حوارات الإصلاح الحالية والمستقبلية

الحوارات واللقاءات بين القوى السياسية ليست ترفاً ، ولا عملا استعراضيا ولا للاستهلاك الإعلامي.

المؤكد انه لا يذهب أي طرف سياسي للحوار إلاّ مدفوعا بأهداف يريد تحقيقها ، وهي ما بين مفسدة يدفعها ، أو مصلحة يجلبها ، أو الأمرين معا منها ما يخصه هو ، ومنها ما هو متعلق بالوطن برمته.

منطق الاشتغال السياسي هو التفاؤل ، وهذا يعني أن لا خيار أمام جميع فرقاء المشهد السياسي اليمني ، سوى مزيد من الاشتغال السياسي ، بقوة المنطق لا منطق القوة.

 

ربما شكل إعلان  خبر لقاء جمع قيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح ، بزعيم جماعة الحوثي في محافظة صعده ، في 28 نوفمبر 2014م صدمة لدى البعض ، خصوصا انه جاء مقتضباً وانه جاء لطي صفحة الماضي ، والتوجه نحو بناء الثقة والتعاون في بناء الدولة ، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة.

وأضاف الخبر أن الجميع أبدوا رغبتهم في التعاون والتعايش ، عملاً بمبادئ الإسلام الحنيف التي تدعو إلى الأخوة والمحبة والسلام ، واستشعاراً للمسؤولية الوطنية والأخلاقية والمخاطر المحدقة التي تحيط باليمن ، مؤكدين استمرار لقاءاتهم.

لم تكن رغبةً إصلاحية منفردة ، بل رغبة حوثية مقابلة لها ، وبالتقاء الرغبتين ، تم اللقاء والتفاهم .

و الإصلاح يجدر به وهو يعيش تجربة طرية بين يديه أن لا يظل يعدد خلال هذه الفترة إيجابيات الحوار مع الحوثيين بذات الطريقة التي كان يعدد بها إيجابيات حوارات صنعاء خلال الثلاث السنين السابقة ، وهي الحوارات التي صرف إليها كل جهده وتركيزه ليفاجأ آخر المطاف بذلك المخطط الذي أطاح بكل تلك الإيجابيات في يوم وليلة.

يفترض بالإصلاح اليوم أن لا يظل في مقرّه بانتظار قدوم الفاعلين السياسيين في البلد إليه ، بما في ذلك المؤتمر الشعبي ، فضلا عن الشركاء في المشترك والحاجة لتفعيل الصلات معهم ، وأظن الإصلاح يدرك ذلك جيدا.

 

قرار "الإصلاح"، في لحظة ما ، انسحابه من المجابهة في 21/9/2014م في صنعاء صائب ، بعد أن اكتشف أن ثمة مؤامرة محلية وإقليمية ودولية تستهدف جرّه إلى حرب طاحنة مع مليشيات الحوثي ، لضربه ، أو لضربهم ببعض.

 

أن تفاهم حزب الإصلاح مع جماعة الحوثي .. بلا شك سيكسب الإصلاح من هذه اللقاءات ، تخفيف حجم الضغط الذي يواجهه ، حزباً وأفراداً ، وكان واحدا من مطالب إلاصلاح لجماعة الحوثي ، عدم الاعتداء على مقراته ومنازل قياداته وإطلاق سراح معتقليه لدى الجماعة..وقطعاً ، كما هي مسلمات علم السياسة ، لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة ، ومما لا شك فيه أن الكاسب الأول والأخير هي اليمن التي تحتاج تجنيبها مزيداً من المواجهات والاقتتال بين أبنائها.

بإقدام الإصلاح على هكذا خطوة ، مفاجئة ، لا شك أنه يواجه داخليّاً عدم قبول كبير لهذه الخطوة ، من قواعده ومن الآخرين ، وقد حدث مثل ذلك عندما بدأت أللقات مع الحزب الاشتراكي في بدايات تكوين المشترك وقال أعدائه ؛ كفر الإصلاح او اسلم الاشتراكي .. وثبت أهمية هذا التقارب بينها للحفاظ على البلاد ..

 

و في عمران وغيرها عندما  كان الحوثيون يستهدفون الإصلاحيين ومقراتهم في منتصف2014م قال الجميع بما فيهم قيادة الجيش أنها حرب بين الإصلاح والحوثي وفرحوا بها وعلقوا عليها آمالا للتخلص من الاصلاح .

 

هذه الخطوة الإصلاحية يحلُّوا لبعضهم تفسيرها بأنها انحناءة إصلاحية أمام عاصفة المؤامرة المحلية والإقليمية والدولية التي استهدفته ، ومحاولته امتصاص تلك الضربة التي أُريد بها أن تنهي قوته ، باعتباره أكبر الأحزاب السياسية التي وقفت سنداً لثورة 11 فبراير 2011، تماشيا مع المشهد الدولي العام لضرب قوى ثورات الربيع العربي وحوامله. و هذا القول ، هو أقرب إلى الواقع ، فإن خطوة الإصلاح ستحدث إرباكاً كبيراً لأطراف عدة في الداخل والخارج ، بالنظر إلى أن ما حدث ، يوم 21 سبتمبر الماضي ، كان بمثابة صدمة للجميع ، حتى الذين كانوا على اطلاعٍ بمهمة الحوثي مسبقاً ، باعتبارها مهمة لتخليصهم من حزب الإصلاح ، بل مضى وتمادى في إسقاط الدولة كلها .

كان  الإصلاح  والحوثيين خلال السنوات الثلاث الماضية لم يكونوا يشعرون بالحاجة للحوار الثنائي ، معتقدين  بكفاية الحوار العام الذي كان يجري في موفمبيك بصنعاء والحقيقة انه كان بالتوازي ينفذ مخطط من تحت الطاولة ، وما إن انتهت تلك الحوارات حتى كان المخطط الخفي قد اكتمل ، وإذا به يطيح بكل شيء.

 

ربما يثمر هذا الحوار تفاهما أوسع يكون داعما لتنفيذ مخرجات الحوارات والاتفاقات السابقة ، ويثمر تعافي العملية السياسية بعد الضربات التي تعرضت لها ، وإن كان الحفاظ على الدولة هو العنوان والهدف الذي يجب أن يظل الأبرز عند فرقا  العمل السياسي في بلادنا ..

بقلم المهندس : عبدالحافظ يسلم خباه

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص