ أسمه الوحدة .

 

حاولتم أن تصلحوا خلال دقائق معدودات ما أفسده الساسة خلال عشرات السنوات .

 

لقد أعدتم لنا الزمن الجميل ولو للحظات يوم وحدتم الشعب اليمني على المدرجات لنتذكر ما حصل منذ زمن يوم ان توحد الشعب على نفس المدرج وهو يهتف بصوت واحد : بالروح والدم نفديك يايمن . قبل ان يفسد الساسة المستأجرون والأنانيون تلك الوحدة ويفقدوها بريقها ووهجها وجمالها بسبب جشعهم وجشع أبناءهم ونساءهم الذين اختزلوا قيمة الوحدة بسلطة زائلة أو أموال طائلة و كروش و عروش و قروش . وهذا هو فعل الكواسر والوحوش .

 

فحذاري أن يفسد الساسة نقاوة صنيعكم حينما يتهافتون كفراش الظلام الدامس حينما يرى وهج النور المنبعث من حسن صنيعكم .

 

إياكم أن تلوثوا جميل صنيعكم الطاهر هذا بإهدائه لأحد غير الوطن الكبير والمواطن البسيط وكفى بالوطن والمواطن مستحقا لكل هدية وعطاء وتضحية وفداء . فإياكم ثم اياكم ان ترخصوا هذا المجد الذي صنعتموها بجدكم واجتهادكم وصبركم ومصابرتكم ودعوات شعبكم إياكم أن يشتريه منكم احدهم بثمن بخس او بإتصال هاتفي رخيص وتنسون الوطن المتمثل في كل طفل أو امرأة أو كهل أو رجل بسيط .

 

إن ما فعلتموه اكبر من ان يختزل في حزب او جماعة او زعيم او رئس او وزير .

 

هؤلاء جميعا لا يساوون سعادة أصغر طفل فرح في احدى الحواري الفقيرة في ضاحية مدينة من مدن اليمن من صعدة المجروحة غرباً إلى المهرة البائسة شرقا .حينما كان يتابع روائع صنيعكم

 

هؤلاء جميعا لا يساوون بسمة امرأة بدوية فقيرة في جبال اليمن المترامية وهي سعيدة برؤية ابتسامة ابنها العائد من متابعة مباراتكم على تلفاز بيت الجيران وهو يهلل لقد فاز منتخبنا . وهي لا تدري ما منتخبنا وما الرياضة وما عشقها فلديها ما يكفيها من الهموم والمشاغل لكنها تدري بأن ابنها فرحان فتفرح لفرحه .

 

هؤلاء الساسة جميعا لا يساوون نصف ثانية وقفها عامل مغترب تحدى الظروف والحتوف وقسوة الدوام والعمل والكافل والكفيل ليؤازركم بدافع حب الوطن والاعتزاز بالانتماء لأرض اليمن وهو مستعد لدفع الثمن من جيبه الخاص وليس من خزينة الوطن المسلوب ولا من رصيده البنكي المنهوب من أقوات الشعوب .

 

وأخيراً أقول لمنتخبنا موعدنا يوم الأربعاء القادم وانتم تواجهون إخوانكم في المملكة . فلا تنسوا ان أسمى غاية لهم ( هم ) هو مجرد بسمة وترف وضحكة عابرة يزرعونها على وجوه أهلهم وشعبهم الذين هم في الأصل لا تكاد تغادر وجوههم البسمة ولا نفوسهم الفرحة وهم ليسوا في أمس الحاجة هذه الأيام لها كحاجة شعبكم وأهليكم لها . لاتنسوا أيها الرجال بأنكم اليوم محط انظار شعب وجد فيكم أمل كاد يتلاشى ليصبح يأساً . وحب كاد يذبل ليصبح حقداً ، ووحدة شعب كادت تموت لتصبح تمزقا وشتاتاً ، وسلماً كاد ينتهي لتحل محله حرباً وخرابا .

 

إنكم أيها الرجال الأبطال اليوم تعيدون دفئاً بين اليمنيين فقدوه منذ زمن يجد حرارته من يقفون فوقكم في المدرجات وان كذبتموني فسألوا أي واحد منهم .

 

أيها الأبطال : وانتم تلعبون أرجوكم كلما شعرا أحدكم بشدة التعب والوهن يتسرب إلى مسام جسده فليختلس النظر سريعا إلى المدرجات المكتظة فوق رؤؤسكم بأهلكم وإخوانكم وحبائبكم لتروا اليمنيين قد تناسوا بسببكم خلافاتهم فلا تخيبوا فيكم أملهم بعد ان خيب الساسة ضنهم وأوصلوهم إلى مهالك المجهول الذي،ينتظرهم .

 

أرجوكم إذا شعرتم بالتعب والأرق يفعل فيكم فعله ان تتخيلوا اكثر من خمسين مليون عين يمنية صنعتم انتم فيها بريق أمل وهي ترقبكم بكل حب وشغف وقلق وأمل وطموح وتحدي وعنفوان فلا تطفئوها بضربة طائشة او ركلة غير موفقه .

 

كونوا فريقا واحداً موحداً تجسدوا لحمة وطن يريد أن يتعافى على أيديكم .

 

أرجوكم أن تتخيلوا أهلكم في كل أصقاع اليمن والشتات من اندونيسيا والهند شرقا ، إلى مغتربين أوباء وأمريكا غربا ، إلى المارون في جنوب أفريقيا جنوبا ، والهائمون في كل أصقاع الأرض يطلبون العيش بكرامة وخشونة ورجولة ويأبون أن تدنس كراماتهم وهيبتهم ويتمنون العودة إلى وطنا قويا زاد حنينهم له كي يجمع شملهم وينهي شتاتهم . تذكروا أهلكم في الداخل في كل مدنه وبواديه . وسهوله ووديانه وجباله وسواحله وارخبيل جزرة المتناثرة في صدر البحر وعمق المحيط . كلهم كجسد واحد قد التئم صفهم خلفكم وبسببكم فلا تخذلوهم وحاشاكم .

 

ادري ان مهمتكم يوم غد الأربعاء مع الأخضر صعبة لكنكم أثبتم بأنكم تقدرون لو أردتم بتوفيق الله ودعواتنا لكم .

 

أنا لست رياضيا لكن الذي دفعني للكتابة في شأن رياضي هو ما رأيته يوم الأحد الماضي في شوارع مدينتي المكلا حاضرة حضرموت قد غير رأيي تماما ً . لقد رأيت شوارعا مسدودة وجماهير غفيرة تحتشد أمام شاشات عملاقه وهي تهتف لكم .

 

لم أصدق أن في ساحة اعتصام الحراك الجنوبي قد هتفوا لكم وقام شيخ كبير معتصم وهو يقول لا دخل للسياسة في الرياضة وهتف الجميع للمنتخب اليمني بشعور أو بغير شعور ليثبتوا أن الحب والخير والتسامح مغروس فذ نفوس الجميع مهما حاول المجرمون قتله في النفوس وان الذنب فقط يقع على من دمروا الحلم وعليكم اليوم تقع مسؤولية إصلاح ما أفسده المفسدون .

 

أتمنى بجميل صنيعكم أن أرى مدرجات استاذ الملك فهد عليه رحمة الله تتجسد عليها اللحمة الوطنية ويعود المشهد الرائع الخالد الذي جسده الجمهور اليمني في مباراة عام 1984م في مدرجات ملعب الملز حينما توحد الشعب اليمني شمالا وجنوبا وقتها قبل أن تتوحد الأوطان .

 

فهل تصلحوا اليوم ما أفسده الدهر . ونسمع هتافا موحدا يهز المدرجات ( بالروح بالدم نفديك يايمن ) وننسى خلافاتنا إلى الآبد .

اللهم آمين .

بقلم : محمد بالطيف 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص