زيارتي لرباط العلم الشريف هــل يعـيد ســيئون إلى سـابق أمــــجادها العـلمية

تشرفتُ بزيارة رباط العلم في ساحة الرياض بمدينة سيئون وقد أوشكت توسعة عمارته على الانتهاء  . ولقيت عند القائمين عليه طموحاً منقطع النظير  ، وانفتاحًا جميلا ، ورغبة جموحة في إعطاء الأولوية لأهل البلد قبل أن يفتحوا الفرصة للعشرات من الخارج الراغبين في الالتحاق بالدراسة فيه ، والحقيقة أن الأقربون أولى بالمعروف فهل يتفهم الشباب والشيوخ ، طلاب العلم والعلماء طوق نجاة هذه الرغبة التي تعيد سيئون إلى سابق مجدها ؟ الأمر يتطلب جادة من كل غيور وراغب ومتحمس إلى هذه الأمنية  ، ويتطلب فتح حوار وتواصل وتعاون في المتفق عليه ، لا بدَّ من مساعٍ.

رباط العلم الشريف بسيئون1المهمة الأولى  إننا بحاجة إلى تجديد وإحياء التعارف والتفاهم : والاحترام المتبادل للرأي ، والتقارب ونبذ التكفير لمن يشهد أن لا إله إلا الله ، أو التفسيق والتضليل لمن كان مجتهداً وفق منهج السلف الذي عليه الجمهور لا على ما شذّ من أقوال أهل العلم  . لا بدَّ من مساعٍ صادقة من الجميع دون استثناء لتدعيم المتفق عليه . فمن أخطر ما نعانيه اليوم الانقسام والتمترس خلف الأوهام والشطحات والتصنيف الغبي الذي سنسأل عنه يوم لا ينفع مال ولا بنون .

 المهمة الثانية الاستفادة من تقنيات العصر الحديثة :  وقد تمَّ تصميم قاعة عامة في الطابق الثالث للرباط لعقد الملتقيات العلمية يمكن الاستفادة منها في كثير من الأنشطة .   

 المهمة الثالثة تاريخنا ملئ بالعلماء النابهين : القضاة والمفتين وعلماء التاريخ والسير والفقه والنحو والمحدثين وعلماء الاجتماع والتربية ، ويحتاج أن نضع  سيرهم بين يدي طلاب العلم والدراسات المتخصصة لإبراز جهودهم العلمية إجلالًا وإكبارًا وتعظيما  .

 المهمة الثالثة نحن مطالبون بعودة الإسلام : قولًا وعملًا واعتقادًا وسلوكًا ومنهاجا إلى حياة الأمة بمعناه البسيط النقي البعيد عن الفلسفات والتنظير المفبرك  ، لا بدَّ من قبول الآخر للارتقاء بالمجتمع الوسطي المعتدل الذي تتنافس عليه  أطراف الغلو والتطرف يمنة ويسره ، وربما جرفت الجميع موجاتها ، وعندها لا ينفع الندم .

 المهمة الرابعة الاعتماد على المدرسة النظامية وحدها لا يكفي : لإعادة صياغة الأمة ، فلا بدّ من المدرسة المكملة المجانية التي تردم الفجوة مع المدرسة النظامية ومع الإعلام . تهتم بالفرد من كل الأعمار والأجناس داخل المجتمع ، تحافظ على هويته ووسطية عقيدته وثقافته ، وتعدّه محترمًا لتقاليده ، إنسانًا صالحًا ، مساهمًا بإيجابية في بناء مجتمعه ، رسول سلامٍ ودعوة الحق ، جسرًا لخدمة الإنسانية جمعا ، مبشرًا بالخير داعيًا إليه بسلوكه قبل قوله وفعله ، كما فعل أسلافه تماما .  

 رباط العلم الشريف بسيئون2المهمة الخامسة صياغة منهاج مناسب : أو سلّم تعليمي لكل مادة تدرس ، وهذا لا يكفي فلا بدَّ من إسناد ذلك بالمعلم المؤهل الكفء المتحمس ، فإن المنهاج وإن كان مناسبًا إلاّ أن ضعف حماسة المعلم له تميت ما فيه من حيوية ، بينما المنهاج الرديء إذا توفر له المعلم الكفء والمتحمس فإنه يبعث الحياة فيه .

  هذه أمنيات صغتها في مهام لإحداث نهضة علمية في مجتمعي ، وشغفي كبير أن تستعيد سيئون مكانتها العلمية المرموقة التي امتدت إلى بلدان الجوار في يوم من الأيام ، وكان رباط العلم الشريف هو منطلقها .. فكانوا سفراء صدق وجسور معرفة إلى دول الجوار ، بل إلى جنوب شرق آسيا وسواحل أفريقيا الشرقية .

فهل تتحقق هذه الأمنية ؟

بقلم الاستاذ : محمد يسلم بشير

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص