حضرموت اليوم / احمد باحمادي
من بين وهج الصراع في اليمن، وكما يُقال " من شرارة واحدة يشتعل القش اليابس"، اشتعلت موجة نزوح إخواننا وأشقائنا الصوماليين إلى وطنهم الأم، فبعد أن كانوا يرون في اليمن وطنهم الثاني والملاذ الآمن لهم من الحروب الأهلية التي اندلعت في بلادهم منذ العام 1991م، هاهم اليوم يعودون أدراجهم ـ بعد أن فقد الكثير منهم موارد رزقهم وأعمالهم وتقطعت بهم سبل المعيشة الكريمة ـ إلى حضن بلدهم بعد غياب دام طويلاً، ليعلنوا أمام مآسيهم المريرة نهاية المسار، وختام ذكريات من الآلام والآمال عاشوها في بلد الإيمان والحكمة. جمعية الأسرة السعيدة و بدعم من ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية ظهرت كخير منقذ وخير محقق لطموحات وآمال هؤلاء العائدين لأوطانهم، فكان لها دور كبير وجهد متميز في حملات الإغاثة عموماً، وهذه الحملات على جهة الخصوص، إذ قامت بإجلاء اللاجئين الصوماليين الى وطنهم بدءاً من ترتيب أمور نقلهم من مكان الإيواء إلى صعودهم الباخرة عبر خمس رحلات بحرية بالسفن ضمت آلافاً من الأسر والأفراد، بتعاون ملموس من أبناء الجالية الصومالية وبالأخص جمعية سعادة اللاجئين وجمعيتي دار البر وجمعية دار السلام ، فكانت تلكم الرحلات الميمونة كمن لديه حكاية جميلة أراد أن يحكيها للسامعين بكل فخر وانتشاء. ميناء المكلا كان محطة الانطلاق إلى الوطن الأم، فبعد توافد الكثير من الصوماليين ونزوحهم بشكل جماعي كبير من محافظة عدن والمحافظات المتضررة قبل أكثر من شهر لتدهور الأوضاع هنالك، حانت ساعة رحيلهم، ومن خلال خمس رحلات متتالية قامت على تهيئتها وتنظيمها وتنسيقها وتنفيذها جمعية الأسرة السعيدة الخيرية بالمكلا بدعم وتمويل من ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية وبتنسيق من اللجنة العليا للإغاثة بساحل حضرموت . انطلقت السفن تمخر عباب البحر، وتستحث السير بين أمواجه الزاخرة الزرقاء لتعيد النازحين إلى أوطانهم، ولترى على محيا الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والرجال التماعات الأمل وشعاعه المتألق فرحاً بالعودة إلى مدارج الصبا. مئات الراحلين عبروا عن امتنانهم العميق وشكرهم الفائق لحسن التعامل وكرم الضيافة التي أولاهم إياها أهل حضرموت، ومثلما هم راحلون إلى مواطن الأمن والأمان فقد لهجت ألسنتهم بخالص الدعاء إلى المولى جلّ في علاه لأهل حضرموت خاصة واليمن عامة أن يمن عليهم بالأمن والاستقرار. ولسنا بحاجة إلى القول أن الجهود التي بذلتها جمعية الأسرة السعيدة الخيرية بالمكلا بدعم وتمويل من ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية وبتنسيق من اللجنة العليا للإغاثة بساحل حضرموت، هي جهود جبارة ومساعٍ مشكورة، فلغة الأرقام خير معبّر عن ذلك، فإجمالي ما تمّ إجلاؤهم حتى هذه الحملة حوالي (3246 ) لاجئاً ، كل ذلك بالتنسيق مع سفارة الصومال التي اندهشت من جهود هؤلاء الأخيار في ائتلاف الخير وعلى رأسهم جمعية الأسرة السعيدة الخيرية المنفذة وعملهم الراقي والمنظّم، فما كان منها إلا أن قدمت لهم شهادة شكر على جهودهم الكبيرة مبادرتهم الإنسانية، كما تسلموا رسالتي شكر من محافظ ولاية بوصاصو وسفير جمهورية الصومال عبروا فيها عن امتنانهم للمبادرة الإنسانية التي تبنتها ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية وجمعية الأسرة السعيدة تجاه اللاجئين الصومال وإجلاؤهم الى موطنهم. وبوصول اللاجئين إلى أرضهم بسلامة الله وتوفيقه، واستقبالهم من قبل أهلهم وذويهم وحكومتهم، فإن الراغبين بالعودة كثير، وأعدادهم تتزايد يوماً عن يوم، ومن هنا فقد ناشد الناطق الرسمي لائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية؛ منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها الإغاثية والحقوقية بالتدخل العاجل والسريع لإجلاء ما تبقى من اللاجئين الصومال الراغبين بالعودة الى بلادهم، وأشار إلى أنه يوجد أكثر من ( 3000 ) لاجئ منهم بحاجة إلى العودة الى بلادهم مع توقعات متصاعدة بتصاعد وتيرة الأحداث الدائرة في اليمن.